سهيل عرفة.. العطاء مستمر.. بقلم: نبوغ أسعد

سهيل عرفة.. العطاء مستمر.. بقلم: نبوغ أسعد

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ يوليو ٢٠١٤

خمس وخمسون عاماً من العطاء الذي لا ينضب وسيرة عطرة، أحب الموسيقى منذ نعومة أظفاره فكانت جزءاً لا يتجزأ من حياته وصارت الأهم والأمثل.
برغم كل الضغوطات التي تعرض لها وهو طفل صغير من أسرته المحافظة وخاصة والده الذي كان يكسر له العود كل ما أراد أن يداعب أوتاره بأنامله الصغيرة, لم ييأس بل ظل مثابراً بإرادته على تحدي كل الصعاب للوصول إلى الشهرة والمجد في عالم الموسيقى والألحان.. إنه الموسيقار الكبير والملحن سهيل عرفة.
كانت انطلاقته من حي الشاغور مسقط رأسه حيث كان والده يصطحبه معه إلى الجامع الأموي ليستمع إلى الابتهالات الدينية والآيات الكريمة في الذكر الحكيم يسمع بآذان صاغية لكل كلمة تقال، يتأثر بها كثيراً ويحفظها ويفهم معناها بالإضافة إلى دراسته وتعليمه لمهنة أخرى بجانب الدراسة؛ اختار مهنة تصليح الراديو لأنها كانت قريبة إلى هوايته وتوالت الأيام حتى أصبح يتردد على إذاعة دمشق آنذاك مع مهندس يدعى خالد الغزة.
وبما أنه كان شديد الرغبة ليتعلم فن الموسيقى فقد تابع بشغف ما يقدمه المرحوم رفيق شكري ونجيب السراج والرحابنة من إبداعات حيث كانت إذاعة دمشق في الخمسينيات هي ملتقى كل الفنانين العرب وخاصة اللبنانيين الذين كانوا يترددون بشكل دائم على الإذاعة مثل الفنان الكبير وديع الصافي ومثل الفنانة فيروز ونجاح سلام وصباح وسميرة توفيق وكلهم كانوا يقدمون الأغاني الجميلة آنذاك.
وفي أثناء الوحدة العربية بين سورية ومصر كانت تضج الإذاعة وترقص فرحاً بهذا الحدث الهام حيث قدم الفنان الراحل فهد بلان أغنية "بطل الأحرار"، كما قدم هؤلاء الفنانون أغاني كثيرة بهذا الخصوص أما أول لحن قدمه سهيل عرفة كان بعد وفاة والده ووالدته اللذين كانا ينظران إلى الفن باعتباره عيباً وحراماً.
استمر الموسيقار في رحلته رغم مقاطعة إخوته له؛ فدفعه إصراره على الوصول إلى هدفه ليؤلف عدة ألحان في الإذاعة، و كان سبباً في لقائه مع الفنان محمد عبد الكريم وعدنان قريش اللذين شدوا من أزره وشجعوه ليسير قُدماً على طريق النجاح.. في البداية قُبل كمغنٍ في الإذاعة وتعرف أثناء وجوده إلى مطربين ومطربات لبنانيين مثل نجاح سلام التي سمعت ألحانه وغنتها كأغنية (ورمانة بحبو يا قلبي) وأثناء زيارة رئيس دائرة الموسيقى في الإذاعة اللبنانية لدمشق الملحن حليم الرومي الذي استمع إلى ألحانه فأعجبته فخصص له ركناً في إذاعة لبنان.
بدأ النسر يحلق في عالم الفن والألحان، تعرف إلى الفنان نصري شمس الدين ومحمد زين والمطربة التونسية هيام يونس وليلى مطر وسمير يزبك ومروان محفوظ وأميرة وعدد كبير من المطربين الذين شاركوا الموسيقار مسيرة لا بأس بها من حياته الفنية.
لحّن لوديع الصافي الكثير من الأغاني الشهيرة والمحببة وأهم هذه الأغاني (يا دنيا، (لا ترحلوا، يا زمان، مشتاق زور الحي.. وكانت آخر أغنية لحّنها له هي في العام الماضي بعنوان (حنونة يا بلادي) من كلماته وألحانه وهي واقعية لها ارتباط بشادي ابن الشاعر الراحل عيسى أيوب حيث أعاد صياغتها بشكل آخر.
وقدم للفنان صباح فخري لحن أغنية (يا مال الشام، قدك المياس) والفنان الراحل محمد عبد المطلب (عجيب أمرك) ولحن الأغنية الشهيرة (يا طيرة طيري ياحمامة) للفنانة المصرية شادية.. كما لحن عدة أغانٍ وطنية جميلة أهمها (سورية يا حبيبتي) التي غناها كل من نجاح سلام وزوجها الفنان محمد سلمان والفنان محمد جمال كما قدم للفنان مروان محفوظ (يا سيف عالأعدا طايل).. وفي ظل الحركة التصحيحية أي بعد النكسة قدم ألحان كل من الأغاني (طول ما أملي معي، زهرة المدائن للرحابنة) كما تعاون مع الشاعر صالح هواري (بالعزم بالإصرار) التي ما زالت تبث في إذاعة الجيش والقوات المسلحة منذ أربعين سنة وأغنية من (قاسيون) التي غنتها المطربة دلال الشمالي.
كما قام في الستينيات بإنتاج ألحان عديدة لمسرحيات مثل (أيام سلمون، السعد، أنت ألي قلت، ليلى ما بتتعوض) وفي مجال الأفلام قدّم الموسيقى التصويرية لفيلم (الفهد، المصيدة، المغامرة، السيد التقدمي، قتل عن طريق التسلسل، الجولان، سورية النظرة الثانية، مطلوب رجل واحد، شهادة الأطفال، الزيارة).. أما في مجال التلفزيون فقد قدم الموسيقى التصويرية لكل من المسلسلات التالية (أيام شامية، أبو كامل، المكافئة، الدولاب، حتى الرجل الأخير، الحب والشتاء، في سبيل الحرية، سيرة بني هلال، عبد الرحمان الكواكبي)؛ إضافة إلى عدد كبير من الألحان الأخرى على صعيد الاسكتشات وغير ذلك، وعلى صعيد الأغنية الوطنية.