الفريق الاقتصادي ينهي ولايته ببطاقة حمراء.. بقلم : إيفلين المصطفى

الفريق الاقتصادي ينهي ولايته ببطاقة حمراء.. بقلم : إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ١٣ يوليو ٢٠١٤

Evlism86@gmail.com

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. الخبز خط أحمر.. رغيف الخبز لحم الفقراء.. شعارات براقة كثيراً ما رددها الفريق الاقتصادي للدفاع مراراً عما كان يعتبره خطاً أحمر من غير المسموح المساس به حتى ضمن التصريحات الإعلامية التي كانت تتعلق باحتمالية رفع سعر الخبز، لكن مع اقتراب موعد تغيير الحكومة الحالية، سعى الفريق الاقتصادي بكافة وسائله وعبر الضخ الإعلامي لتمرير قرار رفع سعر الخبز وإقناع المواطن أن رفع السعر سيساهم في كبح ظاهرة المتاجرة بالخبز على الطرقات، وعدم استغلاله كمادة علفية باعتبار أن أسعار العلف تكاد تكون أضعاف سعر كيلو الخبز.
ويبدو أن الفريق الاقتصادي ضرب بعرض الحائط كافة الخطوط الحمراء ولم يلق أهمية لما ذكرناه مراراً حول تحذيرنا من رفع سعر الخبز لنجد أن الفريق الاقتصادي صمّ آذانه وأعينه عن كافة التحذيرات التي أشرنا إليها سابقاً ولم يتمكن من كبح قرار رفع سعر الخبز، وكنا قد ذكرنا إنه في حال أقدم أحد العقلاء على رفع سعر الربطة 5 ليرات فقط فإن ذلك سينعكس على القدرة الشرائية لليرة التي ستنخفض مقدار 41% بالنسبة لقطاع استهلاك الخبز فقط، لكون الخبز يشكل نسبةً عالية من الاستهلاك مقارنةً بغيره من المواد الغذائية، وإن كان مقدار رفع سعر الخبز يجده البعض مقبولاً بكونه لا يتجاوز الـ 10 ليرات للربطة الواحدة إلا إنه من المهم جداً تسليط الضوء على الكلفة الحقيقية للخبز عالمياً، فمثلاً نجد أن سعر كغ القمح عالمياً بالليرة السورية يعادل 39 ليرة على دولار 160 ليرة يضاف إليه كلفة أجور إنتاج الخبز نجد بأن كلفة كيلو الخبز تعادل 48.75 ليرة سورية، ولو قارنّا كلفة كيلو الخبز الحالي مع سعره قبل الأزمة، حينما كان سعر صرف الدولار يعادل 48 ليرة لوجدنا أن كلفة الكيلو تعادل 13.75 ليرة سورية. وبالتالي فإن ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل سريع ساهم في زيادة كلف الإنتاج على الحكومة. ولا يمكن أن نغفل قضية الدعم الذي مازالت تقدمه الحكومة للمزارعين من خلال شرائها القمح بأعلى من السعر العالمي حيث تقوم بشراء القمح بسعر 45 ليرة، في حين قبل الأزمة كانت تشتري القمح بسعر 21 ليرة حينها كان سعر القمح عالمياً يعادل 16 ليرة، من هنا فإنه من غير المنطقي أن تقوم الحكومة بدعم سلعة ما على حساب جيوب المواطن، وإنما يتوجب أن يكون الدعم مقدماً من الخزينة وليس من جيوب المواطن التي باتت أسهل الحلول وأقربها لعقول المسؤولين عن لقمة عيش المواطن في وقت لم تعد جيوبه لها قدرة على تحمل حمّى ارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء الأحمر قبل اليابس والأخضر.
إذاً، فشلُ الفريق الاقتصادي في الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة دفع بهم لاتخاذ قرار رفْع سعر الخبز من جيوب المواطنين، علماً أن المواطن مازال يتقاضى بالليرة السورية التي فقدت قوتها الشرائية، وبالتالي فإن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية حمّل جيوب المواطن أعباءً إضافية أثقلت كاهل حياته المعيشية، ولا يمكن لنا أن نغفل أن سقوط الخط الأحمر من قائمة الفريق الاقتصادي لن يثنيه عن اتخاذ قرار برفع سعر الخبز مستقبلاً مرةً ثانية وثالثة وعاشرة، فهذا أمر مشهود له في سياسة الفريق الاقتصادي حيث سبق أن لاحظناها في عدد من السلع التي تعرضت لرفع أسعارها مرات عدة مثل المازوت والبنزين وغير ذلك من السلع.
وإن كان الفريق الاقتصادي يبرر أسباب رفع سعر الخبز وفقاً لما ذكرناه سابقاً في مستهل مقالتنا، فإنه يجب التوضيح بأن حل هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم عبر رفع سعر الخبز، وإنما يتطلب عملاً جدياً من دوريات الرقابة التموينية وحماية المستهلك من خلال ضبط عملية بيع الخبز من الأفران، إضافة لتوفيره ضمن الأكشاك بزيادة سعره قرابة 5 ليرات سورية ليس أكثر، لا أن يترك الأمر كما هو الحال عليه، فرفع السعر 10 ليرات سيدفع بمن يتاجرون بالخبز على الطرقات برفع أسعارهم أيضاً فهل الاستمرار برفع السعر هو الحل الأنجع للفريق الاقتصادي؟؟!!.
ولا يمكن أن نغفل أن مادة الخبز تعدّ من أهم السلع للمواطن، ولا نبالغ في أنها تكاد الطبق الرئيسي لعدد من الأسر وذلك نتيجة فشل الفريق الاقتصادي في ضبط أسعار السلع الغذائية الأخرى، ربما نبرّر رفع سعر الخبز مقدار 10 ليرات بعد مضي ثلاث سنوات من الأزمة إلا أن ما لا يمكن أن نبرّره هو الاستمرار بجعل المواطن يدفع فرق سعر صرف الدولار مقابل الليرة، في حين أنه يتقاضى راتبه بالليرة السورية، وإن كان الفريق الاقتصادي تمكّن من تجاوز الخط الأحمر فإن المواطن مستمرّ برفع البطاقة الحمراء في وجه أداء الفريق الاقتصادي.
وفي النهاية لا بد من الإشارة إلى أن تصرف الحكومة الحالية فيه مجاملة وتبييض للحكومة القادمة؛ وإلا فإنه في كل الدول بعد الانتخابات يترك للحكومة القادمة اتخاذ القرارات الكبرى وليس للفريق الذي معروف أنه سيتبدل.