الأسد وآية الله خامنئي يلتزمان بما يقولانه، فهل سيلتزم أوباما؟

الأسد وآية الله خامنئي يلتزمان بما يقولانه، فهل سيلتزم أوباما؟

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٦ أبريل ٢٠١٤

كتب: د. فرنكلين لامب
ترجمة: زينب عبدالله
اللاذقية، سورية
أشارت التقارير الأخيرة الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي تقبّلها البيت الأبيض في حين لم تعترف بها تل أبيب، إلى أنّ حوالى نصف الأسلحة الكيميائة السورية أصبحت خارج البلاد وأنّ 100% من مخزون البلاد قد تمّ تعطيله. وفي سبيل الحل، تمّ الإتفاق على موعد 30 حزيران/يونيو للتخلّص من هذه الأسلحة. وقد ساهمت كلّ من إيران وروسيا في إقناع الحكومة السورية بوجود مصلحة سورية تماماً كمصلحة المجتمع الدولي في التخلّص من مخزونات الأسلحة الكيميائية التي يعود تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي. وقد تمّ مؤخّراً شحن حوالى 11 حمولة خارج سورية لتطهيرها والتخلّص منها، وكانت الشحنة الأخيرة قد خرجت من اللاذقية. وتتضمّن هذه الشحنات كلّ المخزون السوري من غاز الخردل الكبريتي، وهو مادّة مقرحة تمّ استخدامها لأوّل مرة على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى.
والدي، النقيب "كلايد تشستر لامب"، كان واحداً من مئات ضحايا هذا الغاز القاتل خلال مقاتلة الألمان في الصفوف الأمامية شرقيّ فرنسا.  وقد نجا النقيب لامب إلّا أنّه لم يتعافَ تماماً. وعندما تكلّم لاحقاً عن تجربته في الحرب، الأمر الذي لم يكن يذكره دائماً، حكى لأطفاله المرعوبين في وقت القصص أنّه وزملاءه لم يكن لديهم الأقنعة الواقية من الغاز، ولذلك ابتكروا طريقة التبوّل على قصاصات الملابس وتوزيعها عليهم مع تعليمات بإبقائها فوق أنوفهم وأفواههم. وقد ساهم ذلك إلى حدّ ما بالتخفيف من حدّة الغاز السام.
وبالرغم من بعض التأخير لدواعٍ أمنية ولوجستية، قليلون، فضلاً عن اللوبي الصهيوني في الكونغرس الأميركي، يشكّون في أن يتمّ العمل السوريّ هذا. أمّا في سورية، وبحسب معلومات استطعت الحصول عليها، فإنّ المختصّين قد سرّعوا عمليّة توضيب الأسلحة الكيميائية ونقلها، وفي بعض الأحيان نقلها ضمن مناطق الثوّار وصولاً إلى ميناء المتوسّط في اللاذقيّة.
وبالتعاون مع إيران، زوّدت روسيا سورية بمستوعبات ذات قدرة عالية فضلاً عن مركبات مدرّعة لعملية اللاذقية، في حين أرسلت الصين 10 سيّارات إسعاف وكاميرات مراقبة، أمّا فنلندا فأرسلت فريق طوارئ في حال وقوع أيّ حادث. وقد أمّنت كلّ من الدنمارك والنروج سفن النقل والحاميات العسكرية لأخذ المواد الكيميائية إلى مرفأ المستوعبات "غيويا تورو" في إيطاليا، وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الأميركية تساهم في العملية أيضاً إلى جانب جهات أخرى.
وبالرغم من التعاون الإيراني في هذا المشروع الإنساني الكبير، وبحسب متحدّث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرّيّة، فإنّه "قد تمّ إحراز تقدّم ملحوظ على صعيد الملف النووي الإيراني". أما البيت الأبيض فما زال يراوغ في وعوده الخجولة حول رفع العقوبات التي ما زالت تستهدف الشعب الإيراني. وتستمرّ العقوبات الأميركية أيضاً بزيادة المعاناة المبهمة للشعب السوري الذي يُستهدف بأسره من قبل أوامر باراك أوباما التنفيذية الآخذة بالمزيد من التعقيد في العقوبات الإقتصادية.
وما زال البيت الأبيض لم يشرح هذا التأخير، إلّا أنّ مصادر في الكونغرس تشير إلى أنّ الرئيس أوباما ما زال مستهدفاً من إسرائيل وعملائها في الكونغرس، وأنّ أوباما لم يُرِد رفع العقوبات بعد "حتى الآن"، أكثر من كون الأمر سطحيّاً فقط. وهذا ينطبق أيضاً على الأدوية والمعدّات الطبية.
ويزعم المصدر نفسه أنّ البيت الأبيض يشير أيضاً إلى أنّ طهران يجب أن تستمرّ في صبرها في حين تتمّ إعادة النظر في موضوع العقوبات في واشنطن. وفي هذا الوقت، أكّد وزير الخارجية الأميركية "جون كيري" للقيادة الإيرانية بأنّ البيت الأبيض يقدّر الفتوى الصادرة عن المرجع الأعلى آية الله السيد علي خامنئي الشهر الماضي التي تقضي بتحريم إنتاج واستخدام الأسلحة النووية. وقد وافق كيري على السماح لإيران بالبرنامج النووي السلمي، كما وأثنى على البيان الأخير الصادر في وقت مبكر عن المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية "رامين مهمن برست" بأنّ فتوى آية الله الخامنئي ملزمة لإيران وأنّه "ما من شيء أكثر أهمّية في تحديد إطار عملنا في النشاطات النووية أكثر من فتوى القائد".
وتظهر مقاضاة مكتب التحكّم بالأصول المالية أحد المواطنين الأميركيين الذي كان يسعى لإرسال معدّات طبية للتصوير بالرنين المغناطيسي الذي قد ينقذ حياة البعض مدى ضعف أوباما وسماحه للصهاينة بالسيطرة على الوكالة الفدرالية لتشديد العقوبات على الشعب الإيراني. وهناك العشرات من القضايا المشابهة للتي ذكرناها آنفاً، والرئيس أوباما متخوّف منها. والقضيّة المخزية التي تتمّ مراجعتها تتمحور حول سجن الباحث الطبي الجامعي بسبب إرساله آلة طبية لإيران، الأمر الذي قال المحامون إنّه بريء تماماً وقانونيّ بالكامل لأنّ المعدّات الطبية كآلات التصوير بالرنين المغناطيسي معفيّة تحت عنوان "الإستثناءات الإنسانية" المذكورة في أوامر أوباما التنفيذية المرتبطة بفرض عقوبات أميركية على إيران.
وقد شرح المحامي وأستاذ القانون في واشنطن "كليف بيرنز" قضيّة السيّد محمّد ناظم زاده، الذي كان أحد الباحثين في قسم الأعصاب في جامعة "ميتشيغان" حين اعتقاله، والذي تتمّ مقاضاته فدراليّاً بسبب إرساله آلة طبيّة إلى هولندا. وهي ماكينة تصوير بالرنين المغناطيسي، عبارة عن مجموعة من الأشرطة التي تولّد إشارات سمعيّة ضرورية لدى تدفّق التيار الكهربائي في داخلها بحيث تسمح بتصوير الجزء من الجسم الملتفة حوله. والسيد ناظم زاده يقوم حالياً ببحث في مستشفى "هنري فورد" في "ديترويت" ومجال اختصاصه هو، ولا عجب، التصوير بالرنين المغناطيسي.
وبحسب المحامي "بيرنز" فإنّ "جزءاً من آلة التصوير بالرنين المغناطيسي، وبموجب قانون إصلاح العقوبات التجارية وتحسين التصدير الصادر عام  2000، قد يكون تصديره مسموحاً على الرغم من الحظر على إيران. وكان فشل ناظم زاده في الحصول على ترخيص قد اعتبر، بالتأكيد، انتهاكاً لهذا الحظر." وحتّى باعتبار قضيته انتهاكاً جرميّاً تقنيّاً، على المرء أن يتساءل، كما يتساءل "بيرنز"، عمّا قد يجعل القضاء الأميركي يتسهلك نفسه لمقاضاة باحث حاول إرسال مساعدة حياتية عبر آلة طبية إلى إيران.
كما وأشار أحد محامي هذا الباحث قائلاً: "أليس هناك أفراد خطرون مسلّحون بالأسلحة والقذائف يجب الإلتفات إليهم عوضاً عن هذه القضيّة"؟ وفي إفادة خطّية تدعم البحث في هاتف ناظم زاده، ثمّة شكوك في ما إذا كان الرجل قد كان يخبّئ النوايا الجرميّة اللازمة من أجل مقاضاة جرمية لمكتب التحكّم بالأصول المالية بتهمة محاولة تصدير قطعة آلة التصوير بالرنين المغناطيسي في المقام الأوّل.
وبحسب هذه الإفادة، فإنّ ناظم زاده كان يتفاوض مع العميل الفدرالي السرّي المرسل من قبل مكتب التحكّم بالأصول الماليّة لشحن الآلة إلى إيران من خلال شركة إلى هولندا. والأمر ليس غريباً على تصديق الناس له، حتى ولو درسوا الكلمات المبهمة في تفاصيل العقوبات الإيرانية ما إذا كان من القانوني إرسال غرضٍ ما إلى بلد معيّن، فما من قوانين منتهكة إذا تمّت إعادة تصدير هذا الغرض، من دون أيّ تدخّل من طرف المرسل، بأيّ جهة محظورة. وهنا، بحسب الإفادة، استمرّ السيد ناظم زاده في القول للعميل السرّي إنّه مقتنع بأنّ العمليّة كانت قانونية، وقال إنّ هذا صحيحٌ لأنّ تصدير السلعة كان من الولايات المتحدة إلى هولندا وليس إلى إيران. ولم يكن خطأ السيد ناظم زاده القانوني المصحوب بالنية الحسنة عملاً جرميّاً.
وفي المقابل، فإنّ هذا بالتحديد هو نوع القضيّة التي يجب تقييمها، من قبل مكتب التحكّم بالأصول المالية على أنها قضيّة إداريّة، ما إذا كان هذا المسلم يستهدف إحدى الوكالات بشيء من الإنصاف والموضوعية. وكحدّ أقصى، كان على المكتب إصدار غرامة في هذا السياق بالرغم من اعتقاد السيد ناظم زاده الخاطئ بأنّ العمليّة لا تنتهك القانون الأميركي.
وإذا ما أراد من في البيت الأبيض حقّاً تسوية العلاقات مع إيران وسورية كما يزعم، عليه القيام بالكثير من الأمور الأفضل. وخير بداية قد تكون من خلال إيقاف كلاب المداهمات التابعة لمكتب التحكّم بالأصول المالية التي تخدم الأميركيين وغيرهم. وعليه أنّ يعلن عن "العقوبات الإنسانية ضدّ إيران وسورية التي تستثني الأدوية والمعدّات الطبية."
ولم يتمّ تبنّي هذه اللغة حتى الآن، وهي تضلّل المجتمع الدولي حول طبيعة عقوبات البيت الأبيض الوحشية وغير القانونية المتفشية في استهداف المدنيين من أجل غايات سياسية.
في نهاية هذا الأسبوع، لا شكّ أنّ تمنّيات البيت الأبيض لشعب الجمهورية الإسلامية في عيد النيروز والسنة الإيرانية الجديدة بحسب التقويم الشمسي صادقة ومحطّ تقدير. ولكن قد آن الأوان لمنح ما يُبنى عليه في التمنّيات لأميركا بالعام الجديد ما يجعل مواطنيها فخورين بها، بما يتوافق ويلتزم مع القيم التي تربّوا عليها.