الرسالة السورية لواشنطن وصلت بالشكل والمضمون...

الرسالة السورية لواشنطن وصلت بالشكل والمضمون...

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ أغسطس ٢٠١٤

ثمة من يعتقد بأنّ المشهد السوري بدأ ينقلب بسرعةٍ قياسية لمصلحة الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في ظلّ سيطرة التنظيم الارهابي على محافظة الرقة أولا ومن ثم عودة مسلحيه بكثافةٍ غير مألوفة ولا بريئة إلى جرود القلمون والزبداني في مقابل تقدم الجيش السوري في حمص والغوطة، مع رصد خروقات محدودة على جبهات درعا. بيد أنّ هناك مؤشرات قوية تؤكد أنّ النظام يرقص بمهارة على حافة الهاوية ويجرّ معه سائر الدول العربية والغربية لمجاراته في هذه اللعبة التي يجيدها بإتقان واحتراف وهي التي أثبتت الأيام والأحداث نجاعتها في التعاطي مع الملفات الساخنة والطارئة، وكلّ ذلك بعد أن تماشى مع التطورات العراقية واستوعب تداعياتها عبر سياسة امتصاص الصدمة والدفع بخصومه إلى الرمال المتحرّكة.
في هذا السياق، يعرب ملحق عسكري غربي يعمل في إحدى السفارات في بيروت عن اعتقاده بأنّ عملية سقوط مطار الطبقة العسكري مشكوك بامرها خصوصًا أنّ الجيش السوري لم يكن في حالة إنهاك بالرغم من الهجمات المتتالية على مواقعه ومفارز الحماية الرئيسية، بدليل أنّ الجيش ووحداته المقاتلة تمكنت من سحب المروحيات التي كانت جاثمة على أرض المطار ومن ضمنها مروحيات الغازيل الحديثة على أكثر من مرحلة، بحيث حملت معها المعدّات اللازمة بما يعني باللغة العسكرية أنّ المروحيات كانت بعيدة إلى حدّ ما عن مرمى اسلحة "داعش" في احتمالين، الأول أنّ التنظيم المذكور غضّ النظر عن اقلاع المروحيات من المطار المحاصر أو أنها كانت فعلا بعيدة عن مرمى نيرانه في إشارة حاسمة بالنسبة للعسكريين على ان الالتحام لم يكن قد حصل بعد ولم تظهر نتائجه المباشرة او غير المباشرة.
ولا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لعودة مسلحي "داعش" إلى جرود القلمون والزبداني التي شهدت بدورها ليل الاحد الاثنين على غاراتٍ مكثفة ومركزة للطيران الحربي السوري واستخدامها لصواريخ متطورة وصل دويها الى مشارف بيروت في دليل على نوعيتها، وهذا كله ما كان ليحصل لولا تواجد جديد للتنظيم والمسلحين التابعين له او الذين والوه في المدة الاخيرة، مع الإشارة الى ان الجيش السوري وحزب الله يقفلان المعابر غير الشرعية ويراقبان الشرعية بشكل مستمر، أكان عبر الطرق التقليدية المعروفة أم من خلال طائرات "أيوب" التابعة لـ"حزب الله" والتي تحلق بصورة دائمة وعلى مدار الساعة ما يعني أنّ الجيش السوري غض الطرف عن بعض المعابر لاهداف سياسية سرعان ما كشف عنها وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السورية دمشق.
وليس بعيدًا عن كلّ ذلك، توقف مراقبون عند مضمون المواقف التي اطلقها الوزير وليد المعلم والرسائل التي وجهها الى العالمين العربي والغربي من خلال تسليطه الضوء على خطر التنظيم المتمثل بقوته وعقيدته التكفيرية التي لا تقيم وزنا للاعراف الدولية او الانسانية، وبالتالي فانه يصح الاعتقاد بان النظام تعمد التسريع في إسقاط محافظة الرقة للدلالة على الخطر الداهم خصوصًا أنّ محافظة الرقة تبعد عن العاصمة السورية 375  كيلومترا وعن خطوط الامداد الرئيسية والمفاصل الحيوية بالنسبة للجيش السوري أكثر من مئة كيلومتر، وبالتالي فإنّ الخطر الداعشي المستجد يمكن أن يطاول العراق والاردن والمملكة العربية السعودية بالمقدار نفسه الذي يطاول العاصمة السورية دمشق، مع تسجيل امتيازات لصالح الجيش السوري بالنسبة للسلاح الاستراتيجي والخبرات القتالية ما يعطي ارجحية له حتى لو سقطت بعض المواقع والمحافظات البعيدة غير المحسوبة من الاساس على النظام.
ولا يستبعد هؤلاء ان تكون الرسالة السورية الموجهة لواشنطن حول استعداد النظام للقبول بمشاركة واشنطن في الحرب على الارهاب انطلاقا من سوريا وفق شروط النظام نابعة من هذا المنطلق، وهي تزامنت مع لقاء ايراني سعودي على مستوى مساعد وزير الخارجية الايرانية ووزير الخارجية السعودية في مشهد يؤكد على ان الرسالة  السورية وصلت بالشكل والمضمون.