التعليم للتعليم لا التلقين.. بقلم: سامر يحيى

التعليم للتعليم لا التلقين.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٩ أغسطس ٢٠١٤

وإذا المعلم لم يكن عدلاً مشى        روح العدالة في الشباب ضئيلا 
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة           جاءت على يده البصائر حولا
وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى     ومن الغرور فسمّه تضليلا
نخال أمير الشعراء أحمد شوقي يخاطبنا موضحاً سبب ما وصلنا إليه والنتيجة التي حصدتها الشعوب العربية، التي سمحت بفتح ثغرة تسلسل عبرها الأعداء لتدمير ترابط نسيجها الاجتماعي والمادي والمعنوي، تحت تسميات مغرية وجذابة "الربيع العربي" متجاهلين أنّ العلم هو الذي يجلب الحرية، وأنّ الكرامة والعنفوان والشجاعة لا جدوى منهما دون التفكير والمنطق وتحكيم العقل ووجود الإرادة الخيّرة، متجاهلين عملياً أنّ العلم هو الأساس لبناء أيّة أمة وتقدّمها، وأنّ العلم ليس مجرّد تلقّي المعلومة، إنّما هو التفكير بما يتعلّمه لاكتشاف الجديد وتطوير المجتمع، فلا فائدة من علم لن يعطي قيمةً مضافة للمجتمع وللعلم بحد ذاته، وإلا بات إضاعةً للوقت لا فائدة منه، ما يتطلّب منا النهوض بالعلم لكي نصل لطريقة التفكير العلمي والمنهجي الصحيح، بدءاً من المرحلة الابتدائية، بتربية النشء والجيل على احترام الوقت وتقديره، ومن ثم القدرة على استقبال المعلومة والتفكير بها، للانتقال لمرحلة اكتساب المعلومة التي ستؤدي بكل تأكيد إلى ربط العلم بالعمل، ونحصل على نتائج إيجابية وبناءة في كل مجالات الحياة العلمية والعملية..بدلا ًمن أن يقتصر هدف معظم الطلّاب على هدف الحصول على الانتقال لمرحلةٍ أعلى، أو شهادةٍ دراسية أعلى أو لقبٍ معنوي أعلى من أجل تحقيق مردود مادي أو معنوي،
إنّ المطلوب من كل مدرّس أن يتحلّى بإيصال الفكرة العلمية، وأن يبدأ العام الدراسي منذ اللحظات الأولى بكل جديّة واهتمام، وخاصّة أنّ لدينا يومي دوام طوال فترة الصيف للإدارة، ودوام إداري للمدرسين والإدارة قبل أسبوع من بدء الطلبة بالدوام في مدارسهم، والذي من المفترض أن يكون هذا الأسبوع هو تحضير الأساتذة للبرامج والصفوف وتوزيع الكتب بشكلٍ مبدئي، وتفادي غالبية المعوقات والتحديّات، كي يبدأ الطلبة العام الدراسي من اليوم الأول دون عوائق تذكر، وما تبقّى من نواقص خلال دوام الطلاب لا يؤثر على حسن سير العملية التعليمية والتربوية، لأنّنا في كل عامٍ دراسي نعاني من هذه المشكلة التي لا تكاد تنتهي إلا وتكون امتحانات النصف الأول من العام قد بدأت، ولم توزّع الكتب، ومازالت عملية فرز المدرّسين وتعيينهم في طور الاستكمال ....بدلاً من الجهوزية التامة والكاملة قبيل بدء العام الدراسي الفعلي.. 
أليس من الجدير بكل معلّم ومدرّس أيّاً كان تفكيره وانتماؤه ومعتقده أن يؤمن بأنّ ما يقوم به لا يقلّ أهمية عن الجندي الذي يقدّم روحه فداءً للوطن، وحمايةً لأمنه واستقراره وإعادة عجلة البناء من جديد، بل إنّ دور المعلّم هو بناء جيل سيكون مستعداً للحفاظ على هذا الأمن والبناء والاستقرار، كي لا تضيع دماء الشهداء سدىً.
إنّ المعلم ليس دوره فقط إلقاء المعلومة، بل الاستفادة من المعلومة التي يلقيها، من خلال تراكم الخبرات في حياته العلمية والعملية، لتوعية الجيل وإيصال المعلومة بالطريقة الإيجابية البناءة، ليكون صاحب عقلٍ نيّر، وفكرٍ متجدد، مبدع، مؤمن بوطنه، ومؤمن بإنسانيته، بعيداً عن محاولات التسميم التي تعمل عليها وسائل إعلام تنطق بالعربية، بهدف إنشاء هوّة بين أبناء الوطن الواحد، والابتعاد عن كل ما يمت للعلم والأدب والتعاون والتفاهم والحوار الإنساني البناء بصلة.
يجب ألا نتجاهل تفعيل دور العاملين الإداريين في المؤسسات التربوية والتعليمية، والمتابعة الجدية، وعدم تأخير أيّة معاملة أو احتياجات تتطلّبها العملية التدريسية والتعليمية، على حدٍ سواء، بعيداً عن التنظير والورقيات.
على المدرّسين الاهتمام بطلبتهم، وعدم طلب تكاليف إضافية من خلال الدفاتر والقرطاسية التي لا تفيد سوى بعملية تحميل الطالب العديد من الدفاتر لأهداف يرغبها المدرّس ويمكن الاستغناء عنها بدفتر أو دفترين منظّمين بشكلٍ منطقي وسليم، فالطالب دوره يتلقى المعلومة ويفكّر بها، لا يحفظها صماً لتقديم الامتحانات وانتهى.
على المدرّسين الاهتمام بالطلاّب وعدم القول الراتب لا يكفي وأن يفصل بين متاعب الحياة وانزعاجه منها، وخاصة في الظروف التي تمرّ بها بلدنا الغالية، وبين دوره الهام والأساسي في تنشئة جيل المستقبل..
على أصحاب المحلات وخاصة الألبسة والحقائب الدراسية ومستلزمات المدارس النظر بعين الرأفة وعدم الطمع والقبول بالحد الأدنى من الربح من أجل استطاعة جميع الطلاب تأمين الملابس المدرسية ومستلزماتها بشكلٍ كافٍ، فاللباس المدرسي من المفترض أن يرتديه جميع الطلاب دون استثناء من أجل أن تحصل المساواة، وهذه هي الفكرة من اللباس، فليس جميع الطلاب قادرين على شراء الملابس التي يمكن لهم أن يرتدوها في المدارس، فلابد من إيجاد آلية حقيقية لتوحيد اللباس المدرسي، وبنفس الوقت مساعدة الأهالي ممن لا يستطيعون تأمين هذا اللباس لأولادهم بطرقٍ مختلفة، ولاسيّما أنّ لدينا ما يسمى "التعاون والنشاط" من خلال رفع المبلغ للقادر عليه بشكلٍ اختياري لا إجباري بالتضافر مع مديريات التربية وليس يقتصر على المدرسة فقط، بإيصالاتٍ حقيقية"، وبذلك يمكن أيضاً تحقيق وجهة نظر إيجابية وجسر الهوّة بين أبناء المجتمع.
الوطن ينادينا ويستنهض الهمم لإعادة النظر بأساليب علمنا بما يرتقي ببلدنا مستفيدين من حضارتنا وتاريخنا المشرق، الذي يحاول الغرب تشويهه بشتى الوسائل، تحت مسميّات كثيرة، ومغرية، وتهجير العقول والمبدعين، أو قتلهم وتدميرهم..