منيتنا على حالنا... مو ع البلد.. بقلم: ميساء نعامة

منيتنا على حالنا... مو ع البلد.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ أغسطس ٢٠١٤

ليس كل من بقي داخل سورية "وطنيّاً"، وليس كل من غادر الوطن خائناً، عبارة قالتها الأديبة الكبيرة كوليت الخوري والعبارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني العميقة.
لن أفصّل أو أشرح كثيراً عن العبارة السابقة لأننا جميعنا نفهم بعضنا البعض، لكن ما يؤلم حقاً أننا كيفما اتجهنا نجد من يحمّل سوريتنا الغالية منيّة أو جميلة حتى أثقلنا كاهلها بالمنيات.
الجميع يمنن: أذكر تماماً أنّ جميع من كانوا يعملون على نظام البونات في التلفزيون السوري كان حلمهم الوحيد أن يتم تثبيتهم وأن يصبح لهم راتب شهري، وعندما صدر مرسوم جمهوري بتثبيت جميع العاملين على نظام البونات بدأ التذمر حتى من تجميع أوراق التثبيت, وعندما أصبح لديهم راتب بدأ التذمر من قلة الراتب وعندما يقبضون العقود والإضافي يقولون هل من مزيد، وإذا ما تحدث أحدهم عن البلد يضربونه بمنية البقاء فيه والعمل, مع العلم أنّ الكثير منهم لو توفرت لهم فرص العمل خارج الوطن لتركوا البلد بمن فيه، الحديث طبعاً عمّن يتململون ويشكون دون أن يقدموا شيئاً للوطن, وبالمقابل هناك من يعمل بصمت وتفان وحب خالص للوطن.
تحدثت عن واقع الإعلام لأنّه الأقرب إلى مجال عملي, لكن ماذا عن الموظفين في قطاعات أخرى؟ لا أعتقد أنّ الوضع مختلف, فالموظف يطالب براتبه وزيادة على راتبه ولكن ماذا قدم هذا الموظف؟ في أغلب الأحيان يعرقل العمل ويعقّده من أجل أن يُظهر أهميته أو من أجل أن نبصم له بأنّه العبقري الوحيد الذي يحل رموز المعاملة المذيلة غالباً برشوة إما علنية أو مستترة.
ومع ذلك نجد معظم الفاسدين يتحدثون عن الفساد ويمننون الوطن أنّهم مازالوا يقيمون فيه رغم واقع الفساد بالبلد "على حد قولهم"، لتصل معنا الحال أنّ نقول لهم " لو صحلكون أحسن من البلد تتحمل فشلكم وقلة ذمتكم ما شفنا خلقكم".
كما نجد من يقصّر في عمله يتكلم عن الالتزام والتفاني وضرورة العطاء.
كل ما ذكر بكفة وبعض المحللين السياسيين الذين أفرزتهم الحرب الهمجية على سورية بكفة أخرى، فهم يضربون المُشاهد والبلد بمنية، لدرجة أنّ بعضهم وصل به الأمر أن يطالب بوسام لأنّه ظهر على الإعلام أثناء الحرب, والبعض الآخر يطالب بمنصب في الحكومة كمكافأة على ظهوره بالإعلام.
الكل يطالب والكل يشكو والكل يريد أن يبتز الوطن لأنّه دافع عنه أو بقي فيه، لكنهم لا يعلمون أنّ الوطن ملّ منهم ومن نقّهم ومن منيتهم ويتمنى أن يلفظهم لأنّهم لم يستمعوا مرة واحدة ماذا يريد الوطن ولم يستمعوا لأنين الوطن.
وهنا اللوم لا يقع على الموظفين والعاملين بالدولة فالمسؤولية يتقاسمها الموظف مع المسؤول, وهذا الأخير تقع عليه مسؤولية مضاعفة لأنّ أي مؤسسة ناجحة يعود الفضل الأول والأخير في نجاحها للإدارة الناجحة والعكس بالعكس، وعندما يتم محاسبة المسؤول المقصر قبل الموظف العادي عندها تنعكس الأجواء الإيجابية على العمل بأكمله فلا يشعر الموظف العادي أنّه تحت المجهر فيما مديره بالعمل يرتكب جميع الموبقات ومع ذلك هو خارج  إطار المحاسبة، والأهم أن نبدأ بوضع الخطط والبرامج التي توظف الطاقات في مكانها الصحيح, وبالتالي تحسين مستوى دخل الفرد بما يتلاءم مع مستوى المعيشة حتى لا يضطر أي موظف للعمل في أكثر من مكان لتأمين لقمة عيشه.
وجدير بالذكر هنا أنّنا جميعاً مدينون لأبطال الجيش العربي السوري الذين حملوا ويحملون الوطن وخيرات الوطن وتراب الوطن أمانة في أعناقهم.
كما أنّ كل ما قدمناه وسنقدمه للوطن لا يرقى لقطرة دم واحدة من دماء شهدائنا الأبرار ودموع أمهاتهم المقدسة وهن اللاتي يقدمن فلذات أكبادهم قرابين للوطن وهم سعداء بما قدموا رغم أنّ قلوبهم تنزف دماً.
خلاصة القول: لا أحد يستطيع أن يقدم لسوريتنا الغالية ربع ما قدمت لنا ألا يكفي أنها تضمنا بحضنها الدافئ ؟ ألم نجد كيف تملل الجيران من نزوح بعض السوريين إليها، ألم نرَ بأم العين كيف كانت سورية الحنونة تضم الفقير والغني وتحنو على جميع أبنائها؟ وبعد! هل نستمر في تراشق المنيات أم نعمل بصمت ونرد الجميل لسوريتنا؟
سؤال برسم كل سوري يتكلم أكثر مما يفعل، وكل فاسد يتكلم عن الفساد وهو مغموس بوحل الفساد، وبرسم كل سوري وضع يده بيد الصهاينة من عرب متصهينين أو إسرائيليين من أجل خراب سوريتنا الغالية.