من خفايا الشرق الأوسط الجديد.. بقلم: د . فايز الصايغ

من خفايا الشرق الأوسط الجديد.. بقلم: د . فايز الصايغ

تحليل وآراء

السبت، ٩ أغسطس ٢٠١٤

قبل "مواسم" الربيع العربي الدموية بسنوات, وتحديداً في شباط عام 2004 وضعت الولايات المتحدة الأميركية مشروعاً أطلقت عليه مشروع الشرق الأوسط الكبير.
المشروع كما نشرته وسائل الإعلام تسريباً يشير إلى أن الملائكة الأميركية قررت الهبوط في سماء بلدان الشرق الأوسط الكبير الذي يشمل بالإضافة إلى بلدان الوطن العربي بلداناً أخرى مثل باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا وإسرائيل طبعاً.
وقررت أيضاً في طريقها وهي تنفذ المخطط أو المشروع أن تغدق على المنطقة الديمقراطية وما أسماه المخطط – المشروع- الحكم الصالح، بناء مجتمع معرفي، توسيع الفرص الاقتصادية وتكريس الانتخابات الحرة والزيارات المتبادلة، تدريب النساء على القيادة السياسية, المساعدات القانونية للناس العاديين، إيجاد وسائل إعلام مستقلة!! وكأن في الولايات المتحدة الأميركية وسائل إعلام مستقلة!!، مكافحة الفساد، تعزيز دور المجتمع المدني الخ..
اليوم تعترف هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" بأن الإدارة الأميركية التي كادت أن تحكمها لو امتلكت بعض الصبا وشغلت منصب وزير الخارجية الأميركية وعرّابة مشروعات الشرق الأوسط الجديد، والفوضى الخلاقة، تعترف بأن إدارتها هي التي قامت بتأسيس ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة بمصطلح "داعش", ويفجر الكتاب الذي نشر حديثاً مفاجأة للعالم، أن الملائكة الأميركية التي أشار إليها المشروع هم دواعش القرن الواحد والعشرين، والهدف من هذه الدولة وأدواتها هو تقسيم الشرق الأوسط أكثر مما هو مقسم.
ويحدد الكتاب أن الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية كان يوم 5/7/2013 وكانت أميركا ودول أوروبا متفقة تنتظر الإعلان عن الدولة لكي يسارع الجميع إلى الاعتراف بها فوراً.
في سراديب الكتاب كما نشر عنه تكمن ملامح المؤامرة على سورية، وكيف كانت خارطة إعلان الدولة الإسلامية بما في ذلك أن كلينتون زارت أكثر من 112 دولة في العالم, واتفقت مع أغلبهم على الاعتراف فوراً عند إعلان الدولة الإسلامية إياها.
المهم في المشروع من ألفه إلى يائه وهو منشور في وسائل الإعلام لم يأتِ أبداً على مسألة الصراع العربي الصهيوني, ولا سلام الشرق الأوسط, ولا رفض الاحتلال, ولا مطالبة إسرائيل بأي التزام لا سياسي ولا أدبي ولا اقتصادي.. بما يعني إغراق منطقة الشرق الأوسط بتفاصيل مشروع هلامي "ملائكي" رديء ومغشوش لكي يوفر هذا المشروع ولادة داعش ودولها والاعتراف بها فوراً كما ورد في الكتاب ومن يشحذ ذاكرته، أو يعود إلى الوثائق سيجد أن كونداليزا رايس "بشّرت" من قبل بولادة ما أسمته شرق أوسط جديد, وكشفت آنذاك عندما كانت مستشارة الأمن القومي الأميركي وخلال زيارة للرئيس بوش الابن إلى بريطانيا عن أن ما أسمته "الإصلاح" في منطقة الشرق الأوسط لا يستوجب انتظار السلام في المنطقة، وإن السلام في المنطقة يمكن أن يأتي بعد إنجاز مشروع الشرق الأوسط الجديد.
من الصعوبة بمكان وفي مقال الإحاطة بتتبع هذه الأفكار الجهنمية التي رسمتها الإدارة الأميركية للمنطقة، لكن الجوهر فيها أن تسهم المخططات والمشروعات أياً كانت عناوينها بتجزئة المنطقة وبسط الهيمنة والسيطرة عليها أميركياً, ومن ثم إسرائيلياً, بحيث تكون الدولة اليهودية متماثلة ومتكاملة مع الدولة الإسلامية, وما بينهما الأب الروحي يحكم ويتحكم وهو الإدارة الأميركية، وهذا ما أشارت إليه الأحداث في سورية والاستهداف الممنهج للمجتمع السوري من جهة وتناغم إسرائيل والجماعات الإرهابية المسلحة واستمرار داعش في التوسع حتى وصلت إلى لبنان, فيما لم تستبعد مخططات داعش وأميركا دول الخليج وفي المقدمة الكويت.
اعتراف هيلاري كلينتون البطولي يشي بالكثير مما تجب متابعته في القادم من المقالات..