لماذا رنكوس وماذا بعدها ؟!

لماذا رنكوس وماذا بعدها ؟!

تحليل وآراء

الخميس، ١٧ أبريل ٢٠١٤

رن هاتفي فإذا بصوت محدثي هذه المرة يأتي من رنكوس المدينة الثانية من حيث الأهمية بعد يبرود، في منطقة القلمون . كان ذلك قبل استرجاع معلولا .. واستشهاد صحافيي قناة المنار التلفزيونية (حمزة الحاج حسن ورفاقه) .
قال محدثي أن المسلحين لاذوا بالفرار امام تقدم الجيش العربي السوري في يبرود ورأس العين وفليطة وراس المعرة، فلجأوا إلى رنكوس وإلى عرسال في لبنان . كانت المهمة التي توكل بها الجيش العربي، يساعده رجال المقاومة، هي استكمال العمليات اللازمة لإقفال معابر الموت وتفكيك شبكات التفخيخ وتدمير مواقع إطلاق الصواريخ على القرى البقاعية . فكان لا بد من التحرك نحو رنكوس، التي كانت تعتبر أيضا معقلا أساسيا لجبهة النصرة وللجبهة الإسلامية ولفصائل هامة من فصائل الجيش الحر .
تمثل رنكوس أيضا، موقعا استراتيجيا يتيح التحكم بالقرى المحيطة والقريبة منها بوجه خاص كصيدنايا، وبمنطقة القلمون على وجه العموم . تجدر الإشارة هنا إلى محاولات المتمردين وأعوانهم المرتزقة، تغيير واقع التنوع السكاني السوري، على حساب المكون المسيحي تحديدا . كما فعلوا في النبك وقاره، قبل أن يسترجعها الجيش العربي السوري ويتيح الفرصة لتضميد الجراح الإجتماعية والوطنية .
ديرشيربيم البطريركي، القريب من رنكوس، شاهد على ما سبق ذكره . لقد دخلته الجماعات التكفيرية وسرقت محتوياته وصادرت مؤونته، وأساءت معاملة الناس . إلى أن تمكن الجيش العربي السوري، بمعاونة القوى الشعبية المحلية من تخليصه !
آخر غزوات جبهة النصرة، التي قال عنها وزير خارجية الحكومة الفرنسية الإشتراكية، أنها “تقوم بأعمال جيدة في سوريا” استهدفت صيدنايا، ولكن لحسن الحظ أن مقاتليها وقعوا في كمين نصبه لهم الجيش العربي، فسقط منها ما يربو على سبعين عنصرا، في حين فر الباقون إلى رنكوس .
وبالعودة إلى شريط العمليات، قال محدثي … إقتضت خطة الجيش العربي السوري والمقاومة التقدم نحو مدينة رنكوس بكسر تحصينات الجماعات المسلحة الدفاعية هذا من جهة بالتلازم مع تحريك قوات باتجاه المرتفعات والتلال المحيطة برنكوس ومزارعها من جهة ثانية .
بدأت العمليات، بالقصف المدفعي والجوي على مواقع قيادات المسلحين والتحصيانات والأنفاق السرية، تمهيدا لتقدم الجيش العربي السوري . دارت إشتباكات عنيفة مع الجماعات المسلحة استمرت لمدة ساعات نتج عنها سيطرة الجيش على موقع الرادار الذي يعرف بمرصد صيدنايا المشرف على رنكوس وسلسلة الجبال الشرقية . كان موقع الردار سابقا مركزا عسكريا سوريا لإدارة الحرب الإلكترونية . ولكن ثوار أمراء النفط وحكام تركيا شاؤوا على عجل وبإلحاح، تعطيل طاقات الجيش العربي السوري في مجالي الحرب الألكترونية والدفاع الجوي، لغاية في أنفسهم !
لم تستغرق المعارك مدة طويلة، إذ تمكن الجيش العربي السوري من دخول مدينة رنكوس في اليوم الثاني على بدء العمليات . في حين أن القتال استمر من أجل احتلال التلال الإستراتيجية . حيث تكبد المتمردون والمرتزقة خسائر كبيرة، وأخلى الباقون جبل محمية الطيور، ثم جلوا بعده عن الجبال الأخرى بالإضافة إلى مشفى مجمع القلمون، فصارت سلسلة الجبال الشرقية تحت سيطرة الجيش . ما جعل عناصر الجماعات المسلحة تنسحب إلى مناطق الزبداني وحوش العرب وعسال الورد، قبل طرد المسلحين منها لاحقا، وقرية الطفيل اللبنانية، التي استولى عليها الأخيرون، حيث يتواجد فيها الآن قرابة 6000 عنصرا برفقة عائلاتهم .
يقول محدثي أن مواقع المتمردين والمرتزقة، لم تصمد طويلا في معركة رنكوس، رغم كثرة عددهم ووفرة عتادهم . فلقد استغرقت إعادة السيطرة على تلال وقمم السلسلة الشرقية أقل من يومين، رغم التحصينات الطبيعية كالوهاد والصخور والكهوف . ما يدل على أن شيئا ما تبدل في ساحات القتال .
إنتهى محدثي من سرد ما جرى في الأيام الأخيرة . ها هي التطورات تؤكد ما لمح له إذ تتهاوى مواقع المتمردين والمرتزقة الموقع تلو الأخرى في معلولا ثم في عسال الورود وفي حمص. في المحصلة لدي شعور بأن عدد الأسئلة في مكالمته يفوق عدد الإجابات .
لماذا يتراجع المتمردون والمرتزقة، ويتقدم الجيش العربي السوري والمقاومون الذين هبوا لمساندته ؟ هل أن المتمردين والمرتزقة الآن هم أضعف مما كانوا عليه، عندما احتلوا المواقع التي يسترجعها الجيش في الراهن دون صعوبة كبيرة، اذا استثنينا تدخل الجيش التركي في كسب وفي جبهات الشمال ؟ ما هي اسباب ذلك، في حال أن هذه الملاحظة صحيحة ؟ لا بد في السياق ذاته من السؤال عن المكان النهائي الذي سيلجأ إليه المتمردون والمرتزقة، إذا استمر تقدم الجيش العربي السوري ؟ هل سينسحبون إلى عرسال والطفيل وعكار في لبنان، ليكونوا هناك في ظل التوازن الطائفي، حيث تمنح الطوائف الحصانة لأتباعها مهما كانت التهم الموجهة إليهم ؟ وإذا صحت هذه الفرضية، كيف سيقضي المتمردون والمرتزقة أوقاتهم في ربوع بلاد الأرز ؟