سورية.. الأن بدأت الحرب

سورية.. الأن بدأت الحرب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٢ يوليو ٢٠١٤

أساقفة انغليكانيون وكاثوليك زاروا الرئيس «باراك أوباما». قال لهم إن كل نفط الشرق الأوسط لا يساوي نقطة دم من جندي أميركي.
هل قال أيضاً أن كل دم، وتاريخ، وألق، المسيحيين في الشرق الأوسط لا يضاهي جثة طائرة أميركية من دون طيار؟
في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر كان الشرق، بكل حمولته الروحية والتاريخية، ومنذ آدم وحتى شهريار، هو الذي يغوي أهل الغرب.
 الآن تغيرت لعبة الإمبراطوريات، أسواق، وناقلات نفط، وترسانات للبيع. غريب أن العرب كادوا يشترون الموناليزا ولم يتمكنوا من شراء قنبلة ذرية بحجم تفاحة آدم، او تفاحة نيوتن أو تفاحة جوبز.
هل بات خفياً على أحد أن منظمة «داعش» التي فتحت الحدود على مصراعيها بين سوريا والعراق خططت لفتح الحدود على مصراعيها بين سوريا ولبنان.
 أجهزة استخبارات عربية واقليمية تواطأت من أجل «تحرير» حمص من قبضة النظام. حينذاك يسقط تلقائياً، الشمال والبقاع في لبنان. تغدو تخوم بيروت مثل تخوم بغداد.
المعلومات تتحدث أيضاً عن أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين بدؤوا الاتصال مع دمشق للتنسيق من أجل مواجهة أي هجوم لـ «داعش» على حمص، بعدما ترددت معلومات، ونعتقد أنها موثوقة، تقول أن واشنطن هي من زودت جهات لبنانية بمعلومات حول اعتزام المقاتلين الاسلاميين اختراق جبهة نحلة لتتشكل نقطة الانطلاق باتجاه بعلبك ومنها إلى زحلة في اتجاه بيروت، على أن تتقاطع العملية مع الاندفاع الصاعق نحو مدينة ديك الجن الحمصي.
لا بد هنا من الإشارة إلى الهوية الملتبسة لمقاتلي الجرود. ثمة معلومات تؤكد أن من يقال أنهم مقاتلو «النصرة» إنما أصبحوا مقاتلي «داعش».
في كل الأحوال، «داعش» تركز على مدينة حمص، وهي تعتبر أن السيطرة على هذه المدينة لا يعني فقط دق أبواب دمشق واللاذقية، وإنما يعني دق أبواب بيروت وطرابلس وصيدا.
هنا الاختبار الحقيقي للنظام ولـ«حزب الله». اختبار القوة. ولا ريب أنه تناهت إلى آذان قيادات النظام، كما إلى آذان قيادات الحزب، ما قاله مسؤول أميركي كبير من أن الحرب في سوريا بدأت الآن.
هذا يعني أن الأشهر المقبلة ستكون هائلة. الثابت أن حمص ستكون مقبرة لـ «داعش». كل الاستعدادات اتخذت في هذا المجال. القاذفات المتطورة، ومعها الدبابات، بدأت بالوصول إلى سوريا.
الأميركيون أنفسهم يثيرون الكثير من علامات الاستفهام حول الجنرالات العراقيين في نينوى وغيرها والذين استسلموا، وهم يقودون الألوف المؤلفة، أمام مئات المسلحين في الموصل. هذا لا ينطبق على الجنرالات السوريين الذين أظهرت السنوات الثلاث مدى صلابتهم وفعاليتهم في مواجهة عشرات آلاف المسلحين، ومن كل أصقاع الدنيا، والحيلولة دون الاستيلاء على دمشق التي كانت، ولا تزال، هدفهم المقدس.
بعدما قال ما قاله أوباما أمام الأساقفة، هل نتصور أنه سينزعج كثيراً إذا ما طاف لأبو بكر البغدادي حول الكعبة ما دام لا يستطيع تسويق النفط إلا عبر القنوات الأميركية؟
لا نعتقد إذا ما أخذنا بالمفاهيم اللاهوتية لـ «داعش» أن جهنم تعمل بالمازوت وأن الجنة تضاء بالكهرباء. في لحظة ما يمكن أن تتقاطع المصالح والامبراطورية مع مصالح الجماعات الأكثر راديكالية، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن «طالبان» اختراع أميركي ولحماية أنابيب الغاز من تركمانستان إلى المحيط الهندي.
ثمة زلزال في المنطقة، وما زال بعض القادة العرب يتعاملون معه قبلياً. ألا يحدث الشيء نفسه في لبنان؟ قادة مسيحيون كادوا يقولون ما المشكلة في أن تحكم «داعش» دمشق وبغداد مع أنهم يدركون بدقة طبيعة المسار الايديولوجي والأخلاقي لهذه الجماعة.
من تراه فوجئ بما فعله الداعشيون بمسيحيي الموصل التي هي الآن الأيقونه العراقية المعذبة؟ وضعوهم أمام ثلاث خيارات (اعتناق الاسلام أو الجزية أو الموت). من رحلوا قبل انتهاء مهلة الانذار تم التنكيل بهم على نحو مروع، وبقي آخرون لن يجدوا بدا من إشهار اسلامهم. ماذا تراهم يصنعون أمام تلك الخيارات البربرية، وهم الذين لم يعودوا يملكون شروى نقير؟ بطبيعة الحال لا يمكنهم تأدية الجزية لمولانا الخليفة.
هذا هو الذي ينتظر المسيحيين في لبنان، بل وكل اللبنانيين لأن للمنظرين العقائديين في «الدولة الاسلامية» نظرة خاصة إلى كل الفئات في لبنان على أنها فئات ضالة باستثناء البعض الذين كثفت الأجهزة الأمنية ملاحقتها لهم بعدما دق ناقوس الخطر. الأميركيون هم الذين دقوا ناقوس الخطر.
لا يكفي الانتظار، بل لا بد من إعادة النظر في ذلك الاصطفاف الثنائي القاتل ليشكل اللبنانيون صفاً واحداً، فهل نشهد في المرحلة المقبلة مقاتلين من 14 آذار على الحدود لمواجهة التسونامي القادم من ليلة الديناصورات؟
ثمة عرب وسيتغيرون، بالرغم من استمرار التعاطي الهيستيري مع دمشق. على الأرض «داعش» التي تدق كل الأبواب. إن نوصد الأبواب. لبنانياً وعربياً، يعني التغيير الدراماتيكي في المواقف، كما في السياسات، كما في طريقة مد اليد. أكثر من أن يكون خيالاً.