السوريون يتوحدون ضد الإرهاب الداعشي وأوروبا تحذر من الموت القادم من الشرق

السوريون يتوحدون ضد الإرهاب الداعشي وأوروبا تحذر من الموت القادم من الشرق

تحليل وآراء

السبت، ١٦ أغسطس ٢٠١٤

الأزمنة| علي مخلوف
في سورية تهب النخوة العشائرية لترافق حمية جنود الجيش العربي السوري دفاعاً عن الشرف والأرض، معارضون يعلنون البراءة من المرحلة السابقة، هرج ومرج في العراق, قتال مستمر, وخلاف سياسي جديد ناشئ أفضى بإزاحة المالكي بدعم أميركي ونشوة سعودية، إيران تعلن بقوة أنها لن تعود إلى الزمن السابق والعزلة والحظر، أما عالمياً فإن الروس يتوغلون في مصر، والتحذير من الإرهاب والدعوات لمواجهته يسود على الساحة الدولية دون ترجمة فعلية لذلك, فيما يبقى الذبح مستمراً, ودبج الفتاوى التكفيرية على ذات الوتيرة, وأنهار المال والسلاح لم تنقطع.
التطورات السورية
بين عمليات نوعية للجيش العربي السوري وانتفاضة للعشائر العربية في الجزيرة السورية وتشكيل حكومة جديدة، وتراجع معارضين عن مواقفهم تكمن الزبدة.
معارك بين مسلحي داعش وأبناء عشيرة الشعيطات في دير الزور, وسط معلومات عن مجازر ارتكبها مسلحو التنظيم التكفيري بحق أبناء الفرات، تتوحد العشائر مع جيش بلادها، تلقي الطائرات قصاصات ورقية تحيي أبناء البلد، فتسارع صحف سعودية للاصطياد في الماء العكر، بأن الدولة تستقوي بأبناء العشائر! وكأن أبناء العشائر بشر مستوردون من الخارج, وقد نسيت الصحافة السعودية أن تتجنب الخوض في تلك المزاعم، فأبناء العشائر سوريون أقحاح, ومن الطبيعي أن تستنهض الدولة أبناءها، لكن من غير الطبيعي أن يقوم النظام السعودي بالاستنجاد بآلاف المقاتلين المصريين والهنود والباكستانيين لحماية حدود مملكة الورق!
بالتزامن مع هذه التطورات الميدانية السيد الرئيس بشار الأسد يصدر مرسوماً بتشكيل الحكومة الجديدة، ووائل الحلقي يؤكد بأن توجيهات القيادة تشدد على اجتثاث الفساد، إذاً هي حكومة يجب أن تكون خارجة عن العادة تتناسب والتطورات التي وصلنا إليها.
وفي جديد مواقف المعارضين الذين كان لهم دور سيئ ضد الدولة السورية خلال أكثر من ثلاث سنوات، أكدت المعارضة ريما فليحان أن الحل للأزمة التي تشهدها سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام هو في حوار شعبي واسع للسوريين يلفظ الطائفيين والمتطرفين من كل الأقطاب، مشددة على أن الحلّ أيضاً بمبادرات خلاقة من الجميع, وتغير آليات التفكير وأسلوب التعاطي مع الحدث، معبرة عن حقدها وكرهها لكل من موّل وأدخل تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف سابقاً بـ(داعش) إلى سورية، وقالت «نعم لخروج كل الأجانب من بلدنا من أي طرف كان.. نعم لحوار شعبي سوري - سوري لوقف حمام الدم والدخول في مرحلة انتقالية.. نعم لنتحمل كلنا مسؤولياتنا لإنقاذ ما تبقى.
عضو مجلس الشعب السابق محمد حبش الذي يقيم حالياً خارج البلاد والذي علق قائلاً: إن الخطر الماحق قادم على كل السوريين، وعلينا أن نتعاون بكل ألواننا وأطيافنا، التعاون المطلوب تحديداً هو بين المعارض والموالي لمواجهة الاستحقاق الأسود.
كلام فليحان وهي العضو السابق في ما يُسمى بالائتلاف المعارض ليس عبثياً فهي تعلم ما تسير عليه الدول والأنظمة التي كانت ولا تزال تدعم هذا الداء المزمن المسمى بالتطرف، فهل سيحذو معارضون آخرون حذو فليحان وحبش؟ الاثنان أكدا على وجوب وحدة السوريين بكل انتماءاتهم الدينية والسياسية موالين ومعارضين ضد الإرهاب والتطرف والقتل، لعلها الفائدة الوحيدة التي حصلنا عليها من هذا التنظيم الشيطاني، وهي إزالة غشاوة عن عيون البعض ولو كان الوقت متأخراً.
العراق في مأزق جديد
عدم تسليح أميركا للجيش العراقي بعد انسحابها كان السبب الرئيس للأزمة الحالية في العراق، بالإضافة إلى زيادة دعمهم للجماعات الإرهابية في سورية ما أدى إلى اختلال ميزان القوى لصالح الجماعات المتطرفة، هكذا رأى مراقبون عراقيون بحسب ما تناقلت وسائل الإعلام.
كان الحديث سابقاً عن معارك بين الجيش العراقي وعصابات داعش، وإذا بحرارة القتال تنتقل للميدان السياسي، نوري المالكي الرجل الصلب بات خارج اللعبة بتدبير أميركي واستجداء سعودي، ولاسيما أن النظام في الرياض كان معادياً للمالكي منذ زمن طويل وليس منذ ظهور داعش، عداء الرياض بدأ عندما كانت تفضل إياد علاوي على المالكي، ففاز الأخير وأصاب عاصمة آل سعود بالحنق الشديد، هذا النظام يحمل السمة البدوية، الحقد الأبدي الذي لا يُمحى بالسنين الطويلة. دبرت أحداث الأنبار وحركتها على أساس مذهبي، رفعت مظلومية أبناء المذهب فكانت الشماعة التي سارت بها لتغيير المالكي، استجدت واشنطن، الأخيرة رأت بأن إيران لن توافق بسهولة، لكن طهران أبدت مباركتها لكل ما يختاره الشعب العراقي، فهل في القضية صفقة؟! يتساءل العديد من المتابعين، هل لذلك علاقة بسير مجريات المحادثات الإيرانية ـ الغربية بشأن ملفها النووي؟ كيف ستلتقط موسكو هذا الشرخ السياسي الذي افتعلته أميركا؟ هل ستتواصل مع المالكي وتدعمه؟ كيف سيتعاطى رئيس الوزراء الجديد مع النظام السعودي؟ ولاسيما أن المالكي وصل إلى مرحلة متقدمة من العداء للرياض, والأخيرة تعتبره خصماً شرساً يجب التخلص منه.
بالمختصر فإن الساحة العراقية مقبلة على الكثير من التحديات الصعبة ميدانياً وسياسياً، وستتحول هذه الساحة إلى ملعب لعدد من الدول الإقليمية والعالمية بوتيرة أكثر مما سبق.
روسيا تتوغل في مصر
السيسي التقى القيصر الروسي، حرارة في المصافحة ونجاح في الزيارة، توافق على معظم المبادئ وأولها حل سياسي للأزمة السورية، الرئيس المصري سيعود إلى وطنه وبجعبته سلة من الجوائز أهمها تعاون اقتصادي وصناعي مع موسكو، ولن يقتنع المراقبون والرأي العام أنه لن يكون هناك تعاون أمني وعسكري أيضاً فالروس لن يوفروا جهداً لذلك.
هل ستنعكس هذه الزيارة على التعاطي المصري مع الأزمة السورية ببوادر إيجابية؟ كيف ستكون ردة الفعل الأميركية عليها؟ وكيف سيضع السيسي السعوديين في أجواء زيارته؟ وهل سنرى تواجداً روسياً قوياً على الساحة المصرية لاحقاً؟ هل سيخشى الأميركيون من أن يلجأ السيسي إلى الموازنة في علاقاته الخارجية بحيث لا يعتمد فقط على الأميركي والخليجي بل على الروسي أيضاً, بحيث يتوخى أن لا يتم لي ذراعه من قبل "الخليجيين والأميركيين" لاحقاً.
الشهية كبيرة لدى الروس للعودة على كل الساحات، والساحة المصرية من أكثرها أهمية بعد سورية والعراق في المنطقة العربية.
دعوات لمكافحة الإرهاب
لا يزال المجتمع الدولي على حاله في دق نواقيس الخطر تحذيراً من الموت القادم من الشرق "التطرف" كل التصريحات والمواقف تحذر وتندد وتشجب, لكن على أرض الواقع لم يتم الإجماع بشكل فعلي على تعريف هذا الإرهاب وتحديد طرق مكافحته.
يترافق مع تلك التحذيرات الخلبية استمرار في ضخ الأموال والسلاح والمقاتلين، ودبج لفتاوى التكفير، مواقف متعنتة من قبل بعض الأنظمة الإقليمية، كل شيء على حاله، والذبح لا يزال مستمراً.
في هذا السياق دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب إلى محاربة الإرهاب ومواجهته في كل دول المنطقة بما فيها في سورية وليس في العراق فحسب، هذا الموقف يأتي بسبب ازدواجية المعايير الغربية التي تدعم الجيش في العراق وتحاربه في سورية، تخاف الإرهاب في العراق وتغض الطرف عنه في سورية، وكأن لافروف يقول للغرب كما أنتم تحاربون الإرهاب في العراق وتدعمون حكومته، نحن كذلك في موسكو ندعم دمشق في حربها ضد هؤلاء الرعاع.
بدورها وصفت استراليا صورة طفل يحمل رأس جندي من الجيش العربي السوري بأنها «وحشية»، في حين اعتبرتها واشنطن دليلاً حياً على خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي، في الوقت الذي اعتقلت فيه السلطات الأمنية في كوسوفو 40 شخصاً قاتلوا في سورية والعراق.
الأدرينالين يرتفع في دماء الأوروبيين " البريطانيين والفرنسيين" يتخذون إجراءات صارمة بحق المتحدرين من بيئات وأصول إسلامية، والتحذيرات تكثر من تنفيذ عمليات إرهابية كبيرة، تزامناً مع إعلان البغدادي أوروبا ضمن خارطة الخلافة المزعومة.
فيما يستمر الجيشان السوري والعراقي بقتال داعش وأخواتها دفاعاً عن السلم والأمن في المنطقة والعالم.

المجهر السياسي
قالت هيلاري كلينتون إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ترك في سورية فراغاً "ملأه الجهاديون" وذلك نتيجة عدم تقديم المساعدة العسكرية للمعارضة السورية، زاعمةً أن "عدم المساعدة في بناء جيش معتمد من الذين كانوا وراء التظاهرات المعارضة للدولة، حيث كان هناك إسلاميون وعلمانيون وكل ما بين هذين الاثنين، مضيفةً أن "من الأسباب التي تثير قلقي بشأن ما يحدث في الشرق الأوسط حالياً هو قدرة الجماعات الجهادية على التغلغل، وهو ما قد يضر بأوروبا وبالولايات المتحدة".
وكأن كلينتون تروج لحملتها الانتخابية الرئاسية القادمة، مسلطةً الضوء على أخطاء أوباما بحسب رأيها، وتحمله مسؤولية تفاقم الأزمات في الدول التي تتدخل بها أميركا، هيلاري منزعجة لعدم نجاح إدارة بلادها في سورية، هذه تُعتبر مزايدة على أوباما إرضاءً للوبي الصهيوني النافذ في أميركا، حلم تشكيل ميليشيا موحدة منضبطة مرتبطة بأميركا لم يتحقق إلى الآن، لكن الغريب هو إصرار الساسة الأميركيين مثل كلينتون على وجود علمانيين مسلحين رغم كل تلك الضوضاء التي يصدرها أصحاب الخلافة والمسميات الإسلاموية لما تُسمى بالكتائب والألوية.
...
ادعى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن ما شاهده العالم في الحرب على غزة من صور مأساوية ووقائع غير مسبوقة من الوحشية والدمار الشامل تتجاوز كل الحدود الإنسانية، مؤكداً أن "إسرائيل لن تتورع، عن الذهاب إلى أي مدى، ودون حساب لنظام أو قانون أو شرعية أو إنسانية، لتحقيق أغراضها وأهدافها، مشيراً إلى أنه قد صدرت مؤخراً توجيهات العاهل السعودي بتخصيص مبلغ 80 مليون دولار لوزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني، وذلك لمواجهة أعباء الخدمات الإسعافية ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، أما بالنسبة لبرنامج إعادة الأعمار في قطاع غزة فقد بين وزير الخارجية السعودي أن الصندوق السعودي للتنمية سيعمل بالتنسيق مع المانحين الآخرين لتمويل إعادة إعمار المنشآت والمساكن المتضررة بمبلغ 500 مليون دولار.
يدأب آل سعود دوماً على إظهار مساندتهم للفلسطينيين وكأنها صدقة عن أمواتهم لا واجباً قومياً وشرعياً تمليه الأخلاق والضمير الإنساني، ألف رصاصة قد يرسلها النظام السعودي لمقاومي غزة قد تساوي أطناناً من الأدوية والإسمنت لإعادة إعمار قطاع قد يُهدم في أي لحظة مرةً أخرى، بل ضغوط سعودية على الحليف الأميركي الداعم لإسرائيل كانت لتثمر إنقاذاً للكثير من الأرواح الفلسطينية، الرياض التي تآمرت على بغداد في 2003 لن توفر غزة، آل سعود باعوا فلسطين منذ عقود وبصك رسمي للبريطانيين أتى بهم إلى العرش، لذلك لن تغطي كل الدولارات الكاذبة التي يتبرعون بها كل عوراتهم.