ساحة الكبار.. بقلم: ندى الجندي

ساحة الكبار.. بقلم: ندى الجندي

تحليل وآراء

الاثنين، ١١ أغسطس ٢٠١٤

أن تكون أو لا تكون ولكن بأي شكل يكون تحقيق هذا الوجود؟؟
إنها لعبة: الحياة أو الموت.. الخير أو الشر.. صراع أزلي منذ خلق الإنسان وهو في حالة صراع من أجل البقاء.. صراع مع الطبيعة.. مع الحيوان صراع مع المجهول.. وأخطرها صراع الإنسان مع أخيه الإنسان وما هي إلا انعكاس لصراع الإنسان مع ذاته!!
الصدام خطير.. إمّا أنا أو هو ولا وجود لأحدهما دون الآخر كل طرف يسعى لإلغاء الآخر وكيف للوجود أن يحتضن هذه الثنائية؟
الحب والكره لا يلتقيان إلا إذا انصهر أحدهما وتلاشى في بوتقة الآخر فهو في حالة تحول فلابد إذاً من التغيير.. قد يسود لون رمادي باهت نشعر معه وكأن النور قد انطفأ والأمل قد اندفن لا هو حيٌ ولا هو ميت.. أشباه أحياء مثل أنصاف الحلول التي لا تعطي حلاً جذرياً للمشكلة ولكنها قد تقدم تسوية مؤقتة يتم خلالها العزف على وتر الوقت إذا أجاد استثمارها, يستعيد معها قواه لمعاودة الدخول في غمار هذا الصراع.. أشبه بغيوم رمادية تكون الرؤية فيها ضبابية تحجب نور الشمس لفترة ما تأتي بعدها أمطار غزيرة تغسل معها القلوب السوداء وتعيد إحياءها.. تكون بمثابة ولادة جديدة وهنا يكون النصر الحقيقي بعد هزيمة مؤلمة.. النصر يكون بالمقاومة..
هكذا هي الحياة لعبة.. الطفل ينمو.. ويتطور ويكتسب المهارات من خلال اللعب هذا السلوك الذي يقوم به يكون بهدف اللعب دون غاية عملية مسبقة..
ولكن هل تنطبق هذه الحالة عندما يكون اللعب في ساحة الكبار!! أما من هدف وغاية ترجى من هذه اللعبة؟ فالمنافسة كبيرة والخسارة خطيرة ولابد أن يكون مهيأ للنزول إلى الساحة وخوض غمار هذه اللعبة وكأنه في حلبة صراع حقيقي فهل هي فعلاً مجرد لعبة أم إنها رمز تعكس في جوهرها أوجه الصراع وبالتالي تكون محددة بغاية وبهدف مرسوم, فلنضرب مثالاً على هذا لعبة كرة القدم والتي استحوذت على عقول الكثيرين وتم بذل الأموال الهائلة, كل دولة تسعى لإنجاح فريقها.. وحتى الصراع السياسي بين الدول تمثل في صورة هذه اللعبة فصارت كل دولة تشجع فريقها أو الفريق الصديق لدولتها وتعتبر نجاح فريق العدو بمثابة هزيمة لها وخير مثال على ذلك في عام 1936 افتتح هتلر بنفسه الألعاب الأولمبية في برلين واعتبرها فرصة ذهبية يستعرض من خلالها قوته وقوة ألمانيا العظمى.. ولكن آماله خابت حين فاز الأميركي وهو أسود اللون (جيس وونس Jesse owens) بأربع ميداليات ذهبية لألعاب القوى حتى يقال إن هتلر غادر الملعب غاضباً واعتبر خسارة فريقه الألماني بمثابة خسارة ذاتية..
فأي رمز قوي هذا الذي تختزله الألعاب الرياضية في معناها وهل للسياسة دور في توجيهها أم هي مجرد صدفة يعتقد البعض أن للحظ دوراً في هذا الفوز؟
اللعب ضروري في كل الأعمار فهو بمثابة تنفيس للطاقة الزائدة وهو نشاط ضروري لتدريب وتهذيب الغرائز والدوافع مثل المقاتلة والعدوان وكأنه في لعبه هذا يلخص صراعه مع الآخر ويفجر كل طاقات العداء من خلاله.
في مرحلة سوداء من حياتنا هل نستطيع تحويل هذا الصراع الهمجي القائم إلى ساحة اللعب نختزل فيه هذه التنافس بصورة حضارية تمتص غضب الجاهلين في عقولهم.. تطفئ معها نار الشر وتترك بعدها مساحة للحوار.
هل ممكن هذا؟؟