الدور التاريخي للمملكة الهاشمية والتآمر على الامة

الدور التاريخي للمملكة الهاشمية والتآمر على الامة

تحليل وآراء

الأحد، ٢٠ يوليو ٢٠١٤

في الوقت الذي كان فيه ملك الاردن يهول من تهديد خطر داعش على حدوده الشرقية، كان مسلحو داعش وبلمح البصر يسيطرون على عدة مدن وارياف  في العراق و بزمن قياسي، وبسرعةالريح. الريح التي جاءت من البوابة الغربية والجنوبية للعراق، أي من السعودية والاردن، وقام مسلحو داعش من الاقتراب نحو الحدود الأردنية، والسيطرة لبعض الوقت على معبر طريبيل الحدودي مع الاردن، هذه السيطرة التي لم تكن عبثية، بل لها دلالاتها العسكرية والامنية.

في ظل كل هذا التهويل والعويل من اقتراب داعش من الاردن، استضافت عمان مؤتمراً جمع شخصيات وصفت بأنها عشائر "سنية" وتعارض حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. هذا المؤتمر تبنى داعش علناً ودعا الى اسقاط التجربة الديمقراطية العراقية وهو بمثابة الانقلاب عليها، المؤتمر عُقد بترتيب من الديوان الملكي الأردني، وأحيط بإجراءات أمنية مشددة، حيث عُقدت الاجتماعات بعيدا عن الإعلام، ومُنع الصحفيون من الاقتراب من مكان انعقاده بفندق إنتركونتننتال عمان، حيث انتشرت قوات من الشرطة والمخابرات الأردنية، وتولت حراسة الشخصيات فيه قوات أمن تابعة للديوان الملكي.
هذا المؤتمر حضرته قيادات من العشائر العراقية المتمردة على الحكومة العراقية وقيادات سابقة في حزب البعث ورجال دين، إضافة الى ممثلين عن ما يسمى بالجيش الإسلامي والحراك الشعبي والمجالس العسكرية والمجالس السياسية لعدد من الجماعات العراقية المعارضة، وهيئة علماء المسلمين، ومجموعات تطلق على نفسها "المقاومة المسلحة" وما يسمى بجيش النقشبندية حليف داعش وشريكه، والجيش الاسلامي و"المجالس العسكرية لثوار العراق" و"المجالس السياسية لثوار العراق" وشيوخ عشائر، بالإضافة الى مندوب امريكي وسعودي يعتقد انه ممثل عن الامير سلمان، في ظل الحديث عن عودة بندر بن سلطان الى الواجهة من جديد من خلال الملف العراقي بعد فشله في ادارة الملف السوري ولعله يحاول ان يعيد الدخول الى سوريا من بوابة العراق وكذلك من  اهم الشخصيات والمعروف ولائهم للسعودية بشكل فاضح وعلني مثل بشار الفيضي، وما يطلق على نفسه اسم اللواء أبو شجاع التكريتي ممثل المجموعات المسلحة في تكريت، واحمد الدباش عن ما يسمى بالجيش الإسلامي في العراق وعن هيئة علماء المسلمين عبد الملك السعدي المعروف بولاء للملكة السعودية.

المؤتمر هذا كان ضمن الخطة المرسومة لتقسيم العراق، حيث تقضي الخطة بأن يقوم الاردن بتوفير خطوط الدعم لجماعة داعش في العراق حتى يتسنى لها متابعة توسعها و مواجهتها مع الحكومة العراقية مما يؤدي الى لفت انتباه الرأي العام في  العالم الاسلامي عن الموضوع الفلسطيني مما يتيح الفرصة أكثر لكيان الاحتلال الاسرائيلي في عدوانها على الشعب الفلسطيني في ظل انشغال العالم بداعش، وهذا ما كشفه كميات السلاح الاسرائيلي في حوزة عناصر داعش والتي دخلت الى العراق عن طريق الحدود العراقية الاردنية مما يؤكد دور الاردن المتعاون مع الكيان الاسرائيلي في هذا الامر، وعلاوة على ذلك، بات مؤيدو داعش في الجنوب وتحديداً في مدينة معان الأردنية يجاهرون بولائهم لها، وقد تجلى ذلك مؤخرا بمسيرة  تأييد علنية لداعش  في وسط المدينة،  ورفعت فيها اعلام داعش، في حين وقف رجال الملك الاردني من درك وشرطة وأجهتزه الأمنية متفرجين لا يقومون بشيء.

الدور الاردني المشبوه

وعليه فإن  دور الاردن لا يقتصر على طرق الامداد والدعم اللوجستي وتسهيل مرور المسلحين من والى العراق كما يفعل في الحرب على السورية، و التي استخدم التحالف الدولي ضد سورية الاراضي الاردنية  ممرا للسلاح و المسلحين بالاضافة الى معسكرات التدريب، ويدلل ان القول الفصل هو الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يرون أن النظام الهاشمي لا مهمة له سوى تقديم الدعم و فتح الحدود امام المجموعات المسلحة في سوريا والعراق وهو الدور الوظيفي للدولة الأردنية كمنطقة امداد، وهو الدور نفسه الذي بموجبه سلمت بريطانيا شرق فلسطين لتأسيس مملكتهم عليه، وذلك حسب إتفاقية فيصل- وايزمان الموقعة عام 1919.

ولا يمكن ان نغفل أيضاً أن كل من المملكة السعودية وإلإمارات، تقدم الدعم المالي للحكومة الاردنية في مقابل هذا الدور الوظيفي،طبعا بعد اوامر الامريكي، رغم ان الحكومات العراقية  كانت تقدم ومازالت المساعدات الاقتصادية للحكومة الاردنية لانتشالها من الحاجة للامريكي والاسرائيلي، فقدمت النفط العراقي المجاني ولسنوات للاردن، كما ازالت الضرائب على التجارة بين البلدين، وكانت الاردن البوابة الرئيسية للعراق في زمن الحصار وقانون النفط مقابل الغذاء، ما در على الاردن مكاسب مالية هائلة. وحتى هذا المؤتمر و المؤتمرات التي عقدت قبله في العاصمة عمان والتي سبقت اجتياح داعش للمناطق العراقية باسبوع واحد فقط، يجعل من المهم ان يعي الشارع العراقي خصوصاً والشارع العربي والاسلامي بشكل عام الدور الخطير الذي تؤديه الاردن، في كل ما يحاك للمنطقة من مؤامرات، والذي لا ينقص عن الدور السعودي الممول، والذي يجب أن تتخذ في مقابله خطوات جدية ملموسة، على الصعيد السياسي والشعبي بالاضافة الى الحراك الجماهيري الضاغط في كل العواصم العربية والعالمية، وان يكون الشارع العراقي هو الشارع السباق بالخروج لرفض الدور الاردني في المؤامرة على دول المنطقة، وان تترافق تلك الاحتجاجات باعمل تؤكد على رفضها  لهذا الدور.