الإنسانية والضمير.. بقلم: هنادة الحصري

الإنسانية والضمير.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ٧ يوليو ٢٠١٤

لا شك أننا وصلنا إلى حالة من الإنهاك النفسي والبدني والشعوري المستمر نتيجة محاولتنا ضبط أوضاعنا النفسية والبدنية والشعورية لمواجهة ما يحدث في محيطنا الخارجي.
يقول هانس سيلي: "إن الضغط النفسي هو ردة الفعل وهذا يولد آثاراً واضحة على أعضاء الجسد والعقل معاً..إن الضغط النفسي يحدث نتيجة التفاعل النفسي والفيزيولوجي للأحداث التي تسبب اضطراباً في توازن الشخص فتحدث تغيرات فيزيولوجية تبدأ بتحضير الجهاز السمبثاوي في الجسم وإفراز بعض الهرمونات في الدم كالأدرينالين والكورتزول، وهذا يسبب أعراضاً جسمانية أولها ازدياد في عدد ضربات القلب وازدياد التنفس وانقباض الأوعية الدموية في الجلد وازدياد نسبة سكر الدم واضطراب في مناعة الجسم.. الخ
ويركز الأطباء على الضغط الإيجابي لأنه يقود إلى خلق تغيّرات وتحدّيات تعود بالنفع على صاحبه بحيث تزيد من حسن أدائه وتدفعه إلى المزيد من الثقة بنفسه.
وحسب التشخيص العالمي فإن 30% من الحالات المشاهدة في العيادات النفسية لا تعاني من أمراض نفسية محددة بل تعاني من أعراض نفسية وعضوية مستمرة أو متكررة لها تأثير سلبي على مجرى حياتهم بسبب الضغوط التي يتعرضون لها في حياتهم..
وتبقى هناك علامات تُظهر مدى تعرّض الإنسان للضغط النفسي منها: القلق واضطراب النوم والحزن وعدم القدرة على التركيز أو الغضب وتبدل المزاج بسرعة، وعلامات سلوكية مثلاً: كالتفاعل المبالغ فيه مع الأحداث.. الانعزال عن الآخرين، أما على الصعيد الجسدي فهناك علامات مثل التعب والصداع؛ قد تتراكم لتصل إلى توتر نفسي يصل إلى حد الإصابة بأمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم والسكري و... الخ.
تقول جانيس كيكولت الأستاذة في العلوم النفسية: "إن آثار التوتر النفسي هي أسوأ بكثير مما كنا نعتقد..".
كل هذا ينطبق علينا نحن الشعب السوري الذي يعاني من الخوف والقلق والاكتئاب، وقد كانت حياتنا مستقرة نوعاً ما؛ فلم تكن هناك أشياء تذكر لتشتت تفكير الإنسان أو تؤثر على أداء عمله البسيط، ولم تكن المصائب التي تعترينا بهذه الحدة والشدة. ولم يكن لدينا حروب طاحنة تقتل أفراد شعبنا عبر التقنيات العسكرية والحربية الحديثة الوافدة إلينا من شعوب يطلق عليها "العرب".. ومما لا شك فيه أن هذه الضغوطات ستولد في داخل الفرد السوري نوعاً من العنف والتطرف والنقمة على الواقع والنظر إليه بسوداوية قاتمة، فكثير من الشرائح توقف عندها حسن الإبداع أو جمالية التعامل مع الآخر، وفي هذا تهديد لبناء المجتمع والأفراد وعدم التوازن وتشتيت الطاقات والإمكانات.
فإلى متى هذا الواقع القاتم.. وإلى متى تظل سورية تستقبل الوافدين من كل دول العالم لقتل الفرد السوري والضمير الإنساني في إجازة؟!.