دبوس .. ((بين الأرجل!)).. بقلم: ظافر أحمد

دبوس .. ((بين الأرجل!)).. بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الجمعة، ١١ أبريل ٢٠١٤

يمكن للحالة الإيجابية في الأداء الوظيفي أن تصبح مدرسة، ولكن يمكن تحديد مدارس للأداء الوظيفي الرديء، فلنمعن في التصور التالي: عامل ينتج ويعمل بضمير ويتفرغ للعمل وفق أدنى حدود الإشراف عليه، ولأنّه ناجح تتفتق العبقرية الإدارية في القطاع العام عن كيفية مشاركة حلقة إضافية إشرافية في إنتاجه، وإذ بالمشرف أصبح نجماً على حساب العامل وبميزات مالية وترفيهية، وكانت أولى النتائج انخفاض إنتاج العامل الأساسي، وتخلخل حماسته للعمل لأنّه ينتج بينما النجومية للمشرف الذي يلف رجلاً على رجل وينظِّر على العامل ويلاحقه ويحاصره وأهم خلاصة أنّه يقطف ثمرة الجانب المنتج لدى العامل ويقطف ثمرة تحميل مسؤولية العامل في جوانب التقصير الموضوعي وهكذا يبقى المشرف نجماً..!.
برزت مشكلة في تراجع إنتاجية العامل في القطاع العام ولكن من شدة المجربين فيه بحثوا وتمحصوا ودققوا و(علّكوا) حتى توصلوا إلى أنّ المشكلة تتطلب مشرفاً على المشرف السابق فوضعوا مشرفاً ثانياً أصبح يتشارك مع العامل المنتج فانخفض إنتاجه وزادت أعباء العامل نتيجة زيادة الإشراف عليه، وأصبحت نجومية المشرف الإضافي ترتبط بقطف ثمرة الجانب الإيجابي في إنتاج العامل، وثمرة الجانب المتردي في أداء العامل لجهة تحميله المسؤولية وتحميل المشرف الأول المسؤولية، فيرد المشرف الأول على الثاني لتبدأ صراعات (إشرافية) ويضيع العامل بين الأرجل الإشرافية بينما يضع كل مشرف رجلاً على رجل..!.
ومجدداً قام المجربون في بحث المشكلة فوجدوا أنّه لا بد من حلقة إشرافية ثالثة لتصويب أداء المشرف على المشرف ووضع حد للخلافات الإشرافية..، وهكذا أصبح العامل المنتج الأساسي بسمعة غير طيبة وأصبح يتعرض لتصنيف عامل متردٍ، وبسبب حالة شبه الجماعية في القطاع العام صارت البرامج الإصلاحية هي كيفية معالجة تراجع إنتاجية العامل، من دون التنبه إلى ضرورة إعادة هيكلة حيث الشركة بمدير عام تتبع لمؤسسة بمدير عام، والشركة بمديريات للعقود والقانون والإدارة والإنتاج..إلخ تتبع لمؤسسات بمديريات للعقود والقانون والإدارة والإنتاج..إلخ، وتقوم الوزارة باختصاصيين بالعقود والقانون والإدارة والإنتاج.. بالإشراف الوصائي على الشركة والمؤسسة..، علماً أنّ كل مدير عام شركة يخضع بحكم الضرورة إلى حالة نفسية تجعله يحلم أن يجلس مكان مدير عام المؤسسة وإذا كبرت في رأسه يخطط كي يجلس مكان الوزير، بينما الوزير الذي نال حظوة الكرسي تصبح مهمته كيف ينجز تشكيلة إدارية على مقاسه، وعندما يتغير يقوم الوزير الجديد في وضع تشكيلة على مقاسه، فإذا كان الوزير السابق نحيفاً تكون التشكيلة التي حوله والتي تتبع له سمينة وفق رغبات الوزير بالتعويض عمّا يفتقده، أو نحيفة نزولاً عند رغبة الوزير في استنساخ الأشكال الإدارية وفق مزاجه وشاكلته..، وذات الاحتمالات في حال كان الوزير سميناً..!.
يمكن السؤال: ما دقة أنّ مدير عام مؤسسة ما أفضل من مدير عام شركة ما حتى يخضع أكثر من مدير عام لشركة لأوامر مدير عام مؤسسة؟!. من يجد جدوى اقتصادية في صناعة هيكلية تقوم على أنموذج عدة مديرين عامين لشركات تنفيذية يخضعون لمزاج ومقام وحكمة وسذاجة وغرور مدير عام مؤسسة إشرافية؟!.
الخلاصة العملية والعلمية وفق التالي: كل عامل في هذا القطاع العام تقريباً عليه حلقات إشرافية ووصائية دخيلة على الإنتاج تمثل حلقات تورمية جعلت من القطاع العام متورماً بشقه الإداري ومتراجعاً بشقه الفني والإنتاجي.
وبعد كل ذلك التردي تتوصل حكومة ما إلى الخلاصة الإصلاحية التالية: (إن التحدي الذي تواجهه عملية التنمية في سورية يتمثل أساساً في إدارة الموارد والتسيير والتطوير المؤسسي وفي ضرورة ربط التخطيط للإصلاح الاقتصادي بالإصلاح الإداري، حيث إن ذلك وحده يمكن أن يوفر إدارة عامة، منتجة، شفافة، مبادرة، ذات رؤية تنموية مستقبلية، ومسؤولة وفاعلة ومنفتحة على قوى المجتمع ومتوجهة نحو خدمة المواطن ودعم الاقتصاد الوطني، إذ إن مفهوم تقديم سلع وخدمات النفع العام لم يعد مقتصراً على الدولة، بل هو مجهود تشاركي يساهم فيه بالإضافة إلى الحكومة كل من القطاعين الخاص والأهلي، ويشكل مثل هذا النهج الجديد ترجمة للتحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي.
كما يبرز نص حكومي منذ ثماني سنوات: في الوقت الحاضر تعاني أجهزة الدولة وقطاع الخدمة المدنية من تضخم واضح لا يتناسب مع قاعدة الموارد الاقتصادية المتجددة غير النفطية، وإن النتيجة الحاصلة لمثل هذا التضخم هي تدني مستوى الأجور الحقيقية، وبالتالي ضعف الدافعية في الأداء وفي إنتاجية العاملين، ومن ثم تدني القدرات الإدارية ونوعية الخدمات المقدمة.).
حتى بعد الوصول إلى الخلاصة المذكورة برزت مشكلة من ينفذ ومن يشرف على من في مأساة الإصلاح؟!. وإذ بالاقتصاد الوطني كحال العامل يضيع بين الأرجل..!