الأسد رئيساً لسورية لدورة ثالثة

الأسد رئيساً لسورية لدورة ثالثة

تحليل وآراء

الخميس، ٢٤ أبريل ٢٠١٤

تطوُّر الأحداث في سورية ترافقت مع محادثات "جنيف-2" وفق المنظور الأميركي - العربي، الذي أراد من خلاله الأميركي فرض صيغة الحكومة الائتلافية كأمر واقع، ونقل الصلاحيات كاملة من الرئاسة السورية إلى الحكومة "الائتلافية"، ساهم في إفشال الأهداف المرسومة للمحادثات، وخرج من خلالها النظام السوري الممثل بوفد رسمي رفيع المستوى برئاسة وزير خارجيته وليد المعلم قوياً ومتماسكاً، حيث أدى الوفد مهمته على أكمل وجه، واستطاع من خلال المحادثات فرض بند وقف العنف، أي مكافحة الإرهاب، كمدخل للحديث عن البنود الأخرى، وفي المقابل ظهرت المعارضة ضعيفة، إذ لم تستطع فرض البند المتعلق بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات.
الأميركي والأوروبي قدّرا أن الجولة الثالثة للمفاوضات لم يحن أوان انعقادها، نظراً إلى التعقيدات الميدانية على أرض المعركة، سواء لناحية تشتّت المعارضة وتناقضها، أو لناحية عدم إمساكها بالأرض، فـ"الائتلاف المعارض" لا يستطيع الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، أو لناحية ثالثة؛ أن الوضع العسكري للمجموعات التكفيرية و"الجيش الحر" قد تراجع في كثير من المناطق التي احتلوها، بينما نجد أن النظام السوري حقق الانتصارات تلو الأخرى، وآخرها في منطقة القلمون.
هذا الواقع الميداني رفع من سقف النظام السوري في ما يتعلق بتمسّكه برؤيته للإصلاح ومكافحة الإرهاب، وجعل المعارضة في موقع المتخبط مع نفسه، حيث لا يستطيع التعامل إلا بردة الفعل والانفعال، وإن كانت الشعارت والأهداف التي تتبناها لم تتبدل على المستوى النظري، وهذه الحال هي نفسها حال الأميركي والأوروبي والأمم المتحدة ودول الجوار الداعمة لحركة مواجهة النظام، فالجميع مربَك أمام قرار الرئيس بشار الأسد إجراء الانتخابات الرئاسية في سورية.
التحضيرات المطلوبة من الحكومة السورية لإجراء الانتخابات الرئاسية بدأت بعد إقرار مجلس الشعب السوري البنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، والواردة ضمن مشروع قانون للانتخابات، وهذا ما أكده الدكتور فيصل المقداد؛ نائب وزير الخارجية والمغتربين، قائلاً: "إن إعلان الدولة السورية فتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية جاء ترجمة لقرارها السيادي بأن تجري هذه الانتخابات في موعدها المستحق، وفقاً لأحكام الدستور السوري بتحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية بسبع سنوات، تنتهي عملياً في شهر تموز المقبل".
وإذا كان الرئيس بشار الأسد لم يعلن بشكل رسمي ترشّحه لهذه الانتخابات، إلا أن المناخ العام يؤكد قرار الرئيس الأسد بالترشح لدورة ثالثة، وأن فوزه فيها أمر مضمون، وأن هذا الترشّح يعتبره فرصة لتأكيد شرعيته المستمدة من الشعب السوري، أما المعارضة فلن تسطيع إثبات مصداقيتها الشعبية من خلال العملية الانتخابية.
هذا القرار جاء بناء على تطور الأحداث في سورية لمصلحة النظام والمواقف الدولية والإقليمية، خصوصاً الموقف الروسي، عبر تصريح ميخائيل بوغدانوف؛ نائب وزير الخارجية، الذي "استبعد أن تؤدي الانتخابات الرئاسية المقررة في سورية إلى طي صفحة البحث عن حل سياسي فيها، وأنها لن تغير شيئاً، فهي قد تجرى على جزء من الأراضي السورية خاضعة لسلطة الحكومة، أي أنها لن تشمل المناطق الخارجة عن هذه السلطة لإجراء الانتخابات".
أما ردات الفعل لكل من الأميركي والأوروبي، فقد وردت في بعض التصريحات، منها ما قاله وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بأن احتمال إعادة انتخاب بشار الأسد رئيساً هو أمر "يثير السخرية"، ويُعتبر أمراً "لاغياً"، مؤكداً أن فرنسا تتعهد أن تبقى "إلى جانب المعارضة المعتدلة التي تقاتل النظام ونظيره الإرهاب" في سورية، بينما رأت مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، أن ترشّح الأسد للانتخابات الرئاسية يُعدّ "أمراً مهيناً ومثيراً للاشمئزاز"، لافتة إلى أن إجراء انتخابات رئاسية سيكون "تحدياً" لمباحثات جنيف، كما يكشف نية دمشق في "تقويض الحل السياسي".
هذه المواقف إن دلّت على شيء فإنما تدل على ضعف الطرف الآخر، وعدم قدرته على القيام بإجراءات تمنع فيه إجراء هذه الانتخابات.
في بداية الحراك العسكري كان المطلوب رحيل بشار الأسد عن السلطة، مع إعطاء ضمانات شخصية بعدم ملاحقته، أما الآن فإن الرئيس سيترشح للرئاسة، وسيفوز في الانتخابات بالأكثرية الشعبية؛ الضمانة الحقيقية لاستمراره في الحكم.