غورو- هولاند الخ...بقلم: د. اسكندر لوقا

غورو- هولاند الخ...بقلم: د. اسكندر لوقا

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٨ يوليو ٢٠١٤

كما كان حال الجنرال غورو، القائد العام للقوات الفرنسية في الشرق، في العام 1920، كذلك هو حال رئيس فرنسا الحالي هولاند، وكذلك سيبقى حال من سيليه من الرؤساء الفرنسيين الذين لا يؤمنون بأن صفحات الاستعمار الحديث قد طويت في سورية إلى الأبد.
في الثاني عشر من شهر تموز من العام 1920، أمر الجنرال غورو قواته بالزحف لاحتلال محطة سكة حديد رياق- حلب. كما سير قوة من جنده لاحتلال مدينة حلب، مدعياً أن الحكومة السورية قامت بتوزيع أربعين ألف ليرة على سكان الأحياء لدفع المواطنين على مقاومة الفرنسيين. فضلاً عن الإنذار الذي كان قد وجهه إلى السوريين، في اليوم السابق، بقبول الانتداب الفرنسي من دون قيد أو شرط.
والغريب في الأمر أن فرنسا اليوم، تحاول فرض حضورها في المنطقة، مستعينة في ذلك بعدد من دول اتحاد أوروبا، بأمل أن تجد موقعاً لقدميها في سورية تحديداً ورغم التغيرات التي حدثت في العالم، بعد خروجها من سورية مهزومة، وإلى غير رجعة. وفي السياق المتصل، نجدها ما زالت تحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بأمل تحقيق مكسب على حساب السوريين الذين لا ينسون ما لحق بوطنهم من أذى على مدى ربع قرن من زمن الاستعمار الفرنسي لسورية في بدايات القرن الماضي.
وحين يشاهد أحدنا هيئة رئيس فرنسا الحالي هولاند وهو يتبجح، هنا وهناك، بقدرة بلاده على قهر إرادة السوريين، بتشبيك يديه مع أيادي حلفاء له في الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك يعيد إلى ذاكرته هيئات من سبقوه إلى منصبه في سياق الادعاء بقدراتهم على جعل السوريين يقبلون بالأمر الواقع بل ويرحبون به.
إن شهر تموز الذي سجل في صفحات التاريخ أحداثاً توجت بالعدوان على سورية في الرابع والعشرين منه يوم بدأ الجيش الفرنسي زحفه باتجاه دمشق بقيادة الجنرال غوابيه استجابة لأوامر الجنرال غورو إياه واستشهاد وزير الحربية في ذلك الحين يوسف العظمة في معركة ميسلون، لا يمكن أن تمّحي أحداثه من الذاكرة الشعبية لأبناء سورية مهما طالت الأيام لأنها تبقى كالجرح الذي يصيب الجسم ينزف ولا يندمل. ومن هنا يتساءل أحدنا: أين هولاند من استيعاب تاريخ بلده، الذي هزم في سورية كما هزم في (وبيان بيان فو) وأماكن أخرى في أفريقيا وسواها؟ وهل تراه يصر على تقمص شخصيات مهزومة أمثال شيراك وساركوزي وغورو إلخ؟
وهل نذكره بقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس (551-479ق.م): «إذا عرفت ماذا تريد لا تتجاهل ماذا يريد الذين هم حولك؟». لأن آخرين تجاهلوا هذه المعادلة سقطوا في سورية وفي سواها.