الجولان عربية سورية رغم قرار ترامب!.. بقلم: أشرف محمود

الجولان عربية سورية رغم قرار ترامب!.. بقلم: أشرف محمود

تحليل وآراء

الاثنين، ١ أبريل ٢٠١٩

شرفت ذات يوم بزيارة مدينة القنيطرة السورية التي عادت الي حضن الدولة السورية في عام 74 بعد فض الاشتباك الذي تم بين القوات بعد حرب 73 المجيدة التي تمثل فخر العرب في العصر الحديث والتي شهدت اروع البطولات علي الجبهتين المصرية والسورية وشاركت فيها قوات رمزية من غالبية الدول العربية، وفي القنيطرة التي لايدخلها احد الا بتصريح خاص تمكنت الزميلة مها بدر يرحمها الله, اول مرأة تترأس تحرير جريدة رياضية في الوطن العربي، من إحضاره وكنا انا والزميلة دينا ريان نائب رئيس تحرير الأهرام العربي، والإعلامي السوري فايز وهبي، وشردت بناظري تجاه الجبل المواجه للمكان الذي وقفنا فيه وعلمت انه جبل الجولان المحتل، وتجولت اعيننا في المكان لنري موقع مستشفي الجولان الذي طالته آلة الحرب فدمرته، لكن المبني المدمر يقف شامخا في مكانه رغم مرور اربعة عقود ليؤكد للعالم ان سوريا لن تنسي ارضها، وعلمنا من مرافقينا ان الدولة السورية لم تقم بأي ترميم او اعادة اعمار للقنيطرة لأنها تعرف ان المعركة لم تنته. ورغم مرور سنوات علي تلك الزيارة الا ان مشاهداتها تقفز الي ذهني كلما ذكر اسم الجولان في نشرة اخبارية او مطبوعا في جريدة، وهاهو يعود من جديد بعدما أعلن قرار اتخذه الرئيس الأمريكي ترامب يعترف فيه بسيادة اسرائيل علي الجولان، متجاهلا القانون الدولي والاتفاقيات والقرارات الاممية التي صدرت تباعا عبر العقود الأربعة الماضية، ضاربا عرض الحائط بالمشاعر العربية، وبرر فعلته كما ذكر متحدثوه الاعلاميون في البيت الابيض ووزارة الخارجية بأن قراره ردا علي ماتقوم به سوريا وإيران، وان وجودهما لايبعث الاطمئنان لإسرائيل، لكن المتابع للشأن الأمريكي يدرك يقينا ان ترامب بدأ العمل من أجل الانتخابات المقبلة، لأنه لم يفعل شيئا يضمن له الاستمرار، فقرر استمالة اللوبي اليهودي في امركيا وهو له نفوذ كبير ويؤثر علي القرار الأمريكي. وبالتالي اتخذ ترامب قرارين لم يجرؤ علي اتخاذهما أي رئيس سبقه الي البيت الأبيض منذ السبعينيات، اولهما نقل السفارة الامريكية الي القدس والاخر الاعتراف بسيادة اسرائيل علي الجولان، لينسف بذلك قرارات مجلس الامن وبالتحديد رقم 497 الصادر في 17 ديسمبر 81، والذي رفض فيه المجلس الاعتراف بسيادة اسرائيل علي الجولان وقتها بعد اصدار حكومتها قانون الجولان، واعتبارها ارضا محتلة وزاد المجلس في بيانه الرافض للقرار أن الاستيلاء علي الاراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ونجح الضغط العربي والرفض الدولي واضراب اهالي الجولان المحتل في بقاء الوضع علي حاله، ومرت السنوات وظهرت في الأفق مبادرة السلام العربية التي تسعي الي حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية والجولان، لكن منذ قمة بيروت في مارس 2002 ، لم يحدث اي تغيير علي أرض الواقع، إذ تعثرت المفاوضات كثيرا وفرض التجميد نفسه علي الوضع في المنطقة، حتي كان قرار ترامب الأسبوع الماضي الذي يريد أن يغير به خارطة المنطقة لمصلحة ربيبته اسرائيل، رغم ان هذا القرار يرفضه شرفاء امريكا وكل العالم، اذ كانت المانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وبولندا في مقدمة الرافضين وسبقتهم مصر وجميع الدول العربية، وربما كان ما اقدم عليه باتريك ليتل المرشح الجمهوري في كاليفورنيا من اعلان اعتراضه علي ماتقوم به بلاده لمصلحة اسرائيل، وتسبب في طرده من مقر الحزب ليسجل فيديو يبثه للعالم كله يؤكد فيه أنه لن ينحني لعلم اسرائيل ولن يخدم الا بلده، وأن اعضاء الحزب الجمهوري, حزب الرئيس ترامب, ليسوا الا عملاء لاسرائيل، وفي هذا شهادة من داخل البيت الجمهوري والامريكي تكشف كيف تدار الامور وكيف تتخذ القرارات في البيت الابيض، لذا كان طبيعيا أن تبادر سوريا بطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول هذا الأمر الذي لايمكن السكوت عليه، لأنه يهدد السلم العالمي ويؤجج الصراع في المنطقة والذي سيمتد شرره الي العالم كله في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب التي طالت اوروبا وامريكا نفسها. ورغم ان قرار ترامب لايساوي الحبر الذي كتب به، لأن الجولان محتلة وقراره لايغير الوضع القائم، وهو امر لايعدو أكثر من (شو ) يلفت به الأنظار ويخدع به الناخب الامريكي، فإن جامعة الدول العربية عليها ان تصعد الامر مع مجلس الامن وتساند الموقف السوري، فالجولان أرض عربية منذ آلاف السنين قبل ان يبتلي العالم العربي بالكيان السرطاني الذي زرعته قوي الاحتلال في اربعينيات القرن الماضي، وكانت تابعة لمحافظة القنيطرة واحتلت في عام 67، واعتبرتها ولاتزال الأمم المتحدة أرضا محتلة، ولايخفي علي أحد أهميتها الإستراتيجية، ويكفي أنها مصدر مياه بحيرة طبريا، وستبقي رغم قرار ترامب وأطماع اسرائيل عربية سورية.