وجه جديد للاحتيال!.. بقلم: د.بسام الخالد

وجه جديد للاحتيال!.. بقلم: د.بسام الخالد

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٥ أغسطس ٢٠١٤

Bassamk3@gmail.com
بعد أن انكشفت ألاعيب جامعي الأموال وحيلهم، والمآسي الاجتماعية والنفسية التي تركوها بصمات مشوهة في قلوب الناس البسطاء من جهة وعلى الطامعين بثروة سريعة من جهة أخرى، وبعد أن فقد جميعهُم جزءاً كبيراً من مدخراتهم، وهم بانتظار ما سيأتي من انفراج لأزماتهم المالية والنفسية.. بعد هذا كله، لم تعد حيلة جمع الأموال تنطلي على الناس الذين وقعوا تحت قاعدة «القانون لا يحمي المغفلين»!!.
ولأنّ جامعي الأموال والمحتالين الجدد كانوا متربصين خلف الستار في فترة المحاسبة التي طالت أسلافهم من جامعي الأموال الكبار، فقد ظهروا الآن لسدّ الحاجة في سوق الطلب على توظيف المدخرات البسيطة في ظل غياب مؤسسات مصرفيّة تُشَغِّلُ وتستثمر هذه المدخرات بأرباحٍ معقولةٍ، يستفيد منها المواطن، وتستفيد منها خزينة الدولة.
من هنا ظهرت وجوهٌ جديدةٌ من جامعي الأموال والمحتالين بأقنعة مزركشةٍ زيَّنوها بمختلف الألوان والأشكال لجذب الانتباه ولفت النظر، وأهم هذه التزيينات ضآلة المبالغ المدخرة وكثرة عدد المدّخرين ضمن شبكة مغلقةٍ يعتقد كلُ مدّخرٍ فيها أنّه الوحيد صاحب الحظوة في قبول مدخراته لدى هذا المكتب أو هذه المؤسسة صاحبها الوقور!
وبعد أن بدأت روائح الطبخات العفنة تتسرب إلى الأنوف، بات الضحايا يتململون، ولكنهم لا يجرؤون على الشكوى أو الكلام، خوفاً من الدخول في دوامةٍ طويلةٍ لا نهاية لها من الشكاوى والمماطلة، وبالتالي فقدان الأموال المدّخرة بفعل مرور الزمن، وهم بالتالي يقبلون بالصبر ويغوصون أكثر فأكثر في مستنقع التورّط عسى أن يسترجعوا كلّ ما أودعوه، ولكن من دون جدوى.
ومن صور هذا الاحتيال المقنَّع نقدّم بعض الحالات التي استطاع فيها عددٌ من النصابين جمع ثروةٍ طائلةٍ في أيامٍ معدودةٍ، فقد أعلن أحدهم عن افتتاح منشأةٍ صغيرةٍ أشهرها بين معارفه ووسطائه، وأرسل مندوبين ومندوبات إلى بعض الضحايا لاستقطابهم كممولين لمنشأته بمبلغ 200 ألف ليرة لكلِّ ممول، وهو مبلغ التأمين لقاء الوكالة الممنوحة من المنشأة التي ستقلع بعد أيام!!.. وبالفعل  تمكن صاحب المنشأة الوهميّة من استدراج /16/ وكيلاً دفع كل منهم مبلغ مائتي ألف ليرة، وكانت الحصيلة ثلاثة ملايين ومائتي ألف ليرة سورية، حصدها خلال شهر، وغادر إلى جهة مجهولةٍ بحجة استكمال المتطلبات الفنية لمنشأته، والضحايا صامتون!
مكتب فخم نشر إعلاناً في الصحف يطلب فيه موظفين لشركات محترمةٍ في الدول العربية، ومن مختلف الأعمار، ولجميع الاختصاصات (تصوروا... مختلف الأعمار.. وجميع الاختصاصات)..  وحدَّد المواعيد على الهاتف.. وتهافت الراغبون وكل منهم يحصل على العنوان بشكلِ منفصلٍ، وعندما يسأل عن الأوراق المطلوبة تجيبه السكرتيرة على الطرف الآخر لا داعي للأوراق.. فقط أحضر صورتين ومبلغ1000  ليرة من أجل الأوراق التي سننجزها لك في المكتب.. وخلال شهرٍ واحدٍ كان عدد المتقدمين 2000 شخص، بلغت حصيلة ما دفعوه مليوني ليرة (شفطها) صاحب المكتب المستأجَر وسكرتيرته وغاباعن الأنظار!
قد يقول قائلّ وكيف يتمكّن هؤلاء من التغرير بضحاياهم ؟.. نقول: إنّ الأمر في غاية البساطة، فهؤلاء يرصدون رغبات الناس وحاجاتهم إلى زيادة دخلهم وتحسين وضعهم فيدخلون من هذا الباب، وغالباً ما يكون لهم وسطاء يجيدون هذه اللعبة ويملكون (عدة الشُّغْل) أو لنقل: (عدّة النَّصْب) من مكاتب فخمةٍ وسكرتيراتٍ جميلاتٍ وهواتف وفاكساتٍ وإيميلات واتصالاتٍ خُلَّبية بمسؤولين يبهرون بها الزائر البسيط لدرجةٍ يقتنع معها أنّه أمام شخص يختلف اختلافاً كلياً عمن سمع عنهم من محتالين ونصّابين فيصدّق.. ويقع في الشرك.
الحالات كثيرة.. والضحايا أكثر.. لكن لا أحد يجرؤ على الاعتراف بسذاجته !