الله؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

الله؟!.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٠ أغسطس ٢٠١٤

يقول طالب في واحد من الصفوف الإعدادية: إنّ الله يحبّ الفقراء في الحارة البحرية أكثر من فقراء حارة البستان.. وطالبة ثانية أخبرت صديقتها أن الله يحبّها أكثر من سواها، وقد أعطاها الكياسة وميزها!!؟
الشيخ أحمد أصغى هذه المرة للولد.. وأصغى في مرات سابقة لسواه من الأولاد، الذين يقطعون النهر والساقية والمنحدر والسهل، حتى يصلون إليه، حيث الشجرة الباذخة، والدروس في الإملاء والمحبة والرسوم التوضيحية والتعريفات، والرياضات.. ويتوقف أكثر توقفاته عند الكسور في الحساب، والنواقص في الجموع والمعادلات..
بعد أن خرج من إصغائه، وجدول طرح القيمة الفائضة أو المضافة.. قال للولد: الله يترك لنا أن نختار أين يكون ويُحب الفقراء.. الحارة النظيفة تحتفي وتحتمي بالنور والخير..
والحارة المتسخة تهزم ضياءها بزحمة أوساخها.. الله حارته في دواخلنا أولاً بأول، وتترأف بآثامنا، كيلا تتعزّز على حساب آمالنا..
وهو الجميل القدوس، الصلاة.. المحاسن.. الشروقات والكمال الذي يهطل ظلّه الحنون الكريم على ملامح النساء ومطارحهن، حتى تتفوه أنوثتهن بألطافه وبهائه..
هل تدركون يا أولاد: حقل الشجرات المطلّ على الوادي هو من عنده، ويوصي به ويحرسه من (الحرامية) و(أولاد الخطايا)؟! ويطعم منه الجوعانين ويُبقي لي ولعائلتي ما يفي بغرض جوعهم..
الأولاد راقهم أن ينظروا إلى حيث الحقل والأشجار.. وراقهم أن يتعلموا أي معلومات عن (الحرامية) و(أولاد الخطايا) تابع الشيخ أحمد:
(الحرامية) أنواع من الناس لا يتركون لحارة الله أن تكون في أنفسهم، فيدركهم الفقر والتعذيب (والتعتير).. يسرقون أول سرقاتهم من قلوبهم وبيوتهم..
هل تعرفون أنّ الذي اسمه (قادش) سرق رزق أبيه.. وسرق عينيه، حتى صار أعمى، وسرق سنوات عيشه، حتى مات..
فعلاً وحقاً: مات أبوه على إثر سرقاته؟!
الله يريدنا على مقربة من حارته التي تركها فينا.. ولا يودّ من أحد أن يتقاعد عن الوصول إلى هذه الحارة، حتى تضيق به الضائقات وتقسره المهانات والتعاسات، فيخبر حينها نفسه:
أنا اليوم محتاج لله العلي القدير، لأتخلص من ضيقي ومهاناتي وتعاساتي؟!
الحارة في قلبك ونفسك، ما الضرر أو الفاقة، إذا اقتربت من معانيها، وذهبت إلى باحتها وشجرتها، كما يأتي الطالب إلى باحة المدرسة أو إلى الظلال، ليتعلم فؤاده، ويتقوى نطقه وفهمه؟!
أولاد الخطايا هم المتأخرون عن دروس واحات الله التي في صحارى نفوسهم.. حتى تسيطر مع الوقت العواصف الرملية والغبارية على أرزاقهم وحتى تقتلع الضوء والظمأ الجيد، وتزرع عوضاً عنهما عتماً وارتواء واهماً وسراباً..
شجرة الشيخ مدرسة أولى قريبة من المطر..
ولا نزال نراها تسافر إلى الأماكن البعيدة ومعها درس كبير: الله في الفقراء المحبين..