ما الجديد ؟!.. بقلم: د. سمير صارم

ما الجديد ؟!.. بقلم: د. سمير صارم

تحليل وآراء

الخميس، ٢١ أغسطس ٢٠١٤

كل يوم أسمع أو اقرأ خبراً مكرراً يقول: إن الوزير الفلاني اجتمع مع بعض إداراته ووضعوا خطة جديدة للإقلاع..
 ومثل هذا الخبر يتكرر مع وزراء كل الوزارات في كل الحكومات، وهنا أعتقد أنّهم لو صرفوا وقتهم في تصفح أرشيف وزاراتهم لقرؤوا الكثير عن اجتماعات مماثلة عقدها وزراء سابقون مع ذات الإدارات, واتخذوا فيها قرارات مهمة لكنها وضعت على الرفوف حتى قبل أن يترك الوزير وزارته، وبالتالي فإن هذه القرارات التي اتخذها أو سيتخذها الوزير الجديد لن يُكتب لها النجاح بسبب مجيء وزير جديد، ودائماً كل وزير جديد يبدأ من الصفر، ولا يلتفت لأي قرار أو خطة وضعها من سبقه، لأنه يفترض إمّا أنّه لا توجد خطة أو أنّ كل الخطط السابقة لن ترقى بمستواها إلى مستوى الخطة التي سيضعها هو، وهنا دعوني أستعرض عنوانين فقط جرى الحديث عنهما وفيهما الكثير, وفي عهد أكثر من وزير, ولا يزالان مرشحين للبحث فيهما مع الوزير القادم, ومن الصفر أيضاً، وهذان العنوانان هما :
 الأول: إصلاح القطاع العام.
 الثاني: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر..
 فمنذ سنوات ومع كل وزير جديد للصناعة نسمع عن اجتماعاته, وعن قرارات هامة وهدفها إصلاح القطاع العام، بل كم تشكلت لإصلاح هذا القطاع لجانٌ, اعتقدنا أو جعلونا نعتقد أنها ستكون اللجنة التي ستتخذ القرارات الأهم له لإنقاذه وإعادة إقلاعه، لكننا نبدأ مع الوزير الجديد من الصفر.. ومنذ سنوات أيضاً ونحن نسمع عن اجتماعات وخطط وقرارات لتشجيع إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ونضيف إليها المشاريع المتناهية الصغر، لأن لهذه المشاريع أهمية اقتصادية واجتماعية، فهي تعتمد غالباً على المواد الأولية المحلية, وتلبي متطلبات السوق الداخلية, وتُشغّل يداً عاملة كثيرة تمتّص البطالة ولاسيما بين الشباب..
 ويمكن القياس على ذلك بقضايا اقتصادية وتنموية عديدة في الزراعة وفي الصناعة وفي غيرهما، لأن مشكلتنا المزمنة هي أن كل وزير يلغي ما أقرّه من سبقه ويبدأ من الصفر.. كما سيفعل من سيأتي بعده، وهنا أذكر إضافة إلى ما سبق وتقوم به وزارتا الصناعة والاقتصاد، موضوعاً آخر تهتم به وزارة الزراعة، ولا أذكر ولا أعتقد أيضاً أنهم يذكرون منذ متى تم طرحه وهو موضوع الري بالتنقيط.. الخ..وأيضاً موضوع الطاقات المتجددة، والاستفادة من طاقة الرياح، وفي هذا الموضوع الحكي أكثر من الفعل بكثير!..وأيضاً موضوع استملاك الشريط الساحلي، وغيره!..
لذلك أتمنى أن يرجع كل منّا إلى أرشيفه وليس إلى ذاكرته فقط, ليكتشف حتى تماثل التصريحات، فالجميع يستخدم السيف والـ "سوف" كثيراً، والجميع يعدنا بالخير القادم في القطاع الذي يتولاه وسيحل مشكلاته، والجميع لم يقل ولو لمرة واحدة إنني سأكمل العمل الذي بدأه الوزير السابق..
 إننا نهدر الوقت ولا نحسب حساب الزمن، لذلك تبقى مشكلات كثيرة دون حلول، ويتم تدويرها إلى الوزارات القادمة التي يبدأ وزراؤها فيها من الصفر دائماً!.. فهل يمكن أن تتغيّر هذه "العادة" ولا أجد لها اسماً مناسباً أكثر ؟؟..
 لا أعتقد، والبداية من الصفر هي الشعار الذي يرفعه كل وزير فور تسلًم مقاليد أمور وزارته، لذلك نحن بطيئو التقدم، وسنبقى كذلك طالما استمرت البداية من الصفر, وتَجَاهُل ما فعله الوزير السابق...