الأزمة السورية في طريقها إلى الحل قريباً

الأزمة السورية في طريقها إلى الحل قريباً

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ أغسطس ٢٠١٤

يعرف الجميع أن خزان داعش الأساسي موجود في سورية، بشرياً ومالياً، وهذا يعني أننا سنشهد في المرحلة القادمة، تداخلاً معيناً، إما عبر مساعدة دمشق، للقضاء على هذا التنظيم، وإما عبر التنسيق السياسي والأمني مع دمشق إزاء كل هذا الملف، وبالتالي إن أخطار داعش على الدول المستقرة التي لم يتمدد خطره إليها، سيجبر دولاً كثيرة أن تتنازل عن حدتها إزاء دمشق، لصالح تجفيف الأخطار الإقليمية، وفي الظلال نقرأ تبدلاً في لغة العالم إزاء دمشق لعدة غايات، مثلما نقرأ جلوس وزيري خارجية الدوحة والقاهرة معاً، الى مائدة واحدة، تحت عنوان مواجهة داعش، في ظل فصائل المعارضة السورية، التي ثبت فشلها في إسقاط النظام من جهة، وفي مواجهة التنظيمات المتشددة من جهة أخرى. وبالتالي يشهد العالم إتجاهاً قد تتغير من خلاله معادلات قائمة، فبالتوقيع الأميركي والغربي إتفاقاً ضد التنظيمات المسلحة ، يجري حشد ضد قوى داعش والنصرة، حتى تبدو الأمور وكأن هنالك صراعاً عالمياً ضد تلك القوى الإرهابية، أكثر بكثير مما شاهدناه ضد طالبان والقاعدة، ولعل أن دمشق قدمت نفسها شريكاً أساسياً في أي ائتلاف دولي محتمل لمواجهة "داعش" التي سيطرت على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، بعد تلويح واشنطن بإنها تدرس توسيع نطاق عملياتها ضد التنظيم الى داخل الأراضي السورية، وسارعت حليفتها موسكو الى تلقف العرض السوري، داعية الحكومات الغربية والعربية الى تجاوز ضغائنها حيال الرئيس الأسد والعمل معه للتصدي للمقاتلين المتشددين. وفي سياق متصل إن الغرب على وشك المشاركة مع قوات الأسد في وجه تنظيم "داعش" فإعلان وزير الخارجية السورية، أن حكومته مستعدة للتنسيق مع الجميع لمكافحة إرهاب "داعش"، وأن أي جهد دولي للتصدي لهذا التنظيم يجب أن يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية، ومن هنا لم يعد هناك مجال للإختباء خلف الأقنعة، ها هي دمشق على إستعداد مواجهة داعش وخاصة بعد أن التقت أهداف الأسد مع السياسات التي إعتمدتها إدارة أوباما حيال المخاطر التي يحملها هذا التنظيم تجاه دول المنطقة، وبالتالي أرى إن تمدد "داعش" يفرض على الجميع إعادة حساباتهم، وربما عضّ أصابعهم ندماً، وفي هذا الإطار يمكنني القول أنه لن يكون ممكناً القضاء على "داعش" في العراق، من غير التصدي له في سورية أيضاً. والأهم إن إجتماع جدة الذي عقده وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والإمارات والأردن في وقت سابق، أنه جرى تفاهم خلال الإجتماع على طرح مبادرة عربية لحل سياسي جديد للأزمة السورية، وستقود مصر هذه المبادرة وترعاها بمشاركة دول عربية أخرى مرشحة أن تكون الجزائر إحداها وربما سلطنة عمان، وتسعى المبادرة التي ستحظى بتأييد جامعة الدول العربية إلى إنهاء الحرب الدائرة في سوريا بين المعارضة والنظام، وإجراء حوار سوري ـ سوري لإنهاء الأزمة، ويبدو إن تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي التي أكد فيها إن بلاده "لا تدعم المعارضة السورية ولا النظام" أتت لتمهيد الأجواء مع دمشق لقبول الدور المصري في إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، فالأفكار بشأن هذه المبادرة طرحت بمبادرة سعودية مصرية وشارك فيها الوفد القطري، وستتم بلورة هذه الأفكار والإضافة عليها أو تعديلها خلال الاتصالات التي ستجريها السعودية ومصر وقطر مع أطراف عربية وإقليمية ودولية خلال الأيام المقبلة، ولاشك أن من أهم هذه الاتصالات تلك التي ستتم مع إيران، ومن هنا أتت زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للسعودية بتوقيت متعمد، ليتم التباحث معه بأفكار إيجابية للحل السياسي للأزمة السورية الذي من الممكن أن تساهم طهران بتسهيله. إن الأميركيين والأوروبيين بدأوا الآن يعترفون بالحقيقة التي كانوا يقرون بها في أحاديثهم الخاصة، وهي أن الخطر الأساسي على المنطقة، وعلى مصالح الغرب، لا يتمثل في نظام الأسد، وإنما في إحتمال إستيلاء الإرهابيين في سوريا ودول أخرى في المنطقة على السلطة، والسؤال الذي يفرض نفسه، هل يكون الأسد شريكا وقائداً ميدانياً بالهجوم على داعش كون سوريا هي مسرحها الأبرز؟ هل يعقد المتحالفون صفقة كبرى تعيد التوازن بين الدول الإقليمية بحسب حجم كل منها ودورها الطبيعي أم إنهم اعجز من أن يقدموا تنازلات ملحة وضرورية لحل المشكلات الكثيرة والمعقدة؟ القضاء على داعش رهن بصفقة كهذه وبالحد من الرهانات الخاطئة، وإلا فان نماذج داعش حاضرة على إمتداد الخريطة من المحيط الى الخليج.