معايير مفقودة .. بقلم: د.سمير صارم

معايير مفقودة .. بقلم: د.سمير صارم

تحليل وآراء

الجمعة، ١٥ أغسطس ٢٠١٤

   هل يدلّني أحد على المعايير التي يتم الاعتماد عليها عند اتخاذ قرار اختيار شخص ما لمنصب ما في وزارة أو إدارة حكومية ؟؟
    لا أعتقد أن أحداً بقادر على تحديد هذه المعايير التي يتم بموجبها اتخاذ مثل ذاك القرار !!
    أسأل هذا السؤال وأجيب عليه وأنا أرى بين الحين والآخر أن فلاناً أو فلانة جرى اختياره لهذا الموقع أو ذاك !!.. وغالباً كما نلاحظ أن الكفاءة و الخبرة ليستا أولى المعايير ولم تكن أهمها عند اتخاذ قرار الاختيار، ودعوني واعتماداً على مشاهداتي أجتهد وأقول: إن أهم المعايير التي يُعتمد عليها عند الاختيار هي العلاقة التي يمكن أن تكون بين صاحب القرار وبين من يجري اختياره، أو بين هذا وصاحب موقع ما له تأثيره على صاحب القرار .. وكم من شخص تستعرض الذاكرة اسمه الآن لا يتمتع بأي كفاءة تؤهله للموقع الذي هو فيه، إذ نلاحظ أن فلاناً تم تعيينه مديراً لمؤسسة؛ كل خبرته فيها بأنه سمع باسمها ، أو هو أحد العاملين العاديين فيها، والذي لم يعتقد هو نفسه أنه يمكن أن يكون يوماً مديراً لها، مع ذلك تمّت تسميته مديراً بكل مزايا الإدارة من سيارة وسائق ومكتب أنيق مع سكرتيرة أو اثنتين، ويصبح مقصداً لكل منافق ومرائي يريد التقرب منه للحصول على مزايا كانت له مع من كان قبله ويخشى فقدانها .. تماماً كما فَعَل هو قبل أن يصل إلى الموقع الذي هو فيه ..
     وهنا أتمنى على من يخالفني الرأي أن يستعرض أسماء المدراء في إدارته أو أسماء المدراء العامين في وزارته ليرى أن لا معايير محدودة لمن جرى اختياره لأي موقع إداري غير معيار واحد مهم هو مدى قرب الشخص من صاحب القرار أو بعده عنه، حتى إذا أراد صاحب القرار في وزارة أو إدارة عامة اعتماد معايير فلن يجد، لأنه لا توصيف وظيفياً عندنا، والتوصيف الوظيفي يحدد مؤهلات وإمكانات وخبرات كل العاملين، والقدرات الإدارية أو المهنية التي يتمتع بها كل منهم ، وبالتالي من الصعب على صاحب القرار حتى لو أراد أن يختار الشخص الكفؤ فلن يستطيع بسبب غياب التوصيف الوظيفي ..
مسألة أخرى تجعل من الاختيار صعباً هي عدم وجود قيادات صف ثاني جرى تأهيلها لتكون يوماً ما في أحد مواقع الصف الأول إذا أراد صاحب القرار أن يختار أشخاص مؤهلين ليكونوا مدراء في وقت ما ، فقيادات الصف الأول تهمش كل من يمكن أن يحل محلها عند أي تغيير، وهذه القيادات لا تقّرب إليها سوى الضعفاء الذين ينفذون التوجيهات, ولا قدرة عندهم على تقديم المبادرات ويسّبحون ليل نهار بقياداتهم فلا يعارضونها ولا يكشفون ضعفها.. وهنا أقول أن المدير الكفؤ يقرّب منه كل صاحب كفاءة لأنه لا يخشاه ، والمدير الضعيف يقّرب منه كل ضعيف إلا من القدرة على مدحه، لأنه يخشى الأشخاص الأكفاء ..
ومرة أخرى أتمنى على قرّاء هذه الزاوية أن يحاولوا استعراض أسماء مدرائهم ليكتشفوا أن أهم معيار لاختيارهم مدراء كان قدرتهم على الدخول إلى عقل وقلب صاحب القرار وليس غير ذلك، لهذا لم نستطع تحقيق أي إصلاح سعينا إليه في المرحلة الماضية ، وأهم إصلاح كان ومازال مطلوباً اليوم وغداً هو الإصلاح الإداري .. وقد رفعنا هذا الشعار كثيراً لكننا لم ننفذه لأن لا مصلحة للإدارات الحالية فيه .. وأهم متطلبات الإصلاح الإداري وضع معايير لاختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، وهذا المعيار الأساسي غير موجود.