الفرح العربي للزينة فقط؟.. بقلم: حسين عبد الكريم

الفرح العربي للزينة فقط؟.. بقلم: حسين عبد الكريم

تحليل وآراء

الجمعة، ١٨ أبريل ٢٠١٤

صرنا نُقشّر الأفكار الحلوة آلاف التقشيرات، ونسقط عنها القشرة وراء القشرة والجلد وراء الجلد كالأفاعي المختبئة وراء لغز السمّ أو تحت يافطات العشب، أو بين حرية الضباب وديمقراطية النهار.. لكن الحلم ليس في صالحه أن يخلع جلده؟!!
لماذا نُقشر أفكارنا؟! لأننا نخاف عليها، ونخاف منها، كالآباء والأمهات الفقراء، الذين (يُطوّبون) لأبنائهم العواطف والأحلام وكامل عدة الأشواق و(بطانيات) البرد وشراشف الربيع، اعتقاداً منهم أن العواطف بلا (طابو) تموت والأشواق بلا (عقارات) مسجلة تفقد صلاحيتها والأحلام بلا بيانات قيد، تتم سرقتها!!
الأزمة المجرمة علّمت الأعصاب كل المساوئ.. وعلمت الأمنيات عدم الثقة، وعلمت اللغة عدم البيان وقلة الوجدان اللغوي، وعلمت الحب أنه (أزعر) وجاهز للشتيمة والشبهات والتهمة بدل جهوزيته للأمان والاطمئنان والسعادة..
أحد القرويين (المعمي على قلوبهم، من شدة الفقر والقهر) حمل حَمْل قمح- أي: شوال حنطة- على ظهر حمارته القلقة كحائط رخو..
زوجته عادت إلى غفوها والأمل بأن الزوج ذاهب إلى الطاحونة وسيعود بالطحين..
نسي أن يفك رباط الحمارة من جذع الشجرة، وراح يبرم ويدور، ويظن أنه يقترب من الطاحونة.. وعند طلوع الشمس وعلو شأن الهمس، سمع صرير باب، فظن أنه وصل.. وإذ امرأة تظهر.. سألها:
- الطاحونة قريبة من هنا؟!
- واحرّ قلباه! أنت لم تزل هنا؟!
في لحظة (دوخته) اكتشف أنه لم يزل أمام بيته، وأن المرأة زوجته..
إلى الآن لم يتوقف عن الدوران مع أزمنة نحسه وفقد سعادته وينشد:
(سعد اسمو سعد، وسعدي اسمو بوقحيفي!؟
سعدُن يمشي لقدام، وسعدي يمشي خليفي)
العربي في أغلب أزمنته متخصص بالأسى وليس متخصصاً بالفرح و(فائض الوعي) ربما!؟ وقد يكون من الكائنات المستخدمة لسعادة الآخرين كالحيوانات (السيبيرية) التي يستفاد من فروها وجلودها في التدفئة والزينة؟!
فرح العربي للزينة أو للعرض فقط؟!
أو نموذج مجاني لا يمكن بيعه..
كان على حق دعبل الخزاعي إذ قال: حملت صليبي على ظهري أربعين عاماً ولم أجد من يصلبني!؟
وصديقنا الكبير محمد الماغوط هل أخطأ يوم رأى (الفرح ليس مهنته)..
في نهاية المطاف السجلات (العقارية) لم تطوّب للفقراء إلا نحساً كثيراً وأزمات وجدانية والقليل من العواطف..
أمانات النفوس مشكورة أنها احتفظت بعلامات فارقة: وطن على عقد الحلم.. لون العينين دمع، البشرة حنطية بلون حبات قمح الإنسانية القديمة (الأنتيكة).. سورية أم الحب وبناتها علّمن الأخريات فن الرغيف ورغبات الأرض..
رغم النحس والرعب و(طابو) الفقر والقهر و(التعتير) للقلب اسم واحد للبرد والحر الشديد..
وطنٌ بكامل الحب ليس إلّا..