سورية كـ ستالينغراد... خط أحمر

سورية كـ ستالينغراد... خط أحمر

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ يوليو ٢٠١٤

تبدأ مراكز القرار في الإدارة الأمريكية بتحضير مكعبات الثلج وبراداتها السياسية تمهيداً لإعلان صفارة الحرب الباردة ضد روسيا بشكل رسمي، و رغم أن هذه الحرب كانت قد بدأت منذ عودة روسيا عالمياً من خلال البوابة السورية، لكنها لم تأخذ صفة الإشهار والإعلان الرسمي كما هي الآن.
فقد أعلن رئيس هيئة الأركان الامريكية المشتركة مارتن ديمبسي أن العسكريين الأمريكيين يدرسون خيارات تفعيل خطة عمل لم يكن يتضمنها جدول الأعمال منذ حقبة الحرب الباردة، وتتمثل في تمركز العسكريين ونشر خطوط الاتصال والاتصالات البحرية، بالتشاور والتعاون مع حلف الناتو، إضافةً لمناقشة تقديم مساعدات عسكرية لكييف بصورة مكثفة، كما ذكر ديمبسي بأن الناتو أُوجد أساساً لتحقيق الاستقرار وقمع العدوان السوفييتي.
لقد بدأت الحكاية من الخديعة التي شعرت بها موسكو في الملف الليبي، الروسي أخذ عهداً قيصرياً على نفسه أنه لن يقع في الفخ مرتين، اتخذ موقفاً مغايراً وحازماً في الملف السوري، دمشق وموسكو حليفتين تقليديتين منذ عقود، وللراوية السوفييتية الكلاسيكية علاقة حنين مع دمشق.
أتت الأزمة الأوكرانية والتي أُريد منها أن تكون طعنةً في الخاصرة الروسية، استقلت القرم وعادت للحضن السوفييتي، فكانت كهدية من ذهب لموسكو، جن جنون أمريكا والغرب، وتم تسمية كييف رسمياً عضواً في الاتحاد الأوروبي "الغربي" بعد أن كانت محسوبةً على المعسكر الشرقي الذي تتزعمه روسيا في العالم.
هبت رياح الشمال العاصفة لتحمل معها لفحات تنذر بحرب باردة ستجمد كل التفاهمات والحلول في العديد من الساحات، كسر للعظام ولي للأصابع سيكون أشبه بتكسير جبال من الجليد بين موسكو وواشنطن.
(سوريا، العراق، أوكرانيا) ثلاثية قاتلة ستكون محور كل الحكاية الباردة، ثلوج ولاية ألاسكا مقابل الجليد السيبيري الروسي.
إن تذكير ديمبسي بالهدف الذي أنشأ الناتو لأجله هو بحد ذاته إعلان عداء للاتحاد الروسي، إسقاط ما حدث في الأمس على الخريطة السياسية في هذا العصر، واشنطن لن تسمح للون الأحمر الروسي بأن يتمدد في العديد من الساحات، ستلجأ واشنطن وحلفاؤها لدعم مكثف لكييف عسكرياً وسياسياً ولوجستياً واقتصادياً حتى، وسيتم استغلال الجمهوريات الإسلامية أو التي يتواجد بها مسلمون لإثارة قلاقل ومشاكل حول روسيا، ستزداد العقوبات على موسكو، وستبحث أوروبا عن مصدر آخر للغاز إن أمكن، مسألة حسم بعض الملفات ستكون أكثر قوةً في الإدارة الأمريكية لأن أي تباطؤ فيها سيعني تقدماً روسياً إلى الأمام لا سيما في سورية.
الروس أصحاب حنكة في هذه اللعبة، وبوتين ليس غورباتشوف أو يلتسين، حلم اقتصاد عظيم لروسيا وإرادة سياسية تُفرض بين الكبار أهداف يتم العمل عليها من قبل القيادة الروسية الحالية، وسوريا كـ ستالينغراد لن يُسمح بسقوطها حتى النفس الأخير.