قلم حام.. جردة أزمات(1/3).. بقلم: ظافر أحمد

قلم حام.. جردة أزمات(1/3).. بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الاثنين، ١٨ أغسطس ٢٠١٤

تصلح المنطقة لجردة في أزماتها, ومع أنّ الأزمات معروفة فإنّه يكفي عملية تجميعها لتتشكل مشهدية ضبابية تجاه مستقبل المنطقة التي تتداخل فيها عمليات التآمر الذاتي والتآمر الخارجي بكل دولة من دوله، وتتظهر شرائح شعبية لا نوعية في أكثر من دولة تتصالح مع الإرهاب وتتحول إلى بيئة حاضنة له، إضافة إلى بعض الأنظمة التي تحتضن تلك البيئة الحاضنة, وأصبحت حاضنة الإرهاب في أكثر من دولة أمراً واقعاً يصعب لفظه..!.
واستباقاً لأي جردة في أزمات المنطقة فإن من العلامات الفارقة في المنطقة حتمية التسويات والتي تقدّم حلولاً جزئية وليست نهائية، لأنّ أزمات المنطقة دائمة, وإن تفجّرت إحداها وفق مرحلية معينة وبشدة نسبية فإنّها تصل في نهاية المطاف إلى مرحلة الحل بالتسوية التي تؤمن كموناً مؤقتاً لها قبيل أنْ تتفجّر الأزمة مجدداً..
هذا هو قدر المنطقة طالما يوجد كيان مثل (إسرائيل) وكيان مثل السعودية، وكيانات مستقبلية توضحت هوياتها وسيكون لها شأن في زيادة تأزيم المنطقة (إمارات جهادية- دولة كردية أو أكثر –دويلات جديدة تنتج من تقسيم دول مأزومة..).
يمكن جرد أزمات سورية من خلال توصيف سورية بعلامات سياسية وجغرافية فارقة..
1-سورية لديها أزمة احتلال "إسرائيل" للجولان..
2-الأزمة الكامنة الأعرق هي سلب تركيا للواء إسكندرونة السوري ومساحات كبيرة تزيد عن مساحة عدة دول خليجية..
3-تعرضها لغزو من قطعان بشرية تكفيرية وسيطرتهم على مناطق سورية، وإعلان بعض التنظيمات إمارات جهادية في سورية، وأخطرها تنظيم داعش الذي أعلن (دولة خلافة).
4-مشكلة بعض القوميات الموجودة على الأرض السورية ويتم تجاهل تظهيرها إعلامياً وسياسياً لاعتبارات متعلقة بخصوصية الأزمة العنيفة التي تتعرض لها سورية حالياً..
وفي جردة لأزمات العراق فإنّ أهم عناوينه هو تعرضه للغزو الأميركي المباشر وقيام أميركا بتفكيك العراق، وسلبه قوته العسكرية الرئيسية عندما قامت بحل الجيش العراقي، وأجّجت فيه صراعاً طائفياَ كان كامناً في عهود سابقة وظهّرته ليتفجّر في ظل الاحتلال وما بعد الاحتلال، وأصرت على تأجيجه حتى بعد انسحاب الاحتلال الأميركي من العراق، بل حصل الانسحاب ليتاح لاحتلال آخر له تجسد أخيراً بالتنظيم التكفيري (داعش)..
كما "طبخت" الولايات المتحدة العراق بنظام سياسي يقوم على المحاصصة, وبما يرسخ هوية طائفية وأثنية مع الزّمن تتغلب على الهوية الوطنية..، وسرعان ما برزت دعوات التقسيم في العراق والتي بدأت مع أصوات (إقليم كردستان)!.
والأبرز في(طبخة) العراق أنّه أصبح صالحاً للتلاعب الإقليمي فيه, وتحوّل إلى ورقة بيد دول الجوار ودول التآمر العالمي، وتوضّحت في حياته السياسية ما بعد انسحاب الاحتلال الأميركي دلالات المرض السياسي العميق بكثرة الأحزاب والحركات والكيانات السياسية فيه، إذ ورثّت "الديمقراطية الأميركية" صاحبة حزبين وكيانين رئيسيين سياسيين (الديمقراطي-الجمهوري) للديمقراطية العراقية (حوالي 600 تنظيم وحركة وحزب وكيان سياسي تتصارع مع بعضها)!.
ويمكن ترميم مشهدية المنطقة من خلال جردة أزمات لبنان ثم فلسطين المحلتة والأردن فالسعودية فتركيا..، للوصول إلى خلاصات تتيح إمكانية بناء تصورات لمصير كل دولة ولطريقة تعامل كل دولة مع أزماتها، واستناداً إلى معطيات الواقع فإن أقرب دولة يمكن أن تنجح في تجاوز أزمتها الحالية هي سورية كمقدمة لفتح طريق الحل في باقي أزماتها، إذ نقطة التفاؤل الكبرى في ذلك هي أنّ سورية بكل ما تعرضت له من ضغط وتدخل عالمي وإقليمي ومحلي حافظت على نسيج سياسي ومؤسساتي بذات هويتها التي تجعلها عمود الارتكاز في محور المقاومة..
(يتبع)