دبوس.. ((ضباب على فساد)).. بقلم: ظافر أحمد

دبوس.. ((ضباب على فساد)).. بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٢ أغسطس ٢٠١٤

تتغير حكومة وتتعدل حكومة ويأتي حكوميون معنيون بعملية مكافحة الفساد, وبقيت العلامة الفارقة أنّ قضايا مكافحة الفساد تُعامل بروتين وبطء حكومي صريح..
إذا حددنا تقويم مكافحة الفساد في ظل الأزمة فإنّه لا بد من الوقائع التالية:
- ارتبط الأداء الحكومي باللجان (لجنة للإصلاح الإداري-لجنة لتوصيف الفساد واقتراح آليات مكافحته –لجنة لمكافحة التهريب...)، ومع أنّ تلك اللجان تمّ تشكيلها وتقديم مقترحاتها منذ أكثر من ثلاث سنوات لم تظهر أي نتائج عملية تنفيذية استوعب حضورها المواطن..
وأكثر ما يمكن التركيز عليه هنا هو ما ورد بشأن إعادة هيكلية الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وإحداث الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد, وتحضير قانون الكسب غير المشروع, وبعض التشريعات الخاصة بتفعيل آليات مكافحة الفساد, إذ بقيت في مرحلة النقاش والتنويم بين الحكومة ومجلس الشعب..
وسبق أنْ أثيرت مسألة أسـبـاب رفض اللجنـة الدستورية في مجلس الشعب مشروع "قانون الكسب غير المشروع"، ومنها ملاحظات توضحت في مسوغات المطالبة بتطبيق التقادم على جريمة الكسب غير المشروع كونها إحدى جرائم الفساد, فلماذا استثنى المشروع جريمة الكسب غير المشروع من التقادم في حين أخضع بقية جرائم الفساد للتقادم؟!
أيضاً هناك مسائل أثيرت بشأن إحداث هيئة مكافحة الفساد لم تأخذ حقّها من النقاش الإعلامي, وتجاهل الحكوميون المعنيون بها أي حديث عنها, حتى طواها النسيان الآني, وقدّمت دلالة على نهج البطء في التعامل مع آليات مكافحة الفساد، أو الرغبة الحكومية في إبقاء ذات الآليات بذات الهيكليات..، وبالتالي ربما ما كان من داع لتشكيل لجان ودراسات تخص توصيف الفساد وآليات مكافحته..!.
الجدير ذكره في هذا المجال أنّ للرقابة الوقائية والمسبقة وللرقابة اللاحقة، توجد قاعدة نظرية غنية في التشريع السوري والقوانين وأنظمة الإدارات والجهات العامة..، ومن خلال الأداء الحكومي والمؤسساتي تجاه مكافحة الفساد في سنوات سابقة فإن النتائج قاسية في تأكيد عدم فاعلية مكافحة الفساد في شتى المؤسسات العامة والخاصة والأهلية..
وثبت بأن الواقع الإداري شكّل بيئة حاضنة للفساد ورافضة للرقابة الوقائية والمسبقة واللاحقة..، ولا يمكن خلال الأزمة تجاهل حالات الفساد وتشكيلاته الجديدة والخطيرة المرتبطة بالأزمة, وبما يضاف إلى تشكيلاته في مرحلة ما قبل الأزمة، وبالتالي على الأقل يجب أن تكون هناك أولوية حكومية مقنعة بأن قضايا الفساد تتقدم في متطلبات معالجتها على باقي محاور الأداء الحكومي..
فإذا اعتمد الجانب التشريعي والنظري في هذا المجال بقي الروتين والبطء سيد الموقف تجاه تصورات تشريعية وهيكلية خاصة بمكافحة الفساد، وإذا اعتمد الجانب العملي التنفيذي كمعيار فإن مشاهد مريعة من الفساد المتفاقم خلال الأزمة يجعل من الجهود الحقيقية في مكافحة الفساد مجرد تفصيل صغير في بحر من الإفساد المتفاقم..
وهذا الشرح الأخير يتطلب البحث في مسوغات يمكن اعتمادها ترتبط بحقيقة أنّ سورية في حالة حرب وأزمة لا يمكن لبلد أنْ يتعرض لها إلا وتتخلخل فيه عملية مكافحة الفساد، ولكن أيضاً لابد من مناقشة المسوغات إذ توجد حالات يمكن التصرف تجاهها وضبطها حتى في حالة الحرب، إذ لا يمكن القبول على سبيل المثال بانتشار أسواق للمسروقات تصبح بديلة عن بعض الأسواق!.
يمكن الختام هنا باقتباس من تقرير لجنة توصيف الفساد واقتراح آليات مكافحته الذي تمّت صياغته نهاية العام 2011 وتحدثت في إحدى فقراته عن أسباب الفساد ومن ضمنها أسباب إدارية تتمثل بـ(ضعف معايير انتقاء الموظف العام..، وعدم الموضوعية في تقييم أداء الموظفين العامّين في معرض إسناد الوظائف الأعلى..).
وهذا السبب الأخير يستحق الإمعان به في هذا الظرف بالذات وفي ظروف أخرى..