الأميركيون يبلّغون أتباعهم: طوق نجاتكم عند القيادة السورية

الأميركيون يبلّغون أتباعهم: طوق نجاتكم عند القيادة السورية

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ أغسطس ٢٠١٤

ليست عقدة الذنب هي التي جعلت سعود الفيصل يدعو على عجل وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات وقطر للقاء في جدة، من أجل البحث في سبل السلام في سورية، فالأعراب وبكل بلاهة العقل البدوي والصحراوي كانوا قد استنهضوا كل شذّاد الآفاق والحثالات البشرية، وحتى السجناء الخطيرين في السعودية، ويبلغ تعدادهم بالآلاف، ومحكومون بالإعدام بحدّ السيف نالوا البراءة والأموال الباهظة لقاء توجههم إلى بلاد الشام لقتال الدولة الوطنية السورية.
الأعراب الذين نصّبهم الغرب على عروشهم وكرّسهم الأميركي أسياداً على الرمال والذهب الأسود، بعد وراثته لمستعمرات القارة العجوز، بذلوا المليارات من أجل نهاية سورية.
استغلوا كل شيء.. جاءوا بذاك النوع الغريب من أصحاب الفتاوى إلى مهرجانات الدم..
منذ الساطور الأول كان واضحاً أن ثمة تحالفاً رعته واشنطن، ليكون عربها بين الحد السلجوقي والنبوءة التلمودية لبنيامين نتنياهو، ولذا أراد الطوراني رجب طيب أردوغان أن يحرق المنطقة بدءاً من سورية، ومن حلب على وجه التحديد، ليتلاقى مع بنيامين نتيناهو، الذي لا يرى العرب إلا جثثاً..
الغرائز العربية مع الأسف الشديد مشت بكل البلاهة البدوية لتدمير سورية!
هل تذكرون اجتماعات العرب في جامعة دولهم العربية، وبسرعة لم يسبق مثيل، من أجل “القصاص” من الدولة الوطنية السورية؟
سعود الفيصل، وحمد بن جاسم، ووزير خارجية محمد مرسي، ووزير خارجية “النهضة” في تونس، دون أن ننسى بالطبع البحرين، وليبيا “ثورة” برنار هنري ليفي، ومعهم ذاك الذي لا لون ولا معنى له نبيل العربي.. كلهم ارتضوا أن يكونوا بيادق لا بل دمى على رقعة شطرنج الغرب وتل أبيب، ليهزوا دمشق، وليطحنوا أول عاصمة في التاريخ البشري، تحقيقاً للوصية التلمودية بدمارها.
لكن فاتهم أن دمشق كانت وما زالت عصية، حبذا لو راجعوا أو اطلعوا على التاريخ أن هولاكو هُزم في الشام، وأن القدس تحرّرت من الفرنجة حينما انخرطت الشام في المعركة الكبرى.. وأن ثمة امرأة سورية من تدمر اسمها زنوبيا، كانت أول من تحدّت الإمبراطورية الرومانية وقاومتها وقاتلتها ولاحقت أمراءها وقادتها.
كأنه كُتب على دمشق أن تكون دائماً على حدّ التاريخ، لتخطّ فيه المستقبل، وعلى حد الجغرافيا، لتمنع رسم الخرائط المدمِّرة وفق لمشيئة المستعمر، ولتزرع لبنة الوحدة العربية، ولو بخميرة الدم، فحبذا لو نتذكر في التاريخ الحديث يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وسلطان الأطرش، ونتذكر في الأمس القريب جداً حافظ الأسد.
الذئاب السوداء أو الرمادية التي احتضنت؛ من تركيا تدريباً ومخيمات، ومن السعودية وقطر تمويلاً هائلاً، كبرت ونمت، ومن الولايات المتحدة رعاية وتثقيفياً و”ميديا”، شبّت عن الطوق.
الغرب خائف.. والأميركي خائف.. والأعراب خائفون من الذئاب السوداء التي أخذت تتمدد خارج حسابات من “صنعهم”، كلهم صاروا يتذكرون 11 أيلول وبرج التجارة العالمي في نيويورك.
السعوديون تذكّروا تفجيرات الخُبر، وجهمان العتيبي، وكثيراً من الحوادث الدامية، سواء التي عُرف منها بسبب ضخامة أحداثها، أو التي لم يُعرف عنها شيء، وهي أكثر بكثير.
لندن تذكرت انفجارات مترو الأنفاق، وغيرها..
كلها كانت من صناعة “القاعدة” التي ربّتها الولايات المتحدة في قواعد مخابراتها بتمويل سعودي.
“داعش” هي “غول” جديد بدأ يتفلّت من ضوابط الأسياد.
كل حلف أعداء دمشق اعتقد أنه بتعميم الفوضى الكبرى ستتم السيادة لواشنطن وأتباعها؛ من تل أبيب إلى آخر صنيعة لها في عالمنا العربي، لكن حسابات حقلهم لم تطابق محصول بيدر حربهم، فكان الطلب الأميركي من الأتباع بلملمة الأوضاع، فالحقائق تقول: إن حلف أعداء دمشق والمقاومة فشل في سورية، رغم ضراوة المؤامرة والهجمة:
- هزائم متكررة لـ”إسرائيل” في عدوانها على غزة.
- هزيمة في إيران لتل أبيب، تجلّت في صورتها الأخيرة بإسقاط طائرة الاستطلاع العبرية فوق “ناطنز”.
- فشل “الإخوان” في مصر وليبيا وتونس، ومحاولات حثيثة تجري من السعودية لاحتواء مصر بالترغيب، لكنه لن يلبث أن يتحول إلى ترهيب، ما يُنذر بتحولات مصرية جديدة في المستقبل.
- المقاومة في لبنان صامدة، ومتأهبة في الجنوب، ومنتصرة على الموجة التكفيرية.
حتى الآن، ما يزال السلجوقي رجب طيب أردوغان يرفض الطلب الأميركي باستخدام قاعدة انجرليك من أجل ضرب “داعش”، لأنه ما يزال يجد مساحة للّعب بين مسعود البرازاني وأبو بكر البغدادي.
أردوغان يبدو أنه وفيّ لداعش، لأنها الأساس في وصوله إلى رئاسة الدولة، لأنهم صوّتوا له بالانتخابات وعددهم أكثر من مليوني ناخب، وأكثر من مليون كردي صوّتوا له بناء لطلب البرازاني، فجعلوه رئيساً بأكثرية ضئيلة عن الخمسين بالمئة.. لكن لنتذكر جيداً أن اللعب على الحبال العالية بشكل دائم قد تؤدي باللاعب إلى الهاوية.. فتابعوا حركة رئيس حكومة أردوغان الجديد؛ أحمد داود اوغلو.. الهاوية تقترب، لأن الحقيقة بدأت تتكشف أمام الأميركي والغربي؛ لا إمكانية لتدمير “داعش”، ولا لتقزيمها إلا بالتنسيق مع دمشق.
قالها الاميركي علناً، وقالها البريطاني، وقالها كثير من الغرب.. فانتظروا هزة عصا أميركية في وجه الطوراني التركي، ونفخة غضب واحدة في وجه أمير الدولة الافتراضية قطر، وزيارة لمسؤول صغير في البنتاغون إلى الرياض، لا بد أن يلتزم هؤلاء كلهم بأوامر سيدهم الأعلى… فلا بد من دمشق مها طال السفر…
دمشق دائماً كانت تصبر وتصمد وتواجه.. وفي النهاية تنتصر.