لماذا ترسم سورية مستقبل العالم ؟!!.. بقلم: غسان يوسف

لماذا ترسم سورية مستقبل العالم ؟!!.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الجمعة، ١٥ أغسطس ٢٠١٤

"هذه البلاد التي مرّ عليها الغزاة منذ فجر التاريخ قبل آلاف السنين.. حتى غادرها المستعمر الفرنسي قبل أقل من سبعة عقود.. مازالت هي سورية الحية.. القادرة على الصمود والبناء وإعادة استنباط الحياة من رحم المصائب.. هنا تتجلى عظمة الشعوب وتاريخها وحضارتها.. فالبلاد ليست بمساحتها أو عدد سكانها أو أموالها أو نفطها.. البلاد ببعدها الحضاري الثقافي.. وبدور شعبها التاريخي وبالسيادة والإرادة لمواجهة تحديات الحاضر وصناعة المستقبل "
الرئيس بشار الأسد خلال أداء القسم 16 – 7 – 2014
نعم، الرئيس الأسد محق بقوله إن عظمة الشعوب تتجلى بدور شعبها التاريخي وإرادته في مواجهة التحديات وصناعة المستقبل. ألم تكن أوغاريت قرب اللاذقية هي أرض اختراع الأبجدية التي ولدت منها جميع أبجديات العالم مثل اليونانية واللاتينية والعربية والعبرية على أيدي الفينيقيين.
ألم تكن آرام دمشق الإمبراطورية العظيمة التي امتدت من جنوب الأناضول حتى أبواب مصر وخلفت أمجاداً ما زالت تطبع حياتنا الثقافية حتى اليوم ؟.
ألم تكن دمشق عبر التاريخ في قلب الحدث سواء خلال وجود اليونانيين أم الروم ومن ثم العرب ومن بعدهم الفرنجة والمغول، فلم تنشأ حرب إلا كانت وجهتها دمشق, فالسيطرة على دمشق كانت تعني السيطرة على قلب المنطقة والعالم؟. هولاكو الذي احتل أكثر من نصف آسيا هُزم على أبواب دمشق!. وحديثاً, ألم تكن دمشق هي من طردت الاحتلال العثماني؟ ألم تكن دمشق أول من حارب الاحتلال الفرنسي؟ ألم تكن دمشق أول من حقق نصراً على "إسرائيل" عام ثلاثة وسبعين حين جعلت العرب يستخدمون سلاح النفط ؟ أليست هي من ساعد في تحرير جنوب لبنان عام 2000 وتحقيق انتصار تموز عام 2006 !. ألم يقل الجنرال غورو عندما دخل الفرنسيون دمشق : "ها قد عدنا يا صلاح الدين" !. وهل كانت دمشق يوماً بمنأى عن مخططات الحركة الصهيونية العالمية في احتلال المنطقة العربية من النيل إلى الفرات؟ أو في منأى عن مركز صناع القرار في واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبكين.
وهل كانت دمشق بمنأى عن مصطلح "صِدام الحضارات" الذي أطلقه "صموئيل هنتجتون" في كتابه الصادر عام 1996م والذي أشار فيه إلى فقرة رئيسية في مقال كتبها "برنارد لويس" عام 1990م بعنوان جذور الغضب الإسلامي, ألم تكن دمشق يوماً عاصمة الإسلام مثلما هي عاصمة العروبة اليوم ؟. ألم يقل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق في مقابلة مع صحيفة "نيويوركر" الأميركية أنا أعترف أن الرئيس الراحل حافظ الأسد هو الشخص الوحيد الذي هزمني وقهرني في حياتي, واليوم سورية بشار الأسد أدهشتني!. ألم يعترف كيسنجر نفسه أن ما سماه (ثورة سورية) " ما هي إلا حرب عالمية ثالثة ! لإحراق سورية من الداخل"..
هل كانت سورية بمنأى عن موافقة الكونجرس عام 1983م بالإجماع في جلسة سرية على مشروع "برنارد لويس"، على تفتيت العراق لثلاث دول، وتقسيم سورية إلى أربع دويلات.
نعم، الرئيس الأسد محق عندما يتحدث عن خط زلازل يمر في سورية، ولن تتوقف ارتداداته في سورية ولا عند الجوار بل ستذهب لمناطق بعيدة. نعم، سورية محور العالم وخط صدعه فمن أراد أن يخلخل التوازن العالمي فلا بد أن يمر بأرض الشام، وهو ما يحصل حالياً؟.
وإذا صحت الرواية بأن قابيل قتل أخاه هابيل في دمشق وتحديداً في جبل الأربعين في موقع يسمى (مغارة الدم) تكون أرض الشام قد شهدت أول جريمة في التاريخ، وتكون دمشق هي أول مكان يشهد صراعاً بين البشر (أي بين الخير والشر) ومن هنا يحق للسوريين أن يقولوا إن محاربة الشر انطلقت من هنا.. لتكر السبحة وتصبح سورية مهد الديانات السماوية كافة, وبالتالي مهد الحضارة والفكر والثقافة.
فهل لأحد أن ينكر ما قام به الآراميون والفينيقيون؟ وهل لأحد أن ينكر كيف حوّلت دمشق بقاع الدنيا من الصين إلى الأندلس منارات للحضارة والثقافة والفكر, قبل أن يُختطف الدين ويُجير لصالح السياسة والمال !.