التمويل الأجنبي المشبوه، سيرة وانفتحت

التمويل الأجنبي المشبوه، سيرة وانفتحت

تحليل وآراء

السبت، ١٩ أبريل ٢٠١٤

ما يجرى على الساحة العربية يطرح أسئلة عجيبة كثيرة ، و الجميع يصرون أن ما حدث و يحدث على هذه الساحة ليس حالة من استفاقة شعبية عفوية أو مجرد نزوات عابرة بالإمكان أن تختف مع الزمن ، هناك من يحرك خيوط اللعبة من وراء ستار و هناك من يسعى إلى تنفيذ مخطط محبوك معين ، بين هذا و ذاك ، تكشف التسريبات و التقارير الإعلامية حقائق مذهلة كثيرة و يكتشف المتابع أن ما يحصل هو بفعل فاعل و أن العرب بعد أن كانوا مخبر جربت فيهم الأسلحة الأمريكية التي استعملتها الإدارة الأمريكية و حليفتها الصهيونية في العراق و في فلسطين قد أصبحوا مخبر تجارب لكل أنواع و أساليب وسائل الاتصال الفضائي و التواصل الاجتماعي .
تكشف وثائق ويكيليكس الشهيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية و هيئة المعونة الأمريكية تحديدا قد مولت جملة من “الناشطين” على مستويات مختلفة للقيام بما يلزم حتى تسقط “أنظمة الربيع العربي ” ، نشاط هؤلاء المرتزقة من صحفيين ، من المعارضة ، من نشطاء المجتمع المدني ، من المدونين ، يتم تحت ستار زائف هو الدفع بالشعب إلى الساحة للمطالبة بالتغيير و بالحرية، في حين تستغل السفارات الأمريكية في الدول العربية الاجتماع و التواصل مع هؤلاء المرتزقة للحصول على بعض المعلومات الحساسة مقابل الدعم المالي و السياسي ، و لو نظرنا بدقة فاحصة في قائمة المتعاملين مع السفارة الأمريكية بالقاهرة مثلا لوجدنا أسماء لشخوص مهمة في كل المجالات و هو ما يدفع إلى الاعتقاد أن غاية الإدارة الأمريكية من وراء التمويل ليس حرية الشعب المصري بل الحصول على مزيد من المعلومات لاستثمارها سياسيا و عسكريا من طرف الصهاينة .
يدرك المتابعون أن بعض المواقع الإلكترونية تشن حربا شعواء بلا هوادة على المنظومة الأمنية و القضائية و العسكرية في بلدان ما يسمى بالربيع العربي بالذات ، و لا يستغرب هؤلاء الاهتمام بمسألة التمويل الأجنبي لهذه المواقع خاصة بعد نشر وثائق ويكيليكس و بعض الدراسات الأكاديمية الجادة لما يثبت هذا التمويل الغربي الصهيوني و الخليجي أيضا لهذه المواقع المشبوهة ، هذه الحرب تستهدف طبعا دعائم الدولة المدنية التي تستهدفها المخابرات الأجنبية و مشروع الفوضى الخلاقة الذي تتشابك مصالحه مع مشروع الدولة الإسلامية للإسلام السياسي على الطريقة التركية ، و ليس غريبا أن تنعت هذه المؤسسات بالطواغيت أو بخدمة الطاغوت ،فهذا التوصيف القذر مهم حتى يستباح الدم و يرفع الحرج عن القتلة و كل من يستهدف هذه الرموز بالاعتداء و القتل و التشويه.
“يشتغل” في هذه المواقع الالكترونية مجموعة من الشخوص العامة التي تزعم أنها جزء من الثورات العربية ، فالسيد حسن نافعة ، الأكاديمي المصري المعروف ، السيدة هالة مصطفى الصحفية بجريدة الأهرام التي عليها كثير من الشبهات ، السيد مايكل منير رئيس الرابطة الأمريكية للأقباط ، السيدة باربارة زوجة الناشط المعروف سعد الدين إبراهيم و غيرهم كثير كما جاء في وثائق ويكيليكس لا يتلقون الدعم لإصدار مجلات للأطفال كما نظن بل أن هذا التمويل له أهداف واضحة هو بث موجات مغناطيسية من التشويش الذهني للعقول العربية “المتوسطة” حتى يسهل اختراق جدار الصد الأول الرافض للتطبيع و للعلاقات مع الصهيونية العالمية برموزها الثقافية، الاقتصادية ، السياسية ، و عندما يكون حجم التمويل الأمريكي شاملا لكل هذه الفسيفساء من العقول النافذة في كل ميادين الحياة المصرية و العربية فمن المؤكد أن لهذه المؤامرة الأخطبوطية الماكرة خيوط خفية أخرى و أهداف تحققت و أخرى ما زالت بصدد التنفيذ .
نحن ندرك أن التمويل الغربي الصهيوني الخليجي ليس وليد أحداث الربيع العربي لغاية إحداث الفوضى و الارتباك ، التمويل أسبق بكثير لكنه تزايد منذ انهيار العراق و قبول السلطة الفلسطينية بالدخول في مفاوضات عبثية مع الكيان الصهيوني ، و كما يصرف المال الخليجي في تركيز منظومة الإرهاب بكل ما تستلزم من عمليات مسح للذاكرة و تدريب و تسليح و تسريب الجماعات إلى ساحات تنفيذ المشاريع الأمريكية الصهيونية كرافد لدور المخابرات الأجنبية التي أصبحت تؤدى أدوارها على المكشوف في أغلب البلدان العربية ، فان التمويل الغربي الصهيوني يقوم بدور جذب ما يمكن جذبه و إغراءه من العقول العربية في كل المجالات لإفراغ الساحة العربية من القوات “الحية” القادرة على صنع المستقبل العربي .
حتى لا يفهم البعض خطأ ، فنحن لا نستهدف المواقع الالكترونية الجادة أو التي أصبحت منبرا شريفا لمن لا صوت له ، فالفضاء الافتراضي ملك مشاع بشرط أن يكون المطروح فيه من وجبات متنوعة ملتصق بالواقع العربي و ليس جزءا من طبخة مسمومة غربية أو خليجية بات الجميع على علم بكونها خلطة صهيونية ، المستهدف من هذه المقال هي المواقع ذات العلاقة بالاستخبارات الأجنبية و بمشاريع نشر ثقافة الجهاد على الهوية و الفوضى الأمريكية الخلاقة التي شاهدنا عينة معبرة منها في سجن أبو غريب العراقي ، المستهدف هو التمويل الأجنبي الذي يغرى العقول لتصبح معاول هدم تهدم المعبد العربي على الكل .