هندسة الخراب!! .. بقلم:غسان يوسف

هندسة الخراب!! .. بقلم:غسان يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٩ أغسطس ٢٠١٤

نعم إنها فضيحة القرن الواحد والعشرين التي ترجعنا إلى عهد البرابرة والمغول, وربما كان البرابرة والمغول أشرف من هؤلاء الذين يعتمدون على ضخ مالي ولوجستي ومخابراتي من القوى العظمى التي تدّعي احترامها للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, إنّها فضيحة العصر وجريمة التاريخ.. ما عسانا نقول ونحن نقف عاجزين عن إمكانية الرد.
كل ما يحدث في سورية والعراق من قتل وتهجير وتدمير وذبح وقطع رؤوس إنما ينفذ بأيد غريبة, تم العمل على جلبها وتسليحها وتدريبها وزجها في اللحظة المناسبة.
ما تقوم به عصابات الإرهاب الكثيرة وعلى مختلف مسمياتها ليس وليد المصادفة, بل هو مخطط جهنمي, وعلى جميع الشرفاء أن يقفوا ضده, ولو اضطروا لقتال عمالقة الامبريالية العالمية ومحاربة شركات النفط والغاز والسلاح التي تخطط وتنفذ.
إنهم يعملون بمقولة على عينك يا تاجر دون خجل أو وجل, ليثبتوا يقيننا بأنهم المهندسون الحقيقيون لهذا المخطط، وإن من ينفذه اليوم هو تحت إمرتهم، ينفذ مخططاتهم ويحقق لهم غاياتهم بتفتيت المنطقة وضرب نسيجها الاجتماعي والحضاري الممتد لآلاف السنين.
هم يريدون مشرقاً خالياً من المكونات التي تدعم التعددية, بل يريدون مشرقاً أحادي النسيج لتشتعل الفتن الطائفية بين الدين الواحد, سواء في العراق أو لبنان أو سورية أو أي بلد عربي.
ألم ترتفع الأصوات داعية المسيحيين لمغادرة الشرق؟ متى كان الشرق خالياً من المسيحيين ؟ وهل يمكن للغرب المسيحي أن يعيش دون أن يتصل بجذوره الضاربة عمقاً في هذه المنطقة منذ ولادة المسيح وحتى اليوم؟!
ما يؤلم أكثر ويحز في النفس أن الإعلام العالمي مغيب, لم تكتب صحيفة واحدة أو تعرض قناة واحدة ما يجري في أرضنا من مجازر وفظائع ترتكب باسم الدين والدين منها براء.
عندما دخلت عصابات الإرهاب إلى أرياف بلدنا بقروا البطون, وقتلوا الشيوخ, وخطفوا الرجال حتى إنهم شووا الأطفال, وأكلوا لحمهم! اعتبرت صحف الغرب وإعلامه أن ما جرى ويجري ليس إلا تقدماً لقوات ما سموها الثورة أو المعارضة السورية !
إنها حلقة أليمة من مسلسل أليم جداً بدأ بعد الحرب العالمية الثانية, وهو يهدف إلى تحقيق غايات وأهداف لم تتحقق في سايكس بيكو.
فالمستهدف اليوم هو الحضارة السورية بهدف إبادة التعدد وتفكيك النسيج السوري, فكم من أضرحة نسفت ومتاحف هدمت وآثار سرقت !
الخطر الكبير ليس على مكون واحد، وإنما على المسلمين ذاتهم، (الدواعشة) ومن يشبههم من حركات إسلامية متطرفة أخطر من الصهاينة.. لا تستغربوا فالصهيوني هو عدونا منذ احتلال فلسطين, نعرفه ونعرف قدراته, نحاربه ويحاربنا, لا نختلف على تسميته وإطلاق أبشع النعوت عليه.
أما الإرهاب المستتر بالإسلام فيقتل ويذبح ويقطع ويشوي ويدفن الأحياء تحت عبارة (الله أكبر) !
لا بل إنهم يدخلون إلى بيوتنا فيسحبون أخوتنا وأولادنا باسم الدين، ويصبح الولد عدواً لأهله، والقريب خصماً لقريبه, والجار هدفاً لجاره.
إن أشد الحروب هي الحروب الداخلية فكيف بالحروب الأسرية والعائلية ؟!
السواد الأعظم من المسلمين لا يريد هذه التركيبة، لكن التشرذم الموجود في الدولة الواحدة وبين الدول العربية ذاتها جعل هؤلاء يعيشون على أخطائنا وشرذمتنا وفرقتنا.
علينا أن نهبَّ إيديولوجيا بعزيمة واحدة، وأن يكون العسكر آخر وسيلة تستعمل للإطاحة بهؤلاء، محاربة فكرهم وتعصبهم هو الهدف الأول, فقد أصبحوا يسكنون في ذهن البعض منا، وفي مخيلته لذلك سنخلِّص أنفسنا منهم, وننظف رؤوسنا, ومن ثم ننطلق لمقارعتهم بالسلاح.. فهل يقاتل الإنسان نفسه ؟ !
المطلوب من كل السوريين طرد هؤلاء من الذهن والقلب, ومن ثم مقارعتهم بالسلاح، ولكن بقلب واحد ويد واحدة.