أوكرانيا والحرب الأهلية وتركيا تهادن وتسحب التتار إلى كسب نحو حسم حمص وإشارة الأسد للانعطاف

أوكرانيا والحرب الأهلية وتركيا تهادن وتسحب التتار إلى كسب نحو حسم حمص وإشارة الأسد للانعطاف

تحليل وآراء

الاثنين، ١٤ أبريل ٢٠١٤

ترتسم علامات استفهام كبرى حول انعقاد اجتماع جنيف الخاص بأوكرانيا يوم الخميس المقبل، بعدما تعددت وتكثفت المشاورات لضبط الوضع في شرق أوكرانيا من دون جدوى، ووصل وزير الخارجية الروسي للقول بداية بعد حوار هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي إن اجتماع جنيف سيطاح إذا لم تلتزم حكومة غرب أوكرانيا بوقف العنف بحق المعتصمين المدنيين في شرقها، ورد عليه الوزير الأميركي برفض التهديد محملاً روسيا عبر مخابراتها التحريض على العنف في شرق أوكرانيا، ولم تتوضح صورة اجتماع جنيف الذي يفترض أن يضم الوزيرين سيرجي لافروف وجون كيري وكاترين آشتون مفوضة الخارجية الأوربية وأندرية دي شيتيسا وزير الخارجية الأوكراني بالوكالة، فقد أعقب لافروف حواراً هاتفياً مع دي شيتيسا بالقول، إننا ما زلنا نبحث الفائدة من عقد اللقاء وسنحضره إذا كانت وظيفته تشجيع حكومة غرب أوكرانيا للحوار مع الأقاليم.
الضبابية المحيطة بجنيف الأوكراني رافقتها مواجهات دامية في مواقع عدة من شرق أوكرانيا كان أبرزها سقوط ضحايا في سلافيانسك ودونيتسك ولوغانسك.
خروج آلاف الشرق أوكرانيين من أصول روسية مطالبين بالاستفتاء على الانفصال واحتلالهم المقار الحكومية ورفعهم للأعلام الروسية، أشار إلى أن المعادلة الروسية لجنيف هي إما استفتاء على الكونفدرالية يسبق الانتخابات الرئاسية، أو أن سيناريو القرم سيكون قابلاً للتكرار في شرق أوكرانيا.
هل سيتسنى حضور لافروف في جنيف الخميس وهو يغادر إلى الصين الثلاثاء؟ وهل سيكون ممكناً الحديث عن تسوية سريعة لأوكرانيا بينما واشنطن تظن سلاح العقوبات فعالاً في تغيير مواقف موسكو؟ يبدو أن تركيا التي تلقت صفعة أطلسية عندما قدمت أوراق اعتمادها عبر بوابة سورية للتصعيد ضد روسيا واستخدام مضيق البوسفور للتضييق على الأسطول الروسي، امتلكت الجواب عن المسافة بين الكلام الغربي وقدرة الأفعال، ولذلك قررت مهادنة روسيا والتفرغ لتثبيت حضورها في مواجهات الشمال السوري، فاستقدمت مقاتليها التتار والشيشان والداغستانيين إلى جبهة كسب، ووقف وزير خارجيتها داوود أوغلو ليؤكد التمسك باتفاقية مونترو التي تحصر العبور بمضيق البوسفور للسفن العسكرية بأساطيل الدول المطلة على البحر الأسود وهي تركيا وأوكرانيا وروسيا، وتضع قيوداً على الدول الأجنبية عنه كحال أميركا، رافضاً أي توتر في العلاقة مع موسكو.
غياب الأقنية الدولية الصالحة لصناعة التسويات وزيادة التوترات بين موسكو وواشنطن، فتح الباب لتكون العين على آخر المحاولات اليائسة لتصنيع هجمات تمكن المعارضة المسلحة بتشكيلاتها وتسمياتها المتعددة من تسجيل أي نصر موضعي، يمكن وضعه في خانة إعادة التوازن، فكانت هجمات الحدود التركية والتعزيزات التي جلبها الأتراك من ألفي مقاتل من التتار والداغستانيين والشيشانيين، وقد تمكن الجيش السوري من امتصاص الهجوم واستيعاب نتائجه والتأسيس لهجومه المعاكس باسترداد البرج 45، كما في حلب فشلت محاولات تجميع البنية القتالية لجبهة النصرة مع المقاتلين الوافدين من الحدود التركية والواصلين جواً من عمان بعد خروج الأردن من مغامرة المواجهة الحدودية، وتمكن الجيش من حماية مواقعه خصوصاً دوار المالية وجمعية الزهراء ومقر الاستخبارات الجوية، لتصير جبهات القتال التي تشهد تغييرات حقيقية هي تلك الممتدة من القلمون إلى جوبر وخصوصاً حمص.
هكذا أضاء الرئيس بشار الأسد بحديثه أمام أساتذة وطلاب العلوم السياسية في جامعة دمشق عن دخول المواجهة الدائرة انعطافاً عسكرياً وشعبياً لمصلحة الدولة، سواء بالإنجازات التي يحققها الجيش أو بالتبدل الحاصل في المزاج الشعبي الذي تسنى له التعرف عن قرب إلى المجموعات التي تحمل لواء المعارضة وتمكن من اختبار التفسير والوصف اللذين تقدمها الدولة لما تشهده سورية ليكتشف صدقيتها أكثر فأكثر، وبدا كلام الرئيس الأسد إشارة لتطورات حاسمة في الميدان حملتها أنباء القلمون من رنكوس ومستشفى القلمون الكبير ومن الغوطة في تطورات محاور جوبر، لكن التطور الأبرز كان الاعتراف الذي حملته قناة العربية عن بدء تهيؤ حمص لتسليم المسلحين أسلحتهم وخروجهم من كل أحيائها، بعدما فشلت كل محاولات فك الطوق عنهم وإيصال خطوط الإمداد لهم، فما جرى في القصير وزارة وقلعة الحصن ويبرود، شكل نقطة التحول في الحقل، والحصاد يبدو قريباً في بيادر حمص.