مؤشرات ودلائل نتائج الانتخابات التركية بقلم الدكتور عوني الحمصي

مؤشرات ودلائل نتائج الانتخابات التركية بقلم الدكتور عوني الحمصي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣ أبريل ٢٠١٩

   بعد عملية فرز الأصوات وإعلان رئيس اللجنة العليا للانتخابات البلدية في تركيا سعدي غوفن نتائج أولية للانتخابات المحلية، التي تنافس فيها/ 13 / حزب سياسي من بين 96 حزب، وفق المادة /36/ من قانون الأحزاب التي تلزم الأحزاب الراغبة بالمشاركة في الانتخابات

  • أن يكون الحزب قد أتم تشكيل فروعه في نصف المدن قبل ستة أشهر من يوم الاقتراع وعقد المؤتمره العام
  •  أو أن يكون للحزب كتلة برلمانية لا تقل عن 20 نائباً.

وتتوزع خارطة المجالس البلدية في تركيا على ( 81) ولاية أو محافظة متضمنة/1397/ بلدية، منها 30 بلدية كبرى و (51) صغرى، وتقســم الولايات إلــى / 519/ بلدية قضاء “مديريات” في البلديات الكبرى،و/400/ بلدية في الصغرى، و (397) بلدية في البلدات “قرى”، وينتخب الناخبون رؤساء  (1397) بلدية، و (1251) عضو مجلس ولاية، و20 ألفاً و500 عضو مجلس بلدية، ورغم الكم الهائل من التوزيع الجغرافي للمجالس تبقى هناك خصوصية ومفتاح مهم لإثبات الذات والاستمرارية في الوجود السياسي على المستوى الكلي والبعيد  لأي حزب يدخل الانتخابات تبقى العين نحو بلديتي العاصمة السياسية “أنقرة” والعاصمة التجارية والتاريخية إسطنبول على قاعدة من يمتلك القلب يملك الأطراف.

وبموجبه تكون حدة المنافسة بين الأحزاب التركية كبيرة من أجل الفوز بالانتخابات البلدية وخاصة في ظل تحولات ومتغيرات عدة شهدتها تركيا، على صعيد النظام السياسي، والأداء الاقتصادي والسياسي، حيث تراهن الأحزاب على نتائج الانتخابات، وتأثيرها على تغيير المعادلة السياسية،خاصة بعد مرور سبعة عشر عاماً على سيطرة الحزب الحاكم المتمثل بحزب العدالة والتنمية الذي بدأ حقيقية يفقد كل أوراقه الداخلية والخارجية ولا نبالغ إذا قلنا إن العوامل التي كانت في لحظة من اللحظات في صعوده للحياة السياسية هي ذاتها التي تفقده المكانة والدور في الحياة السياسية التركية، مع الآخذ بعين الاعتبار بأنها خصوصية المرحلة كون هذه الانتخابات هي الأولى في ظل النظام الرئاسي بدلاً عن النظام البرلماني المعمول به لعقود بعد تعديله في 2018، الأخيرة في مئوية تأسيس الجمهورية التركية التي يصادف ذكراها في عام 2023، ومن أهم المؤشرات والدلالات الهامة التي تكون بداية الدخول في النفق السياسي والاقتصادي التركي وعلى المستويين الداخلي والخارجي للمرحلة المستقبلية. خاصة إن هذه الانتخابات لم تكن مجرد ممارسة الديمقراطية بقدر ما هي إلا استفتاء شعبي على نهج سياسي للمرحلة السابقة لحزب العدالة والتنمية ورفض لحالة الانهيار لبنية الاقتصاد المالي والنقدي لتركيا ناهيك عن فقدانها الدور الإقليمي والدولي في السياسة الخارجية والابتعاد عن عمقها العلماني وتعميق حالة العزلة السياسية بعدما كانت ترفع شعار صفر مشاكل لتجد نفسها صفر جيران مع محيط الجوار الجغرافي بسبب السياسات الاخوانية لاوردوغان الداعمة للإسلام السياسي في المنطقة وأوروبا بشكل خاص، ودعمه الفاضح للمجموعات الإرهابية والاستثمار والتهديد بها في المنطقة، ، ومن هنا تعني ارهاصات النتائج مطلب شعبي الذي يريد أن يدخل في المئوية الثانية للجمهورية التركية للتأكيد على مبادئ أتاتورك وعليه مسؤولية كبيرة في إنهاء مرحلة إخوانية وتاريخ أسود من تاريخ تركيا الحديثة التي لم تجن منها غير انقلاب الصورة التي بنيت عليها جمهورية أتاتورك، وربما  تحتاج إلى عقود لتحسينها أمام العالم الخارجي ولن تبدأ إلا من خلال إعادة بناء الصورة من جديد إغلاق بوابة صعود اردوغان إلى المشهد السياسي في تركيا لتفتح بوابات الخروج له من المشهد السياسي كلياً بفقدانه أكثر من 21 ولاية، وعلى رأسها البلديات الكبرى وتحدياً اسطنبول وأنقرة اللتان تشكلان الذاكرة السياسية له من جهة وهما بمثابة تركيا مصغرة من جهة أخرى، بالرغم من محاولاته الاستثمار بالقضايا الداخلية والخارجية وتوظيفها في الانتخابات والتي لم تجدي نفعاً فكانت عكس ما يشتهي وأول مسمار في نهاية نعشه السياسي بعد حصول مرشح الحزب المعارض حزب الشعب الجمهوري لسياسات اردوغان الداخلية والخارجية خلال المرحلة الماضية بفارق كبير بحصول ممثله أكرم إمام أوغلو( 4159650) مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم رئيس وزراء تركيا 4131761صوت.

مما تقدم تركيا أمام مشهد وتحول كبير من خلال واعتقد هو ايجابي للجم المد الاخواني الاردوغاني:

  1. زيادة حدة الانقسامات الداخلية لحزب العدالة والتنمية والدليل إن عبدالله غول يستعد لتأسيس حزب جديد يدخل فيه منافساً لادوغان في الانتخابات الرئاسية مستقبلاً.
  2. إعادة تموضع جديدة للأحزاب من خلال التحالفات بين القوى السياسية المعارضة بعد الاستفادة من كافة الأخطاء التي مرت بها في مواجهة سياسات اردوغان وعلى كافة المستويات الداخلية والسياسية والاقتصادية والأمنية والخارجية مع العالم والمحيط الجغرافي.
  3. الرفض الشعبي والحزبي في تركيا الاستباقي المطلق بالانتقال بتركيا من نظام رئاسي إلى نظام الحزب الحاكم المتمثل بالدكتاتور الواحد والمستبد والذي ينوي اردوغان الذهاب إلى إعلان العهد وزمن الإمبراطورية العثمانية الجديدة مع نهاية المئوية الأولى لقيام الجمهورية التركية الحديثة، خاصة لدى الجميع التخوف المراوغة والقدرة على استثمار اردوغان لمجمل نتائج المشهد السياسي الجديد لخدمة طموحاته البالية على اعتبار لديهم تجربة في الانقلاب الوهمي الفاشل الذي قام به في2016 من كتابة السيناريو والإخراج وأداء الدور من أجل تصفية الخصوم والأصدقاء في آن واحد.