للنائمين العرب.... مخطط تفكيك أوطانكم دخل مرحلة التنفيذ

للنائمين العرب.... مخطط تفكيك أوطانكم دخل مرحلة التنفيذ

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٥ يوليو ٢٠١٤

الذين لم يقرءوا التاريخ يظنون ما صنعته الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالدول العربية من إحتلال وتقسيم أمراً مفاجئاً جاء وليد الأحداث التي أنتجته، ولكن الحقيقة الكبرى أنهم نسوا أن ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الإستعماري الذي خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية والصليبية العالمية، لتفتيت العالم العربي والإسلامي، وتجزئته وتحويله إلى "فسيفساء ورقية" يكون فيه الكيان الصهيوني السيد المطاع.
فالمتتبع لتاريخ المنطقة يستطيع أن يرصد الأزمات المفتعلة، حيث جعلت الدول الإستعمارية منطقة الشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات، إذ مثلت الحالة العراقية مقدمة ثمار المشروع الصهيوني من خلال الاحتلال الأنجلو الأمريكي للعراق فدمروه وسرقوا خيراته ورهنوا مقدراته، فالذي يدور ويحدث على أرض العراق يبعث على القلق والخوف من إنتشار وإنتعاش الكيانات الطائفية وتقسيمه الى ثلاث كيانات، أما في ليبيا فنجح الأمريكان والصهاينة من تحويل المنطقة الى حرب عصابات، وتقسيمها الى مناطق عسكرية وجماعات مسلحة، وتسليح كل جماعة على حدا، وتونس فقد عملت على تحريك النزعة الطائفية وتعزيز مشاكل الفقر والتخلف بين أبناءه، وفلسطين المنكوبة التي تتسارع فيها حركة حماس ومنظمة فتح، واليمن الذي أشعلت فيه نيران الصراع المذهبي والطائفي، وأفغانستان التي تتصارع فيه قوتان رئيستان أحدهما مدنية والأخرى دينية متشددة، وباكستان التي تتمزق، والصومال التي تتحول من دولة الى شظايا من العصابات والقراصنة ، وتجزئة السودان الى الشمال والجنوب، وما تشهده اليوم سوريا العروبة من حرب عدوانية وتفكيك وتقسيم وإضعاف عن طريق تدمير مقدراتها وإضعاف مؤسساتها الاجتماعية والإقتصادية وزعزعة إستقرارها وتعميق الشرخ الطائفي والمذهبي وإشعال حرب طاحنة بين أبناء الشعب الواحد، والى مصر التي تتجه الى انهيار مؤسساتي وإجتماعي ومحاولة إستنزاف جيشها القوي والمتماسك، ولن يكون فيها منتصر سوى أعداء الوطن الذين يطمحون في إيصال البلاد العربية الى الدمار والخراب من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.
وفي سياق متصل أن إسرائيل حاضرة بقوة في جنوب السودان، ومن دوافع هذا التدخل تطويق الوطن العربي وخنق مصر والسودان من خلال النفوذ الصهيوني المضاعف في دول منبع النيل شريان الحياة لمصر والسودان، كما أن إسرائيل حاضرة في كردستان العراق بمختلف آليات الحضور وصوره ومن دوافعها في هذا الحضور الضغط من أقرب نقطة على العراق نفسه، وعلى تركيا وسورية وإيران، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن إنفصال إقليم كردستان عن العراق سيغير الديموغرافيا للمنطقة المحيطة للعراق وهو هدف إستراتيجي تسعى إليه إسرائيل لتحقيقه لزرع وجودها في المنطقة، ولا جدال في خطورة الدعوة إلى مثل هذا الإنفصال على العراق خصوصاً في الفترة الحالية، فالإنفصال يعني أولاً فتح الباب أمام الفوضى العرقية والطائفية والإثنية والدينية التي قد تحرق الشعب العراقي بأكمله، وكذلك حاضرة في الصومال وبموجب هذا الحضور سارعت إلى الاعتراف بالأقاليم الانفصالية في هذه الدول، وحاضرة في الدول الإفريقية من أجل تحقيق مصالحها ومآربها في المنطقة.
فالمؤسف في واقع حال الأوضاع العربية اليوم، إن الشعوب العربية لم تجد في الانتفاضات الشعبية كل ما كان ترجوه من نتائج وأهداف وآمال لتغيير أوضاعها في الاتجاه السليم، وان بعض هذه الإنتفاضات أصبح مسيّراً من الخارج، بينما تزداد حكومات الدول العربية تباعداً فيما بينها، مما يجعل الحكومات والشعوب ومصائر الأوطان مرهونة عموماً للإرادات الخارجية، وبالتالي ما سعت إليه إسرائيل وغيرها من الدول الاستعمارية هو تعزيز الفرقة والتشتت بين الأقطار العربية وبذلك يعتبر الكيان الصهيوني أكبر تحد يواجه الأمة العربية، فهو ليس اغتصاباً للوطن، بل هو آداه تقطيع لأوصال الوطن العربي وتخريب مستمر لكل طموحاته القومية وتدمير برامج لأنه إفناء مقومات الوجود العربي من خلال التوسع والعدوانية وامتلاكها للقدرة النووية والسيطرة الكاملة على المنطقة العربية ، كما أن الوجود الإسرائيلي يشكل تهديداً للوجود العربي لأن كل مشاكل هذه الأمة تنبع من مشكلة وجوده الذي يعني استمرار التمزق العربي والاختلال بالأمن فيها.
فمع الشاعر اللبناني الذي أطلق صرخة "النهضة" العربية الكبرى، نكرر بكل فخر واعتزاز:
تنبّهوا واستفيقوا أيها العرب ......فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
وهنا يمكنني القول إن أمريكا وإسرائيل عدوان لدودان فهما لا يريدون لنا الخير ولا يريدون لنا أن نكتشف مسالكه ونبني تجاربنا على هذا الأساس العادل لا يريدون امة حرة ومبدعة وذات إعتبار ووزن وثقل لا يريدون أن نكون امة تقرر مصيرها بنفسها لأنه إذا تركونا نقرر بأنفسنا هذا المصير لن يكون للبغاة والحاقدين أي حظ في نهب ثرواتنا وتخريب عقولنا وتطويع إرادتنا وبناء حياتهم على خراب حياتنا.
وأخيراً ربما أستطيع القول إنه على العرب أن يعودوا إلى تاريخ الصهيونية العالمية منذ الأزل وحتى اليوم ويروا ويأخذوا العبرة، فالتاريخ شاهد عليهم في كل مكان حلوا فيه، لذلك يجب عليهم أن لا يثقوا بوعود الدول الإستعمارية خصوصاً إنها تكيل بمكيالين ليس في السر كما كان في الماضي بل في العلن وعلى مسامع وسائل الإعلام المختلفة، وفي النهاية هل تستطيع أمة العرب أن تعيد عقارب الساعة إلى مسارها الصحيح بوعي وعقل وثقة ووحدة رأي وكلمة وإستشعار للخطر الذي كشر عن أنيابه والذي يخطط أن يأخذهم واحداً بعد الآخر.