سفرجل الفريق الاقتصادي كلّ قرار بغصة.. بقلم:إيفلين المصطفى

سفرجل الفريق الاقتصادي كلّ قرار بغصة.. بقلم:إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٠ يوليو ٢٠١٤

Evlism86@gmail.com
لم يعد مثيراً للدهشة صدور أي قرار برفع الأسعار من قبل الفريق الاقتصادي، خاصة وأن سيمفونية ارتفاع سعر صرف الدولار انتقلت عدواها من التجار إلى الفريق الاقتصادي، رغم نفي القائمين على سعر صرف الليرة ذلك الأمر وزعمهم في عدد من اللقاءات بأن سعر الصرف مستقر وبأن ذلك ساهم في انخفاض الأسعار.
وإن كان الفريق الاقتصادي الذي انتهت ولايته متجاوزاً الخط الأحمر "الخبز"، فإن اتخاذ مثل هكذا قرار لم يمنعه من إصدار قرار آخر لرفع أسعار المواد المقننة التي يحصل عليها المواطن بالبطاقات التموينية حيث أصدر قراراً برفع سعر السكر والأرز ليحصل عليه المواطن بسعر 50 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد.
وبعيداً عن الحديث حول جودة ونوعية السكر والأرز التي يحصل عليها المواطن عبر قسائم التموين، نجد أن فشل الفريق الاقتصادي في كبح ارتفاع سعر صرف الدولار دفع به لاتخاذ قرارات برفع الأسعار على حساب المواطن، متناسياً أن القدرة الشرائية لليرة السورية انخفضت بأكثر من 75%، حتى أنها لم تعد تشتري له ثلث احتياجاته.
وإن كان الفريق الاقتصادي لا يحب لغة الأرقام ويجد فيها مخرجاً لتبرير قراراته من خلال التعذّر بكلف النقل وشحن السلع وسعر الصرف إلا أننا نضع توضيحاً بالأرقام يبيّن سعر السكر والأرز عالمياً بسعر صرف للدولار 160 ليرة سورية.
حيث نجد أن سعر كيلو السكر عالمياً على سعر صرف دولار 160 يعادل (70 ليرة) في حين إن سعره سابقاً على سعر صرف للدولار 50 ليرة كان يعادل (22 ليرة)، وسعر كيلو الأرز يعادل (96 ليرة) على سعر صرف دولار 160، بينما سعر كيلو غرام الأرز سابقاً على سعر دولار 50 ليرة يعادل (30 ليرة).
وبالتالي نجد أن الفريق الاقتصادي يحمّل المواطن فاتورة ارتفاع سعر صرف الدولار متجاهلاً أن الأجور التي يتقاضاها المواطن لم يطرأ عليها أي تغيير، وفي حال تم اتخاذ قرار بزيادة الأجور فإن ذلك لن يساهم في حل الأزمة خاصة وأن هناك شريحة كبيرة من المواطنين لا تعمل في القطاع العام، وبالتالي فإن فرْق تلك الأسعار سيتم اقتطاعه من جيوب الشريحة غير الموظفة في حال تمت زيادة الحد الأدنى للأجور.
من هنا نجد أن ما كنّا نطالب به الفريق الاقتصادي عبر مقالاتنا السابقة بالحفاظ على القوة الشرائية لليرة لم يلق آذاناً صاغية لدى المعنيين حتى أنهم صبّوا جلّ اهتمامهم وتركيزهم على سعر صرف الليرة مقابل الدولار دون أن يحققوا ما وعد به البعض من الفريق الاقتصادي وهو إعادة سعر صرف الدولار إلى حدود 100 ليرة سورية.
وإن كانت سيمفونية الدعم التي كان يردّدها عدد من المسؤولين في قطاعات عديدة تبيّن أن الحكومة تقوم بدعم السلع وبيعها للمواطن بأسعار أقل من أسعار الكلفة؛ فإنه يتوجب أن نشير اقتصادياً إلى أمر هام وهو سياسة تحديد حد أقصى للأسعار أو وضع سقف للسعر فإذا كان الحد الأقصى للسعر أعلى من سعر السوق فإن ذلك لن يُحدث أي تأثير مباشر على الأسواق في حين إذا تم تعيين الحد الأقصى للأسعار بشكل أقل من سعر السوق فإن ذلك سيؤدي لحدوث ما يسمى "النقص" حيث ستتجاوز الكمية المطلوبة الكمية المعروضة وبالتالي فإن معالجة أزمة النقص أو القلة غالباً ما تكون عبر آلية واحدة وهي "قوائم الانتظار" أو ما يعرف بالطوابير إذ يقوم الناس الراغبون بالحصول على السلعة بالانتظار للحصول على المنتج، لكن هذه الآلية قد لا تساهم في حل ظاهرة النقص إذ يقوم بعض البائعين بتوفير المنتج الوحيد للعائلة والأصدقاء، أو للذين لديهم القدرة على الدفع بسعر أعلى من تحت الطاولة، وقد يكون لتلك الآلية تأثير آخر هو أن البائعين يقومون ببيع منتج ذي نوعية أقل من النوعية الجيدة، مما يدفع بالتجار لإنشاء سوق سوداء لبيع السلع بنوعية جيدة وأسعار مرتفعة.
ما ذكرناه "اقتصادياً"؛ الغاية منه أن يتم ملاحظة هذه الظاهرة عبر سياسة الدعم التي تقدمها الحكومة للمواطنين، وألّا يتم السماح باستغلال السعر المنخفض للمتاجرة فيه، بل يفترض بالفريق الاقتصادي قيامه باحتساب الكلفة وعرضها في الأسواق بشكل يتلاءم مع أسعار السوق مع مراعاة الأجور التي يتقاضاها المواطن؛ أي أن يكون هناك تناسب بين الأجور والقوة الشرائية لليرة، خاصة وأن مساوئ الدعم المقدم في كثير من القطاعات ساهم في انتشار الهدر والفساد وفشل الفريق الاقتصادي خلال السنوات الماضية في إيصال الدعم لمستحقيه؛ ولم يقتصر فشله في ذلك فقط بل إن مفهوم الدعم "اقتصادياً" تم تطبيقه بشكل خاطئ، ولأن كلمة الدعم يتم الإساءة إليها حالياً فعلينا أن نذكِّر بمفهوم الدعم: وهي أن تقوم أي حكومة بدعم سلعة ما للتخفيف عن مواطنيها لتقيهم الأسعار العالمية المرتفعة, أما حين تكون الأسعار العالمية أقل فهذا يعني أن المواطن والمكلف الضريبي يدعم سوء إدارة الإنتاج أو الهدر.
وإن كانت الحكومة حريصة على مفهوم الدعم الذي أصبح من المنسيّات، فإننا نوضح بأن المفهوم البسيط للدعم يكمن في تأمين خدمة للمواطنين بسعر يتناسب مع دخله؛ أما أن تكون كلفة الإنتاج أعلى بكثير من سعر سلعة في بلد آخر حيث لا يوجد فيه أي نوع من الدعم لسلعه ولا يمكن المقارنة معه بالنسبة لدخل المواطن فيه؛ فهذا فيه نوع من الإجحاف، فهل من المنطقي تسمية ذلك دعماً؟
ما نود قوله: إن المواطن لا يتقاضى دخله بالدولار كما أنه لم يتمكن أي فريق اقتصادي من حلِّ لغز ارتفاع الأسعار أو تحقيق معادلة تقلّص الفجوة بين الأسعار والأجور؛ حتى بات المواطن لا يتذكر من سفرجل الفريق الاقتصادي إلا غصّة ومرارة ارتفاع الأسعار على أمل أن يكون سفرجل الفريق الاقتصادي القادم أقل مرارةً ممّا سبقه..