بعد تكبيرهم.. قذائف الهاون تحصد الأبرياء..أمريكا تشرعن التطرف في سورية علانيةً وكييف تجعل موسكو صلبة في دمشق

بعد تكبيرهم.. قذائف الهاون تحصد الأبرياء..أمريكا تشرعن التطرف في سورية علانيةً وكييف تجعل موسكو صلبة في دمشق

تحليل وآراء

الأحد، ٢٠ أبريل ٢٠١٤

علي مخلوف
يستمر الزحف الكبير للجيش العربي السوري على المناطق التي تحتلها الميليشيات المسلحة، إنجازات بالجملة كالقلمون، ومفاجآت غير متوقعة كفتح معركة حمص والتحضير لحلب، الأمر الذي دفع الميليشيات اليائسة والبائسة من واقعها لإطلاق قذائف الهاون على المناطق المدنية الآمنة، والضحايا بعد التكبير أطفال وأبرياء! فيما واشنطن وللمرة الأولى علانية على لسان دبلوماسيتها تُشرعن التطرف في سورية وتعتبره أمراً طبيعياً! أما الحرب السياسية بين الدولتين الكبيرتين روسيا وأمريكا فقد انتقلت من دبلوماسية إلى تسليحية أيضاً لاسيما بعد تزويد واشنطن للمعارضة بصواريخ لاو.

الهاون رداً على انتصارات الجيش
مع عمل مسننات المكنة الحربية بأقصى قوة، وتوالي الإنجازات العسكرية في السيطرة على مناطق هامة استراتيجية كانت تعتبر ملاذاً لمقاتلي المعارضة كالقلمون ثم المعارك الحامية الجارية في المليحة وجوبر وتلك الحاصلة في حلب لاسيما مبنى المخابرات الجوية والليرمون إلى التمهيد لعملية حمص العسكرية والسيطرة على المدينة القديمة فيها وقبلها المصالحات الجارية في بعض مناطق الريف الدمشقي، تحاول المعارضة جاهدة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أماكن تواجد لها، وهي تسعى لفتح جبهات عدة في أكثر من منطقة من أجل تشتيت الجيش وتخفيف الضغط عن المسلحين في كسب، تترافق مع تلك المحاولات عمليات قصف بقذائف الهاون على أحياء آمنة في مدنية دمشق وريفها (الأمويين، باب توما، جرمانا، ضاحية الأسد بحرستا.. الخ) ومع صيحات ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى الممزوحة بـ "تكبير" تكون حصيلة القذائف أطفال وأبرياء!! البعض يرى في تلك القذائف إفلاساً ودليلاً على الهزيمة، والبعض الآخر يرى فيها محاولات من المسلحين تخويف المواطنين من أجل إثارة الرأي العام على الجيش على اعتبار أنهم يسوقون أن ما يدفعهم لقصف تلك المناطق هو قصف الجيش لمناطق تواجدهم! وكأنهم يعتقدون بأن الجيش والدولة ستهلل لهم وتسمح بإقامة زواريب وأمراء حرب يتسيدون على الأحياء!.
الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً أكيداً لجهة زيادة عدد القذائف على المناطق الآمنة، كما أننا قد نرى محاولات أخيرة على مبدأ "عليّ وعلى أعدائي" تتمثل بخروج المسلحين من مناطقهم لمهاجمة مناطق آمنة كمحاولة أخيرة؛ ما قد يخلق بلبلة في العاصمة ويُكسب باقي المقاتلين في مناطق أخرى زخماً، وقد يترافق ذلك محاولات أخرى للسيطرة على ضواحي ومدن في ريف دمشق على غرار ما حصل في عدرا العمالية لاسيما تلك القريبة من دوما وحرستا ومنها ضاحية الأسد المهددة منذ زمن. ومع كل ذلك فإن الجيش السوري حازم في حسمه ونتوقع بأن يكون الجنوب السوري بعد السيطرة على القلمون تحت سلطة الدولة مع بقاء بعض الجيوب الأمنية، بموازاة ذلك ستكون معارك حمص القديمة بداية السيطرة أيضاً على وسط سورية فيما تستمر المعارك بكسب التي لن تطول حتى يتم تأمينها لتكون كل المناطق المحاذية للأراضي الواقعة تحت السلطة التركية تحت رقابة الجيش، كما نعتقد بأن معركة حلب وإدلب أي الشمال ستكون التالية بعد حمص، أما الجزيرة السورية فهي ستُترك حتى تتم السيطرة على الغرب والشمال والوسط والجنوب بحيث تصبح معركة الجزيرة محسومة، لاسيما مع وجود الجيش العراقي من ناحية الحدود وقوات الحماية الكردية التي تقاوم ضد داعش والنصرة، ثم تأتي قوات الجيش السوري التي ستنهي حلم البغدادي والجولاني في تلك المنطقة.

أمريكا تُشرْعن التطرف علانية!
تطاول الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية وكبير مستشاريها لشؤون سورية إدجار فاسكيز، على مقام رئاسة الجمهورية، زاعماً إنه "مغناطيس الإرهاب"، مدعياً أن الفظائع المرتبكة هي التي تجذب المقاتلين الأجانب لسورية". كما قال فاسكيز إن الولايات المتحدة الأمريكية "تستبعد الحل العسكري في سورية، داعياً روسيا إلى الضغط بشكل ذي معنى على النظام، ليس خدمة للولايات المتحدة، بل لمصلحتها هي.
أولاً كلام الناطق باسم الخارجية يعني أن ذلك موقف رسمي دبلوماسي للإدارة الأمريكية لاسيما الصفة الرسمية للمتحدث وهو باسم كل الدبلوماسية الأمريكية! ثانياً معنى كلام المذكور وتبريره لوجود الآلاف المؤلفة من المتطرفين التكفيريين الذين أتوا من كل دول العالم بأنه ناتج عن الفظائع المرتكبة في سورية ما هو إلا تبرير لوجود هؤلاء لا بل والتشجيع على زيادة أعدادهم في سورية أيضاً، كما يُحمل كلام فاسكيز عبر تبريره ذاك رسالة مبطنة لروسيا مفادها بأننا سنغض النظر عن كل تلك الجيوش التكفيرية المتوافدة إلى سورية؛ بمعنى آخر الحدود مع سورية سوف تشهد تدفق المزيد من الحاملين لأفكار التطرف والساحة التي وجدت روسيا بها بوابةً للشرق الأوسط والمياه الدافئة لن تنعم فيها براحة البال، وهذا ما يذكرنا بما قيل عن محاولات أمريكا أفغنة سورية، ناهيكم عن كلامه الذي يشدد على مصلحة روسيا بالضغط على النظام ما يعني بأن الدبلوماسية الأمريكية تعتبر المقاتلين المتطرفين في سورية ورقة مساومة وابتزاز للقيادة الروسية.
في ذات السياق نشرت صحيفة الحياة اللندنية تصريحاً لمن أسمته أحد قادة المعارضة بأن مقاتليه قد تسلموا 20 صاروخ لاو أمريكي من جهة غربية وإن هذه الصواريخ استُخدمت عشرين مرة في عدة جبهات بفعالية مئة بالمئة في (الريف الشمالي للاذقية وإدلب وحلب) وذكر أن الصواريخ أعطيت لما تُسمى بـ (حركة حزم) المعتدلة والمنضبطة التابعة لمليشيا الحر مع تأكيده بأن هناك وعوداً أمريكية لتسليمهم المزيد من تلك الصواريخ إن تم استخدامها بشكل فعال وصحيح، هذه الخطوة هي من بين خطوات كثيرة تعمل عليها الإدارة الأمريكية بهدف محاولاتها قلب موازين القوة في سورية، وتعمل عبر مخابراتها وعملاء خاصّين مشرفين على تسليح الجماعات وقيادة التمردات من أجل قلب أنظمة الحكم في الدول التي تعتبرها واشنطن مارقة على سياستها, يُضاف إلى ذلك ما نشرته صحيفة مقدسية من أن واشنطن وعبر ضباط استخباراتها ساعدت مقاتلي المعارضة بالإضافة لضباط استخبارات أتراك وقطريين لشن العدوان على ريف اللاذقية ومدّتهم بمعلومات لوجيستية تجسسية عن تحركات الجيش العربي السوري، هذه الخطوة روسيا على علم بها ما يجعلنا نعتقد بأن الأخيرة قد عمدت إلى إرسال أسلحة فعّالة جديدة لحليفها السوري، كي تصبح الحرب بين الدولتين الكبيرتين ليست مجرد سياسة فقط، بل حرب تسليح أيضاً.

معركة كييف
بعد تحول الأزمة الأوكرانية إلى ساحة حرب أخرى بين روسيا وأمريكا، ومحاولة الأخيرة توجيه طعنة في الخاصرة الرخوة لموسكو، تستعر مجريات الأحداث فمن اتصالات بين بوتين وأوباما، وقبلها فرض عقوبات أوروبية على روسيا ورد موسكو على ذلك بالتلويح بورقة الغاز يتصاعد منسوب الكباش، في هذا السياق أعلن مفوض الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون قسطنطين دولغوف أن "الحملة العسكرية التي بدأتها كييف، قد تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية وإلى زعزعة الاستقرار بشكل خطر في هذه المناطق من البلاد، بل وربما في أوكرانيا بأسرها". واصفاً النهج الذي تبنته كييف بالسياسة غير المسؤولة تماماً والموجهة إلى إهانة الملايين من مواطني أوكرانيا والتجاهل التام لحقوقهم.
الأزمة الأوكرانية هي قطعة من لعبة "البازل الكبيرة" التي تتركب لتشكل المشهد السياسي العالمي وهي على علاقة مع الأزمة السورية التي أعادت للعالم القطبية الثانية فصعدت موسكو القيصرية نافضة عنها غبار التفكك والضعف الذي سبّبه غورباتشوف الضعيف. والمحاولات الأمريكية للضغط على روسيا وإضعافها عبر الأراضي المجاورة لها سيزيد من تصلب الموقف الروسي تجاه سورية، هذا الموقف الذي طالما راهن عليه أغبياء السياسة وبليدو الفكر.


المجهر السياسي
أكد مدير منظمة حظر السلاح الكيميائي أحمد أزومجو أن سحب السلاح الكيميائي من سورية سيُنجز بحلول يوم 27 نيسان وقال لقد اضطررنا لتأجيل موعد إنجاز برنامجنا، إلا أننا نرى حالياً أن خزانات المواد الكيميائية تخضع كلياً لسيطرة الحكومة السورية. ويسرّنا إنه ليس لأي جهة خارجية منفذ إليها. وأملنا كبير في أن يستمر نقل المواد الكيميائية الآمن من البلاد.
إذاً، القول الحكم في ملف تسليم الكيميائي اعترف به رأس الهرم للمنظمة الموكلة بذلك، ما ينسف أي محاولات غربية أو عربية للتذرع بالتأخر بتسليم الكيميائي، كما أن اللافت فيما قاله أزومجو إنه مسرور لأن خزانات الكيميائي تخضع كلياً لسيطرة الحكومة، ما يعني تأكيداً على تعاون الدولة وصدق نواياها والتزامها بوعودها، إضافةً لمدى وجود قناعة لدى المنظمة الدولية بأن المعارضة ومسلحيها هي من تحاول عرقلة إتمام الملف وهي المستفيدة في حصول أي هجوم كيميائي، والمستفيدة من مهاجمة قوافل الكيميائي المتجهة إلى المرافئ لترحيلها، الأمر الذي يجعل التصريح أيضاً بمثابة تحميل المعارضة لمسؤولية أي عرقلة قد تحصل في هذا الشأن.

اعتبر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أن قرار سورية بإجراء الانتخابات الرئاسية يوجب على الأسرة الدولية اتخاذ إجراء حازم ضد النظام في سورية! وقال الفيصل في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السعودية الرياض إن السعودية ترى في إعلان النظام السوري إجراء الانتخابات تصعيداً من قبل دمشق وتقويضاً للجهود العربية والدولية لحل الأزمة سلمياً وعلى أساس اتفاق جنيف، وتحدياً لمجلس الأمن، وذلك بات يستدعي إجراءً حازماً أمام تحدي الإرادة الدولية والإسلامية!
الفيصل على ما يبدو بات يعاني تأثيراً طويل الأمد بسبب جرعات الهيروين التي كان يتعاطاها لدرجة أنه بات يطلق هلوسات سياسية عوضاً عن أن تكون تصريحات! ولعّل المسمى بالهزاز نسي أن في مملكة عائلته لا يوجد شيء اسمه انتخابات كي ينتقدها في بلد آخر! كما أنه نسي بأن الانتخابات الرئاسية في سورية شأن داخلي سوري سيادي، وأن سورية الدولة الإقليمية المركزية وإن جار الزمان عليها ليست كغيرها من البلدان ولا تشبه لبنان، وهنا لا بد أن نشير بأن موقف الفيصل المصنف أحد "صقور" عائلة آل سلول رغم إنه صقر هزاز لكنه يعني بأن الفريق المتشدد في العائلة يحاول اللعب على وتري القانون الدولي المسيطر عليه أميركياً وإسرائيلياً ووتر المذهبية لجهة حديثِهِ عن العالم الإسلامي الذي لم نعرف كيف صنّفه فيصل! كما أن هستيريا المذكور من الانتخابات دليل على ما كنّا نقوله بأن آل سعود يحوّلون الحرب على سورية إلى طابع شخصي ضد شخص بعينه، انتخاب هذا الشخص سيجعل من قامات آل تستظل بفيء البسطار الأمريكي علّه يجيرها ولن يفعل.