قلم حام ..((روسيا: شكراً سورية))..بقلم: ظافر أحمد

قلم حام ..((روسيا: شكراً سورية))..بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ مارس ٢٠١٤

بعد مدة من المحنة السورية ظهرت أول محاولة تركيع لسورية من خلال قرار مجلس الأمن فبرز الفيتو الروسي والصيني ثلاث مرات في وجه العالم المتآمر على سورية..
استحق الفيتو الروسي قراءات متعددة، واليوم يتوضح أنّ روسيا بسبب سورية بدأت تستعيد أمجاد حضور يشبه حضور (الاتحاد السوفييتي) أيام عزّه..
الفيتو الروسي لم يقتصر على ثلاث مرات، ولا يمكن التغافل عن أكثر من فيتو غير معلن يتعلق بمعارضة روسيّة لمشاريع قرارات وصياغات أرادتها الدول المتآمرة في مجلس الأمن كي تحصل من خلالها على تركيع سورية بقرارات سياسية وأممية كبديل عن عجز تلك الدول عن تركيع سورية في الميدان، وكانت روسيا بالمرصاد وبأكثر من فيتو غير معلن..
أمام هذه المعادلة العالمية التي فرضها الملف السوري، كان لا بد للغرب من فتح ملف آخر شديد الخطورة كي يبدو بأنّه ضربة للدور الروسي وكي تتنازل روسيا تجاه سورية، فتفتقت الذهنية الأميركية الأوروبية عن فتح ملف أوكرانيا واللعب والضغط والضرب في الخاصرة الروسية..
أصبح أمام روسيا ملفان حساسان وظن بعض السذج أنّ على روسيا التنازل في ملف والتشدد في ملف آخر، وخال المتآمرون واللاعبون الكبار في رقعة شطرنج الكرة الأرضية أنّ اللعب في الخاصرة الروسية (أوكرانيا) سيجعلها تتهاون في الملف السوري، فماذا كانت النتيجة؟.
طبعاً تشدد روسي كبير جداً في الملف الأوكراني، وتشدد روسي كبير في الملف السوري، ولكن بموضوعية وعلمية وعقلانية يجب ملاحظة أنّ التشدد الروسي في الملف السوري هو خلاصة لتشدد وإبداع سوري وقوة سورية ذاتية في ملف سورية، بل عوامل القوة الذاتية السورية هي التي مكنت روسيا من التفكير في إحداث توازن ينهي القطبية الواحدة للعالم تلك القطبية القائمة على محور أمريكي أوروبي يتلاعب بالعالم..
بينما التشدد الروسي الكبير في الملف الأوكراني هو خلاصة لهشاشة القوة الذاتية الأوكرانية حيث من أول شرارة للأحداث الأوكرانية تخلخل قلب العاصمة الأوكرانية كييف وخرجت بعض الوزارات والمقرات الرسمية عن السيطرة، بينما الأحداث السورية بكامل الزخم العالمي التآمري والمال النفطي العربي والإعلام الذي يقذف بحممه على الشعب السوري لم تتسبب بأي خلخلة لمؤسسات العاصمة دمشق حتى اللحظة ولن يحدث ذلك في المستقبل..
إذ في أخطر أزمة تمر بها سورية تمكنت من إجراء استفتاء على دستور جديد تم اعتماده في قلب الأزمة كصفعة سيادة وطنية بوجه المتآمرين، وفي قلب الأزمة تمّ إجراء انتخابات مجلس الشعب ونجحت كصفعة استقلالية بوجه المتآمرين..، وفي قلب الأزمة سيحدث أهم استحقاق دستوري يتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية..بعد بضعة شهور..
إذاً، الذي حدث أنّ روسيا بذكاء بوتين ومؤسسات روسيا تشددت في الملفين، ولو أنّ عوامل القوة الذاتية السورية غير متوافرة لخضع بوتين حتماً لعملية مساومة مفادها مقولة التآمر الغربي: لك أوكرانيا ولنا سورية!. أي ارفع يدك عن سورية..
في هذه القراءة لمن يحسن التدقيق سيجد أنّ اليد الطولى هي سورية حتى وهي في أزمتها التي أضعفتها داخلياً ولكن حولتها إلى لاعب إقليمي وعالمي يساهم في رسم قطبية الكون..
الحرب الباردة تشتعل، والتوازن العالمي يترسخ، ولم يحدث ذلك إلاّ بسبب الملف السوري، وبدقة أكثر بسبب الصمود السوري..
سورية ضعيفة لن ينفعها فيتو روسي أو صيني، سورية قوية هي من يصنع الفيتو الروسي والصيني، والخلاصة فيتو سوري حقيقي..
أوكرانيا ضعيفة لا ينفعها سوى فيتو روسي سريع، وتحرك روسي سريع، وهاهي النتيجة بعد ثلاثة شهور من الأزمة الأوكرانية تستعيد روسيا منطقتين من مواصفات وواجهات ما كان يسمى (الاتحاد السوفييتي)، وأصبح التنافس الروسي الغربي على ما تبقى من أوكرانيا..، فما حصلت عليه روسيا حتى الآن لا يعني أنّها تركت باقي أوكرانيا لقمة سائغة في فم الغرب، وليست روسيا التي تقول للغرب: أخذت القرم ولكم باقي أوكرانيا!. بل التنافس السياسي مستمر ولن تتقبل روسيا إلاّ بخاصرة مناسبة لها ولا يناسبها خاصرة يلعب فيها الغرب كيفما يشاء..
في يوم ما ستبرز صرخة روسيّة بعد تعزيز مكانتها أكثر وأكثر مفادها: (شكراً سورية)، تماماً كهتافات وشعارات برزت في صفوف الشعب السوري التي تركزت على: (شكراً روسيا).