من أجل قانون طوارئ يحمي المستهلك .. بقلم: د. سمير صارم

من أجل قانون طوارئ يحمي المستهلك .. بقلم: د. سمير صارم

تحليل وآراء

السبت، ٢٦ يوليو ٢٠١٤

باتت قضايا الأسعار وارتفاعاتها من أبرز القضايا التي تشغل بال المواطن وتأخذ الحيّز الأهم من تفكيره.. ووسط هذا الكم الكبير من تصريحات المسؤولين المعنيين بالأسعار بات يسأل عن الكيفية التي يقدّر بها هؤلاء المسؤولون نسبة انخفاض أسعار مؤسسات التدخل الإيجابي عن أسعار السوق، وهو يلاحظ أن لا فارق يذكر بين أسعار هذه المؤسسات والسوق..
 صحيح أن بعض المسؤولين جالوا مؤخراً في الأسواق، لكن هذا لا يعني أن الأسعار انخفضت بعد جولاتهم وتصريحاتهم الإعلامية، خاصة وأن الرقابة التموينية غير قادرة بإمكاناتها الحالية على ضبط المخالفات، إضافة إلى إنه ليس بالإمكان تنظيم ضبوط بحق الكثير من الباعة الذين لا يملكون محلات وتراخيص وسجلات تجارية بسبب انتمائهم للقطاع غير المنظم الذي قُدرت نسبته في سورية قبل الأزمة بنحو 40% واليوم صار باعتقادي فوق الـ 60%؛ إذ من الصعب أن ترى رصيفاً غير مشغول بالعديد من السلع الاستهلاكية لأفراد ينتمون لهذا القطاع ومثل هؤلاء لا يمكن ضبطهم ومخالفتهم..
 أما أسعار مؤسسات التدخل الإيجابي ليست أقل بمقدار النسب التي يصرحون بها، وأتمنى على الجهات الرقابية المعنية وعلى إدارات هذه المؤسسات أن تدقق الأسعار بنفسها، وألّا تكتفي بتطمينات أو تقارير الجهات الأدنى التي يهمّها رضا الوزير المعني أو رضا الحكومة فترفع تقاريرها التي تشير فيها إلى أن كل شيء بخير والأمور جيدة...
 وهنا أتساءل إذا كانت الجهات المعنية جادة كل هذا الجد بضبط الأسعار والتشدد بالعقاب، لماذا لم يصدر حتى الآن قانون حماية المستهلك الذي يجري الحديث فيه وعنه منذ زمن، خاصة أن العقوبات اليوم غير رادعة، وأعتقد أن أي بلد يعيش أزمة كما سورية اليوم مبرّرٌ له أن يشدد العقوبات في قضايا المواطن ومعيشته، وربما تصل إلى ضرورة إعلان حالة طوارئ خاصة بقضايا التجارة الداخلية، وفيه يمكن أن تكون العقوبات فورية ورادعة بحق كل من يرفع الأسعار وكل من يحتكر وكل من يهرّب...
 إن من يهرّب الدقيق مثلاً هو مخرب ويدعم الخطط التي تريد تخريب سورية، وكذلك من يحتكر السلع الاستهلاكية ومن يغش المواد الغذائية.. ولا ينبغي أن تطول مدة المحاكمات كما هي الآن.. فلنحاسب هؤلاء بشدّة تتناسب والخطر الذي يشكلونه على الوطن والمواطنين.. وتخصيص وقت لمناقشة متطلبات إصدار هذا القانون وجدوى إعلان حالة طوارئ خاصة بمخالفات الأسعار والتهريب والغش أكثر جدوى برأيي من جولات مسؤولين ترافقهم فيها كاميرات الصحافة والتلفزيون، وكما أرى أن هناك شبه سباق بين بعض وزراء الحكومة حول عدد الزيارات الميدانية والتصريحات التي تطمئن المواطن، لكنها تبقى تصريحات إعلامية لا صدى لها على الأرض..
 إن الوضع المعيشي للناس يتردى، وشريحة الفقراء، بسبب الغلاء غير المسبوق، لذلك لابد من حل والحل كما أراه وأؤكد عليه هو إعلان حالة طوارئ خاصة بالقطاع التمويني، وإصدار قانون حماية المستهلك والتشهير بالمخالفين من خلال قوائم سوداء بأسمائهم تنشرها الصحف..
 ختاماً.. جولات الحكومة على الأسواق لا تحل المشكلة وقد باتت مشكلة ارتفاعات الأسعار من أهم المشكلات التي يعاني منها المواطن ولابد من حل جذري.. والأزمة التي تمر على سورية تحتاج لتشريعات تمنع استغلال أي أحد لهذه الأزمة مهما كان شكل الاستغلال وحجمه والقطاع الذي يحدث فيه.