"معاملة الجرار"... فعلاً غربة.. بقلم: ميساء نعامة

"معاملة الجرار"... فعلاً غربة.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٣٠ أغسطس ٢٠١٤

في بدايات عقدي الثاني, سجلت مسرحية "غربة" للمبدعين محمد الماغوط ودريد لحام نجاحاً منقطع النظير.
في تلك الأيام لفتني في المسرحية "معاملة الجرار" وكنت أرى الجميع من حولي يضحك على ما جاء في مشاهد "معاملة الجرار" وكيف دخلت المعاملة في متاهات البيروقراطية القاتلة غاب صلب الموضوع عن معظمها أي "الجرار".
 المهم كنت أضحك في حينها لمجرد الضحك، لكني اليوم أستحضر المشاهد المتعلقة بمعاملة الجرار بكامل الأسى والحرقة، القصة باختصار أنّ جمعية نادي المراسلين الشباب الأهلية استطاعت بصفر إمكانيات أن تقدم أعمالها وتنزل إلى الشارع وتتابع نبض الشارع من خلال مجموعة من الشباب المتطوع "12 شاباً وصبية" وبالهدف الكبير والإمكانيات المتواضعة استطاع النادي أن ينتج أعمالاً لو أنّ التلفزيون السوري ينتجها لرصد لها الملايين.
ما علينا...
المهم أنّ إدارة الجمعية أرادت أن "تسكج" أمورها المالية المتدهورة بسبب فواتير الكهرباء والصيانة وتبديل قطع وفواتير مازوت وغيرها عن طريق الدعم الإعلاني "الإعلان على الموقع التابع للجمعية" وهون بلشت معاملة الجرار".
 أولاً: الموضوع يحتاج إلى موافقة لجنة الدعم الإعلامي في وزارة الإعلام واللجنة مشكورة أعطتنا الموافقة وحوّلت الموضوع إلى وزارتي الصناعة والسياحة.
السيد وزير الصناعة وافق مشكوراً لكن متابعة المعاملة من قبل شباب الجمعية أدخلتهم في متاهة المديريات على مدار الشهر، الموافقات موجودة لكن الجرار ضائع.
السيد وزير السياحة.. الوزير وافق مشكوراً لكن مدير الترويج قال بالحرف: الكتاب من لجنة الدعم الإعلامي غير ملزم, وبناء عليه فرضوا على الجمعية شروطهم ولما وافقنا على الشروط ضاع شباب النادي بين مدير الترويج والمدير الإعلامي في وزارة السياحة والمعاملة شغالة بس ما في جرار.
ثانياً: بعد الموافقات ومعاملة الجرار لابد من ملاحقة المعاملة في المؤسسة العربية للإعلان لتحصيل المبلغ "المتواضع أصلاً" علنا نحصل على الجرار.
وهنا يتبادر السؤال بإلحاح ما نفع وجود اللجنة بوزارة الإعلام إذا كانت قراراتها غير ملزمة، وما نفع وجود مديريات طويلة عريضة إذا كان المديرون فيها طوال وقتهم باجتماعات لا تنتهي وعلى أرض الواقع صفر نتائج " أي بلا إنجازات.
المشكلة كما سبق وذكرت في مقالات سابقة ليست مرتبطة بوزير على الرغم من أنّ الوزير يتحمل مسؤولية ضبط مديرياته وتنظيمها وإعادة هيكلتها بحيث تصبح فاعلة وليست معطَلة ومعطِلة.
المشكلة ليست في وزير يأتي ويغادر وليست في موظف أو مدير يريد أن يقبض قبل أن يسلم "الجرار"، والمشكلة ليست حصرية على جمعية نادي المراسلين الشباب، المشكلة للأسف عامة... المشكلة بالضبط موجودة في انعدام القرار، فما نفع وزير إذا كانت قراراته غير مطبقة؟ وما نفع وجود مديريات غير فاعلة، والمشكلة في انعدام ثقافة العمل والجميع يريد أن يهبش من الدولة دون عمل...
الجميع انتظر ولادة الحكومة الجديدة "العتيدة" لكننا كمواطنين ننتظر أن لا يوجعنا الضحك على "معاملة الجرار" ولا البكاء على الواقع المرير...المطلوب خلق واقع جديد وبآليات عمل فعالة، أولى حلقاتها التخلص من البيروقراطية المعطِلة ولعل التخلص من الفاسدين المستفيدين منها هي أولى الخطوات.
وللحديث صلة مع جرار مفقود في وزارة معلومة...