قتل الجنود.. مفتاح انهيار الكيان الصهيوني

قتل الجنود.. مفتاح انهيار الكيان الصهيوني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣٠ يوليو ٢٠١٤

 تماماً كما فعل مقاومو حزب الله خلال عدوان 2006 بالجنود الصهاينة، يفعل مقاومو المقاومة الفلسطينية في غزة.
ففي الوقت الذي يعمد فيه الصهاينة الى تنفيذ أبشع المجازر بحق شعب غزّة، تركّز فصائل المقاومة على إحداث أكبر ضرر في بنية الجيش الصهيوني عبر استهداف جنوده وآلياته.
المتتبّع للحرب على غزّة يعرف أنّنا أمام نسخة مطوّرة مما حصل في لبنان، سواء فيما يخص أفعال الجيش الصهيوني أو فيما يخص أنماط المقاومة الفلسطينية.
يجهد الصهاينة ومنذ بداية عدوانهم على تنفيذ أكبر عدد من المجازر البشعة، حيث أحالت مساحات كبيرة في أكثر من حي أهّمها حي الشجاعية الى ركام، علماً أنّ عدد الشهداء وصل حتى لحظة كتابة هذه الكلمات الى 1100 شهيد وأكثر من 6000 شهيد.
إنّ اعتماد الجيش الصهيوني على مبدأ الأرض المحروقة يستهدف كسر إرادة المقاومة عند أهل غزّة وكسر القتال عند المقاومين، فهل استطاع جيش الكيان الغاصب تحقيق أهدافه؟ هو سؤال مشروع من حقّنا أن نسأله، وجوابه فقط عند أهل ومقاومة غزّة التي لا تزال تقاوم وتخطّت حدود الإبداع والصلابة.
بداية التحوّل كانت في قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ التي غطّت كامل أرض فلسطين المحتلّة وخلقت معادلة رعب جديدة لم تكن موجودة سابقاً، والتي لم تنخفض وتيرتها منذ اليوم الأول، وهي مرشّحة لدخول صواريخ أبعد مدى في حال استمرت الحرب.
قد لا تكون الصواريخ التي تطلقها المقاومة ذات تأثير كبير في قدرتها التدميرية، إلاّ أنهّا حقّقت هدفها في وضع سكان الكيان الصهيوني في حالة التوتر والرعب الدائم، واستطاعت أن تُغلق المجال الجوي الصهيوني عبر توقف مطار بن غوريون، أكبر مطارات الكيان الصهيوني عن العمل.
ويبقى أن نشير الى أنّ أهّم ما تمّ تحقيقه في هذه المواجهة هو قتل الجنود الصهاينة وقصف ومهاجمة المواقع الصهيونية، لمعرفة المقاومة ما يمكن أن يفعله الأمر في مجتمع الكيان الصهيوني.
المفاجأة الأولى كانت عندما قام عناصر الضفادع البشرية بالتسلل الى  قاعدة زيكيم البحرية التي يُعتبر مجرد تنفيذها خرق لكل إجراءات العدو الأمنية والالكترونية.
أهّم العمليات النوعية هي العمل خلف الخطوط ما يضع كل وحدات الجيش الصهيوني تحت حالة من الرعب ستؤدي بالتأكيد الى الإنهيار كلما طال أمد المعركة.
ومن أهّم هذه العمليات عملية "بيت حانون" وعمليتا "صوفا" و"ناحال عوز"، اللتان حصلتا بعد تسلّل المقاومين عبر أنفاق معدّة سابقاً، وباعتراف جيش العدو قتِل في هذه العمليات أكثر من 30 جندي وضابط.
أما ما سيجعل هذه العمليات تستمر، فيعود الى الأسباب التالية:
1- عدم اكتشاف العدو للأنفاق التي تمّ إخفاء فتحاتها بشكل لن يسمح باكتشافها الاّ صدفةً، نظراً للإعداد الدقيق لهذه الأنفاق.
2- اعتماد المقاومين على ارتداء اللباس الكامل للجيش الصهيوني مع إشارات الوحدات التي يتّم تنفيذ العمليات في قطاعها، ووجود مقاومين يجيدون اللغة العبرية بين المجموعات التي تعمل خلف الخطوط، إضافةً لاستخدامهم نفس أنواع الأسلحة الصهيونية.
3- دقّة المعلومات الإستخباراتية عبر التنصت والإستطلاع ووسائل أخرى متعددة.
وعلى عكس ما يبتغي جيش العدو، فإنّ الركام الذي يحدثه عبر القصف العنيف جوّا وبرّاً يتحول الى دشم ومخابئ صعبة بمواجهة جنود العدو المتقدمين.
ليس عدد الدبّابات والآليات المدمرّة للعدو هو المهم، فالعدو بإمكانياته الضخمة يمكنه تعويضها، رغم أن تدمير هذه الآليات خلق حالة من التواجد فيها عند جنود الجيش الصهيوني الذين صاروا يعتبرونها قبوراً متحركة.
منذ بداية المعركة ردّد المقاومون في غزّة رغبتهم بقيام العدو بعملية بريّة، لأنهم يعلمون ماذا أعدّوا لهذا العدو من مفاجآت تظهر الواحدة تلو الأخرى، ففي أية بقعة يتواجد فيها جنود العدو يكونون تحت ضربات المقاومة المميتة، سواء كانوا في آلياتهم او سيراً على الأقدام او تحصنوا داخل المنازل.
أمّا كيف سيكون قتل الجنود مفتاح انهيار الكيان الصهيوني؟

فإنّ المتابع لوسائل الإعلام الصهيوني وما تبثّه أثناء مراسم دفن الجنود وشهادات أهاليهم وآراء الخبراء العسكريين والمحللين النفسيين وغيرهم، يدرك أنّنا أمام تحوّل كبير في الصراع الدائر مع الصهاينة هذه الأيام.

هذا التحوّل يُظهر بوضوح انكسار إرادة القتال لدى الجندي الصهيوني، ووصول عدد كبير من سكان الكيان الى وضعٍ باتوا يشعرون فيه بعدم الأمان، وهو الأمر الذي جاؤوا الى فلسطين من أجله من خلال الشعارات التي روجّتها الحركة الصهيونية وما زالت.

ما نشهده في غزّة ليس معركة بريّة واسعة، والتي وإن حصلت لن تصبّ أبداً في مصلحة الجيش الصهيوني للأسباب التي ذكرناها سابقاً، حيث ستكون هذه المعركة الشاملة سبباً في وقوع مئات وربما آلاف القتلى في صفوف جنود الإحتلال، فمجرد عمليات محدودة كلّفت جيش العدو بحسب مصادره حوالي 70 قتيل ومئات الجرحى، فكم سيكون عدد القتلى في عملية بريّة واسعة؟

الكثيرون من خبراء العدو اعترفوا صراحةً أنّ المقاومة في غزّة انتصرت وأنه يجب العمل على وقف هذه الحرب بأي شكل حتى لا تزيد في حالة التفكك والانهيار، ومن هنا نفهم موافقة العدو أكثر من مرّة على وقف إطلاق نار مؤقت، الذي حصل أكثر من مرّة وهو إن دلّ فيدّل على مدى إنهاك العدو وإرباكه.

أخيراً، فإنّه بمعزلٍ عن استمرار المعركة أو توقفها، فإنّ ما أحدثته في بنية العدو الاجتماعية وجيشه يتعدى بكثير ما يتم الحديث عنه، وأية نظرة للأمر يجب أن تكون ببعد استراتيجي يتجاوز التفاصيل لأنّ هذه المعركة هي مجرّد فصل من فصول النهاية القادمة والتي ستكون حتماً لمصلحة محور المقاومة برمّته.