فلسطين..ككروم الله!؟.. بقلم: حسين عبد الكريم

فلسطين..ككروم الله!؟.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٥ يوليو ٢٠١٤

ليست واحدة بربرية أو (شحّادة) تستجدي خبزها وثياباً لأولادها وعطراً لبناتها.. في كل أعراسها لم تكن أقل من فرحة رب عظيم واحد أحد، على الأرض..
امرأة من كل الأمهات المعطاءات، وأمثولة للبهاء والرخاء الأخلاقي والوجداني.. مشهود لحبها بالتألق، ومجتهدة أحزانها في السهر من أجل أحزانها..
اختارها خبث المستعمرين المتغطرسين بخدائعهم وخبرة مكرهم وتزويرهم.. اختاروا أن ينهكوا جمالها، وأن ينهبوا أرغفة محاسنها وبساتين فرحها ومواسمها.. مزقوا قمصان نومها بالنباح وقتلوا البراعم والبراءة والطفولة بالسموم والرماح..
كذبوا على العواطف والعواصف والأمطار والرياح..
ماذا تفعل بحالها هذه الفلسطين؟!
كيف حال الحزن هذا الصباحْ؟ وكيف حال الجراح؟!.. ماذا عن أحوال قلبك الجدير بالغناء والصداحْ؟!
نحن الفقراء المعجبين بأحلامك وأشواق الأرض الحبلى بالمواسم، نسافر كل حزن طويل الأمد في عيون حبيباتنا كي تكبر النظرات فوق الرمد!؟
أنت ست الحبيبات والعاتية، رغم ثقافة الغرب والحرب وابتداع التتر والخزر لفنون الدمار والضرر.. منذ عهد بعيد أيتها السيدة السامقة كأغصان صلوات مقدسة متصلة بسماء الله الكريم عزّ وجلّ.. منذ عهد مديد والمجرمون ومعاونوهم لشؤون الاستيلاء على أحلام الأرض والشجر والبشر، يمشطون جدائلك بجرائمهم، ويطفئون الكحل في عيون بناتك.. ويذبحون الحضارة العربية والإنسانية الإسلامية والمسيحية، الميلادية والهجرية بخناجر حقدهم وسيوف خديعتهم التاريخية والعصرية.. عصريون حتى نخاع التزوير؟!
وحضاريون، حتى ذبح عنق آخر لغة حضارية، إذا أمكنهم.. لكن، ليس يمكنهم، لأن الجمر قام وقام معه الرماد والحب والوقت المقاوم!؟
غزة الحسناء الضارية الأوجاع والموت، تنفض عن موتها الموت وتحيا، وتقاتل جبروت الطامعين وخرائب أرواحهم، ومثلها الجليل الأعلى والأعلى والكرمل وكل الكروم والضفاف.. لم يعد عند قلبك إلا هذي المشاعل كي تحرقي الليل..
منذ عاثوا تقتيلاً في الإنسان العربي الفلسطيني، والأرض تتقطع شرايينها، والمفردات العربية تموت على أبواب مآسي حروف الجر المختنقة، وعلى أبواب العواطف المتوقفة عن العطف.. ماتت كثيراً أفراح فلسطين وأسماؤها وقراها ومدنها وتلالها ورمالها وجبالها وماتت نساؤها ومات رجالها.
لولا هذا المقاوم الآتي من رماد موته المزمن بعزيمة القيامة وأحلام الشجر والحجر والبشر.. مرحباً يا جليل من غزة أو من رام الله أو من حيفا ويافا وصفد وطبريا!! مرحباً يا جراحْ..
المقاومون وحدهم ومن لفّ لفهم يسألون عينيك القليل من البهاء بعد كل هذا العناء والشتات والشقاء؟! لم يبقَ في العيون الفلسطينية، رغم أنها أجمل العيون، أمكنة وزوايا ومتسعات لغير البكاء والفقد والنظرات الجريحة، لولا أن تطل السيدة المقاومة.. ويطل الأسياد المقاومون.. المقاوم حالة سيد والمقاومة سيادة من لحم ودم وفقر وأحلام وقناعات..
هؤلاء الأبناء البكر لأمهم الفطينة فلسطين!؟
ولولا أنها الأم والحبيبة والحنونة والرشيدة..
من أين لها بهذه القلوب؟
أيتها الجميلة كالجليل وكروم الله..
لن تكوني بعد هذا الزمان المقاوم بين يدي الوحوش والمخاوف والسكاكين التي تقتطع من اللغة أجمل صلاتها وأعياد ميلادها، كالتاجر النتن الذي يقتطع من المستدين ديونه؟!
المقاومون حقيقة الأمومة والأرض والعرض والبقاء والبهاء.. ما رأي عينيك الجميلتين أيتها الجميلة؟!