المدرسة أم.. بقلم: غادة فطوم

المدرسة أم.. بقلم: غادة فطوم

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٦ أبريل ٢٠١٤

"المدرسة أم إذا أصلحتها أصلحت جيلاً تحلّى بالأخلاق" أبدأ بهذه المقولة عطفاً على زيارتي لبعض المدارس حيث آلمني ما رأيت وآلمني أكثر معاناة الكادر التعليمي إضافة إلى معاناة الطالب وما يحيط به من مشاكل.
لن تكن النافذة الصغيرة, والتي أُجبرت على الوقوف أمامها سوى الإطلالة التي جعلتني أدرك مدى الخطورة التي يتعرض لها مجتمعا بأكمله؛ فما بالكم بجيل هو أساس بنائه. من تفشي الانحلال الثقافي والتغييب الواضح لما يسمى ثقافة الأخلاق.. غزو ثقافي لمرحلة عمرية حرجة, إن لم نسرع ونوجد الإسعافات السريعة لها, خسرناها بكل ما للكلمة من معنى وتداعيات.
هذا التهميش الواضح لدور المدرسة الأم الثانية ولدور المعلم الذي يقوم على عاتقه تثبيت القيم الخلقية والعلمية لدى الطالب, قد يكون له الأثر السلبي على الطالب وله أيضاً آثار أخرى على المعلم والمجتمع, إضافة لذلك إلغاء دور الكادر الإداري والذي يقع على عاتقه تنظيم أمور الطالب والمدرس معاً أدى إلى ضياع وتمييع المشكلة التي تعاني منها مدارسنا وللأسف هي غائبة ومغيبة عن الجهات المعنية حيث تعزو ما تمر به المدارس وكادرها التربوي إلى الأزمة التي يمر بها البلد ,ولولاها لكان الوضع بشكله المثالي والمتفوق على بلدان أخرى.
إذاً، ما الذي يحدث وما معنى أن نتغاضى عن مشكلة بات الأهل يعانون منها والمدرسة معاً؟.. فالطالب الضائع الحائر بين المناهج الضخمة والتحصيل, واللامبالاة ومدرس غير قادر على ضبط الحصة الدرسية فأمامه تحديات الوقت والزمن وإعطاء المنهاج حتى آخر معلومة وفكرة. من الذي أودى بمدارسنا مشاعل النور إلى الدرك الأسفل ولمصلحة من كل هذا الخراب؟؟ خراب جيل وقتل طموحاته من يتحمل؟؟ ومن يتحمل مسؤولية تراجع الدور الريادي للمؤسسة التعليمية بكل كادرها؟؟ إن الواقع التعليمي في سورية هو الأساس الذي نعتمد عليه في الانطلاق نحو مجتمع متطور بنّاء؛ لذا علينا اليوم الإسراع في المبادرة وإيجاد حلول إسعافية وذلك بالتوجه إلى العملية التربوية مباشرة والقيام بإسعافات سريعة لا إسعافات أولية, تحديداً، وإن هذا الجيل المتهور المتسارع في بناء كل ما هو سلبي وافتراضي في وطن؛ يحتاج لكل الطاقات الفتية والغنية للتصدي للغزو الفكري المفروض عليه رغماً عنه بداية ثم التوجه لإلغاء ما استساغه من أفكار هدامة وإنهائها. ففي دراسة للباحثة الاجتماعية فادية ديوب لم تقف عند حالة واحدة أو نموذج منفرد في دراستها ولم تختصر المعاناة كحالة خاصة بل انطلقت من غيرتها على وطن متجذر في جسدها وفي جسد كل المجتمع السوري النقي وانطلقت بدراستها من باب الحب والصدق والإخلاص للوطن سورية واستطاعت أن تسلط الضوء على الأخطاء لنتجاوزها بأقصى سرعة من خلال تقديمها لحلول فورية تبدأ من القاعدة والشريحة الواسعة (شريحة المدارس) ثم مديريات التربية والوزارة ومؤسساتها. وبدوري سألخص المشاكل التي واجهتها فيما يلي: من خلال القرارات التي صدرت رغم أنها قرارات بناءة إلا أن تقسيم الطلاب حلقة أولى وحلقة ثانية حيث تباين الفئات العمرية ودمج الطلاب (فئة المراهقين مع فئة الصغار) أدى الدور السلبي لا الإيجابي وقرار المدرس الأول لم ينفذ على أرض الواقع بطريقة صحيحة إضافة إلى قرار تطبيق الإرشاد النفسي والاجتماعي في المدارس حيث طبق بأعداد قليلة جداً مرشدة نفسية واحدة لكل مدرسة ربما كانت كافية لو كانت الظروف غير تلك الظروف التي يمر بها البلد ثم قرار تطوير المناهج والذي لم يُهيّأ له الكادر التعليمي بشكل جيد وعدم إعطاء الوقت الكافي لإيصال المعلومات المعرفية بطريقة محببة ويخلق عند الطلاب ملكة البحث العلمي والإبداع ,قرار الدورة التكميلية للشهادة الثانوية وعدم وضع توضيحات وتعليمات تنفيذية وبات الجميع في حيرة؛ الكادر التعليمي والطلاب ,والتسرب المبطن والتي سمتها الباحثة (البطالة المقنعة) وانقطاع طلاب الشهادتين المبكر عن الدوام .ومشكلة العنف والعدوان المتفشي بين طلاب المدارس وهي تعود لأسباب عدة أهمها عدد الطلاب الكبير في المدارس من بداية الأزمة والرسوب المتكرر وعدم معالجة الحالة.. وقد قدمت الحلول والتي إذا دُرست وطبقت بكل شفافية ومصداقية لكانت مدارسنا منارة إبداع كما نتمناها منها:
- تحديد لجان تربوية تتحلى بالصدق والمتابعة تقوم بجولات ميدانية مفاجئة إلى المدارس للكشف عن أماكن الخلل في سير العملية التربوية.
- تعيين مدراء يمتلكون مهارة فن إدارة المدارس بعد تأهيلهم بدورات تطبق على أرض الواقع.
- التشديد على حضور الأهالي مجالس أولياء الأمور.
- تكريم الكادر التعليمي وتكريم الطلاب لتحفيز الجميع بما أنجز.
- إصدار قوانين تحاسب كل شخص وتغرّمه سواء كان طالباً أو مدرساً أو إدارياً في حال حصول تخريب بأثاث المدارس لأن الكثير من المدارس تتعرض للتخريب الواضح والمتعمد..
وهناك العديد من الطروحات التي قدمتها الباحثة يجب أن نقف عندها، هناك الكثير ممن يجلسون وراء المكاتب، لننزل إلى المدارس وإلى الشوارع؛ لنكن الجيش الثاني الذي يحمي هذا البلد.. من وزارة الثقافة إلى وزارة الإعلام ثم وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية وووو .. عاشت سورية.