الأميركي يضرب داعش.. ليعتذر من الشعب السوري

الأميركي يضرب داعش.. ليعتذر من الشعب السوري

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ أغسطس ٢٠١٤

 سوريا انتصرت على الإرهاب.
هذا ما يمكن استخلاصه من الموقف الأميركي اليوم. موقف تضمّن بصراحة نيّة البيت الأبيض التعاون مع الدولة والجيش السوريين لمحاربة الإرهاب. تعاونٌ لا بدّ له أن يكون عسكريًّا، ضمن إطار الضوابط التي تضعها سوريا، بعد خبرة حربٍ دامت ثلاث سنواتٍ صمدت خلالها، وتمكّنت من تحرير العديد من المدن والمناطق الإستراتيجية.
سوريا، وعبر رئيس الديبلوماسية فيها، وزير الخارجية وليد المعلّم، ردّت على الغزل الأميركي. الرد السوري لم يشرّع أبواب البلاد أمام الأميركي، لا بل عزّز ما استخلصه العالم أجمع من معركته مع الإرهاب، عزّز ثقافة احترام النفس، ورفض التبعية وفرض شروطه حتى في أيّامه الصعبة. ببساطةٍ دبلج المعلّم "العناد السوري المحقّ" باللّغة التي يفهمها الغرب، من نيويورك إلى واشنطن، من مجلس الأمن إلى البيت الأبيض.
سوريا القويّة، كما صوّرها كلام المعلّم، أبدت استعدادها للتعاون الدولي، ولكن بشروطها. فقد اعتبر الرجل خلال مؤتمر صحفي أنّ بلاده حاضرةٌ للتعاون مع الآخرين ضمن ائتلافٍ دولي، أو تعاونٍ مزدوجٍ مع دول قد تستعد للمساعدة على محاربة داعش، ولكن على هذه الدول التخلّي عن ازدواجيتها.
نعم، هذا الشرط السوري الوحيد، وقد يكون تنفيذه على من دعم الإرهاب وموّل نشأته هو ضربٌ من المستحيل، المستحيل الذي لم يكن يوماً من الأيّام أميركياً، فكما تجري الأمور، المستحيل قد يصبح واقعاً.
في حال تابع الغرب، أي الأميركي وملحاقته، ضرب داعش، من العراق نحو سوريا، يكون قد نسف كل ما تناوله طيلة السنوات الثلاث الماضية. ضرب داعش اليوم، يعني أنّ كل البيانات التي خرجت عن البيت الأبيض، على لسان جاين بساكي وجون كيري وحتى باراك أوباما، لم تُرمَ في القمامة فحسب، بل حتّى تمّ تمزيقها إلى غير رجعة.
مشاركة الولايات المتحدة في ضرب داعش في سوريا له ثلاث دلالاتٍ لا رابع لها:
1. اعتراف أميركي بشرعية النظام السوري الممتدة من الشعب.
2. نسف مصطلح "ثورة" وهو ما يُعد تراجعاً عن سياساتٍ بأكملها.
3. إعتذارٌ من الشعب السوري على دعم من بات اليوم، خطراً على الغرب.
في السياق، أعلن البيت الأبيض، أمس، أنّ الرئيس باراك أوباما لم يتخذ قراراً نهائياً بعد بشأن شنّ غارات عسكرية على داعش داخل الأراضي السورية. كلام البيت الأبيض لم يكن خالياً من المنطق، فمن باب احترام النظام السوري، أو الخوف من ردود فعله، لم يشأ أوباما "شراء خيبة الأمل" بنفسه، فانتظر فتح الباب سورياً، ليخرج هو ويشرّعه بنفسه، لنفسه. ربّما في الأيّام القادمة.
العالم يترقّب الخطوة الأميركية، كيف سيحصدها السوري، وكيف سيعيد الأميركي العلاقات مع كل من الروس والإيرانيين والسوريين من بوابة داعش.
القوة العظمى المناوئة للولايات المتحدة نصحت البيت الأبيض بجدّية تحاكي التهكّم والهزلية السياسية، فقد خرج وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف البارحة ليقول: "سيتعيّن عليهم قريباً أن يختاروا أيهما أهم: تغيير النظام (السوري) لإرضاء ضغائن شخصية مجازفين بتدهور الوضع وخروجه عن أية سيطرة، أو إيجاد سبل عملية لتوحيد الجهود في مواجهة الخطر المشترك". إنتهى كلام لافروف، وكذلك انتهى الحلم الأميركي بتغيير نظام سوريا.