أزمات المنطقة مترابطة و الحل سـيفرضه محور المقاومة

أزمات المنطقة مترابطة و الحل سـيفرضه محور المقاومة

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٣ أغسطس ٢٠١٤

اهتمام دولي كبير بما يجري في المنطقة، فشرق المتوسط على صفيح ساخن، قد يفضي إلى انهيار علاقات السياسة العالمية في ظل تنامي قوى و بروزها بشكل لافت كـ إيران و سوريا، و مع نشاط إرهابي كبير مدعوم من أمريكا بشكل مباشر في إطار لعبتها القذرة التي تقوم على تمويل هذا الإرهاب لتحويله في لحظة ما إلى عدو تتمكن من خلال محاربته من تحقيق أهداف دعمه.
في العراق، أزمنة سياسية تضع البلاد أمام احتمالات التقسيم التي تتصاعد مع عزل نوري المالكي بطريقة يعتبرها إتلاف دولة القانون خرقاً للدستور، فيما تراها الأطراف الأخرى حلاً للأزمة في البلاد، في حين أن تنظيم داعش يزيد من وحشيته لتصل حد الذبح بقصد التصفية العرقية، وتحويل المنطقة التي ينتشر فيها ديموغرافياً إلى لون واحد، ويستفيد من هذا التخبط إقليم كردستان المدعوم من أمريكا و السعودية في حرب سياسية يمهد لفتح نيرانها على أشدها بالذهاب إلى استفتاء تقرير المصير لفصل الإقليم عن العراق، ولربما لتحولات الملف السوري انعكاساتها السلبية على العراق، فالتدخل الأمريكي يأتي أساساً على نظرية إعادة داعش إلى طريق دمشق و لو بالقوة من قبل الإدارة التي أنشأته لأهداف خطيرة عدة من بينها تقسيم العراق و السيطرة على نفطه بطريقة لا تمت للإحتلال المباشر بصلة كي لا يهتز الرأي العام في أمريكا، و من
ففي سوريا، يحدث ما يحدث، يتقدم الجيش العربي السوري على عدة محاور، تنتفض العشائر العربية ضد التنظيم الذي يرتكب أبشع الجرائم و التي وصلت في آخرها إلى قطع رأس طفل بحجة أن شقيقه يقاتل ضد التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، و إلى الشمال أكثر، تدخل قوات حماية الشعب الكردية إلى ميدان المعركة إلى جانب الجيش و العشائر.
و في محيط العاصمة، المعادلة ترجح تقدم الجيش، والميليشات المسلحة بمختلف ألوانها تتراجع بشكل كبير ولا ثقل لها على أرض الواقع، وجغرافيا المعارك، باتت قاب قوسين أو أدني من أن تصبح سورية خالصة، و تركز دمشق على قضيتها الأساس في خضم أزمتها، و تتجه عيونها كما العادة إلى فلسطين.
وهناك، حيث المفاوضات على أشدها اليوم لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تأخذ المنطقة برمتها إلى تحول كبير لا تريده أمريكا، فالمقاومة الفلسطينية أعادت إلى الأبصار العربية أن الهدف الأساس و قضيتهم المركزية هي فلسطين، و النزاعات الأخرى هي مجرد إلهاء و محاولات تصفية لهذه القضية، و تنكشف عورات الحكومات العربية التي تصمت عما يحدث في القطاع المحتل، و الذي برغم حصاره تمكن محور المقاومة من الوصول بكل أشكال الدعم العسكري إلى المقاومة وقدم ما يقدر، و تكشف تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة أن لمحور المقاومة كل الدراية بما سيأتي من عمل عسكري ستربك به المقاومة الكيان الإسرائيلي بالسلاح المتطور الذي لم يكشف  عنه أيضاً، ويجدر التنويه هنا إلى أهمية الدور الذي تلعبه المخابرات السورية والإيرانية في تأمين نقل السلاح إلى داخل اراضي القطاع.
هنا ترتبك السياسات الأمريكية أكثر، روسيا تدخل على الخط بقوة، فموسكو لها رأيها في المنطقة التي تعتبرها منطقة نفوذ استراتيجية و تعزز ذلك بتحالفات مبنية على الاحترام المتبادل لا على فرض الرغبات، وهذا ما منحها ثقة دمشق تاريخياً لتشكل معها تحالفاً مهماً يمكن لـ أمريكا أن تقدم مقابل أن تتخلى عنه دمشق كل التنازلات التي تريدها الحكومة السورية، لكن دمشق تدرك تماماً أن أول مطلب أمريكي سيكون هو تصفية القضية الفلسطينية، التي لم تتخلى عنها دمشق برغم تدخل بعض عناصر حماس في الشأن السوري.
في المحصلة، المقاومة الفلسطينية هي فاتحة الانتصارات، فالمعركة التي لا يمكن أن تطول أكثر من ذلك بسبب الطبيعة الهشة للكيان الإسرائيلي في الحروب ضد المقاومة وهذا على غرار التجربة الإسرائيلية في حرب تموز من العام 2006، سيفرض تحولات كبيرة في المنطقة.
فدور محور المقاومة البارز في هذا النصر سيفرض على الغرب التوجه إلى دمشق لمفاوضتها حول ما سيكون عليه الواقع في المنطقة، وذلك على غرار توجه الغرب إلى التفاوض مع طهران على ملفها النووي بعد إدراك الحكومات الغربية لقوة إيران، فالتاريخ يقول أن الغرب الذي تقوده أمريكا لا يفاوض إلا الأقوياء.
النصر في غزة، هو انعكاس حقيقي للنصر في سوريا، و الملف العراقي على سخونته سيكون الطريق إلى حله عبر الحوار مع محور المقاومة حصراً، مدعوماً بالرأي و القرار من كل من روسيا و الصين، وذلك لأن الفشل الذي واجهته سياسيات الغرب في سوريا، و نصر غزة يفرض على القوى الغربية أن تتصالح مع ذاته وتعترف بأن القوى الإقليمية غيرت قواعد اللعبة لتصب في مصلحتها، وعليه.. حلّ الأزمات في المنطقة برمتها مرتبط بما يريده محور المقاومة.. وهنا الحديث حصراً عن إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لمصلحة العرب.