"داعش" وما أدراك ما "داعش".. بقلم: ميساء نعامة

"داعش" وما أدراك ما "داعش".. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٥ يوليو ٢٠١٤

المتابع لتطورات الحرب الإعلامية من بداية ما سُمي أميركياً "الربيع العربي"، يلاحظ الضخ الكبير للمصطلحات التي ارتبطت بالعدو الوهمي الذي ابتدعه العقل الصهيوني بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، وتكريس مشروع إسلامو فوبيا.
تطور الأحداث في المنطقة أريد له أن يكون على أساس اقتتال بين المسلمين، وعلى الهامش اقتتال إسلامي مسيحي، لنصل بنتيجة المطاف إلى تفتيت المجتمعات العربية وتقسيم المقسم وفق ما بدأت تظهره الوثائق عبر الصحف الغربية.
وبينما الوطن العربي يعيش حالة من التناقض والتضاد وانشغال الحكومات العربية بالهم اليومي، وتنأى بنفسها عن وضع استراتيجيات إعلامية مضادة للحرب الإعلامية التي بدأت مع استشعار العقل الصهيوني أهمية امتلاك مفاتيح الإعلام بعد أن كان جلّ همِّه امتلاك الذهب؛ كان الإعلام الغربي يشتغل على إدارة بعض القنوات العربية الضخمة، والأكثر انتشاراً، إضافة إلى زرع فضائيات أجنبية ناطقة باللغة العربية، وقنوات متخصصة بالتحريض الطائفي والمذهبي لنصل فيما بعد إلى حالة الانقسام التي تشهدها المنطقة العربية.
مفرزات الحرب الإعلامية ظهرت جلية على الساحة السورية، وتتالت الأسماء والمصطلحات للمجموعات الإرهابية ذات الصبغة الدينية ولعل أشهرها اليوم على الإطلاق داعش.
استحوذ التنظيم الداعشي على المشهد الإرهابي بأسرع مما كان يتصوره مصنعو هذا التنظيم وممولوه ومشغلوه ومدراء هذا المشروع الإرهابي.
الدواعش طفوا على السطح كتنظيم إرهابي بدأ يموّل نفسه بنفسه بعد أن سطا على بنوك الموصل وتسلّطه على منابع النفط في سورية والعراق، هذا التمويل الذاتي للتنظيم الإرهابي الداعشي كان خارج توقعات الدول المصنعة للدواعش، كما أن فكّ الارتباط وخروجهم من الطوق المحدد لهم، جعل الدول المصنعة تعدّ العدة لإنهاء صلاحية هذا التنظيم قبل انتهاء مهامه.
المهم لقد أصبحت داعش نجم شاشات التلفزة وأصبحت جرائمها التي تعود بنا إلى عصور الجاهلية المادة الأدسم على القنوات.
لا يمكن بعد سنوات التطور والنهضة الشاملة التي كانت تشهدها سورية على وجه الخصوص القبول بعودة عجلات الزمن إلى عصور ما قبل الإسلام وما قبل المسيحية وما قبل بدء التحضّر البشري وانتقاله من حالة البداوة والترحال إلى الحياة الزراعية وبداية الاستقرار وتشكّل أرقى أنواع الحضور المدني وهو بناء كيان الدولة.
ما نشهده ونشاهده اليوم على شاشات التلفزة حتى الأجنبية منها وما نقرؤه في الصحف العربية والأجنبية عن الفظائع التي ترتكبها داعش في حربها ضد الإنسانية لا يمكن أن يتقبله عقل بشري يمتلك جميع الوظائف العقلية التي تجعل من الإنسان كائناً عاقلاً.
وبعد! فإن داعش رغم ما تمتعت به من سطوع إعلامي إلا أنها إلى أفول بعد أن ظهر ما سُمي بـدولة الخلافة الإسلامية التي توسع طموحها فانشقت عن دولة الإسلام في سورية والعراق ليمتد طموح الخلافة الإسلامية إلى المنطقة كلها.
وهذا يستدعي ثورة فكرية ضد التمدد الداعشي وضد كل أشكال الطائفية والفئوية والمذهبية وهذا ما يقودنا في نهاية المطاف إلى ثورة حقيقية ضد الوجود الفكري للاستعمار على أرضنا العربية.