الجولان سوري.. بقلم: د. خلود أديب

الجولان سوري.. بقلم: د. خلود أديب

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ مارس ٢٠١٩

احتلت إسرائيل الجولان في حرب عام 1967. وصوت الكنيست الاسرائيلي في 14 كانون الأول 1981 لـ "ضم" الجزء المحتل من الجولان الواقع غربي خط الهدنة 1974 إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب ومناف للقرارات الدولية فيما يسمى بـ"قانون الجولان" : "فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان". وبرغم عدم استخدام كلمة "ضم" في نص القرار، فقد فسرته السلطات الإسرائيلية التنفيذية كأنه أمر بضم الجولان إلى إسرائيل وبدأت تتعامل مع المنطقة كأنها جزء من محافظة الشمال الإسرائيلية. ولم يعترف المجتمع الدولي بالقرار ورفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره رقم 497 من 17 ديسمبر 1981، واعتبره ملغيًا وباطلًا ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي؛ وطالبها باعتبارها قوة محتلة، أن تلغي قرارها فوراً. ومع ذلك لم يفرض مجلس الأمن العقوبات على إسرائيل بسبب قرار "ضم الجولان". وتشير وثائق الأمم المتحدة إلى منطقة الجولان باسم "الجولان السوري المحتل" وقد كانت حينها ميكرونيزيا هي الدولة الوحيدة التي قبلت قرار الضم، إذ بقيت إسرائيل "كقوة محتلة محاربة" في نظر المجتمع الدولي الذي دعا إلى امتثال إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242، الذي طالب بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة مقابل أمن إسرائيل. أكد القرار 242 على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب ودعا إلى انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967. وعليه فقد أتى قرار مجلس الأمن واضحا لا لبس فيه: جميع الأراضي التي تحتلها إسرائيل احتلتها بالحرب. لذلك، يحظر على إسرائيل قانوناً الحصول على أي أرض تحتلها بالحرب، وضمها بالطبع. وعليه، يجب أن تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة.
منذ ذلك الحين، انهارت عدة محاولات للتفاوض حول السلام السوري الإسرائيلي بسبب الخلاف على  قضية الجولان. توصل الجانبان تقريبا إلى اتفاق في عام 2000، إلا أن المحادثات انهارت حين رفضت سورية المطلب الإسرائيلي بالاحتفاظ بالشاطئ الشرقي لبحر الجليل، الواقع عند سفح مرتفعات الجولان.
يشكل الجولان المحتل قضية حرجة في الصراع العربي الإسرائيلي بالنظر إلى موقعه الجغرافي حيث تتمتع هضبة الجولان بأهمية استراتيجية استثنائية بالنسبة لمن يسيطر عليها، إذ تسمح جغرافيته الفريدة وقممه المرتفعة بالإشراف على العاصمة دمشق شرقاً، وعلى سائر المدن وسط وغرب إسرائيل. كما تطل على مناطق في الأردن ولبنان، ومن يسيطر عسكرياً على الهضبة يمكنه أن يطال أي مكان حتى بأبسط الأسلحة التقليدية. في الحقيقة يقع الجولان السوري في قلب التوازن الاستراتيجي في شرق البحر المتوسط. وباحتلال إسرائيل له عام 1967 أصبح جيشها يكشف كل الأماكن التي تطل عليها الهضبة، بما فيها دمشق التي تبعد عنها 60 كيلومتراً فقط. وقد أقامت إسرائيل محطات إنذار عسكرية في المواقع الأكثر ارتفاعاً في شمالي الهضبة لمراقبة تحركات الجيش السوري. علاوة على ذلك، انتشرت المستوطنات الإسرائيلية بنشاط ضمن الجولان المحتل حيث استولى المستوطنون على الأراضي التي كان يزرعها السوريون حتى عام 1967.
وبالإضافة إلى أهميتها العسكرية، فإن للجولان بُعدًا هيدرولوجيًا، لأنه يحتوي على منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا. وتشكل موارد المياه في الجولان ثلث مياه إسرائيل. ووفقًا لخط 4 حزيران (يونيو) 1967، ستستعيد سوريا سيطرتها على ربع البحيرة الجنوبي الشرقي تقريبًا.
يقدر عدد سكان الجولان في الجزء الواقع غربي خط الهدنة 1974 بـ40 ألف نسمة، منهم أكثر من عشرين ألف عربي سوري وفيها حوالي 17،5 ألف مستوطن إسرائيلي يهودي. اليهود هم مواطنون إسرائيليون استوطنوا في الهضبة بعد 1967. ومن التجمعات السكانية السورية نذكر بلدات وقرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا وعين قنية.  
يشكل الدروز أغلبية من بقي في الجزء من الجولان الخاضع للسلطة الإسرائيلية؛ رفض معظمهم حمل الهوية الإسرائيلية وأعلنوا إضراباً عاماً بعد قرار ضم الجولان في 1981. كما صدر تحريم من مشايخ الدروز يحرم الجنسية الإسرائيلية. اليوم تحمل الأغلبية الساحقة منهم مكانة "مقيم دائم" في إسرائيل، حيث يتمكنون من ممارسة أغلبية الحقوق الممنوحة للمواطنين الإسرائيليين ما عدا التصويت للكنيست وحمل جوازات سفر إسرائيلية.  
 وما زال أغلبية أهل الجولان الدروز يرفضون الجنسية الإسرائيلية والبعض منهم يأتي إلى سوريا للتعلم في جامعاتها. ومنهم من يخرج إلى الأردن للقاء أقاربه السوريين. ويقيم أهله كل عام بعيد الاستقلال وذكرى الإضراب احتفالًا يقابل بآخر مثيل في الجهة المقابلة من الجانب السوري تستعمل فيه مكبرات الصوت للتخاطب بين سكانه السوريين الذين فصل خط الهدنة بينهم.
في محاولة لشرعنة قرار "الضم" وقع الرئيس الامريكي دونالد ترامب في 25 آذار 2019، قرارًا رئاسيًا أمريكيًا بموجبه تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بأن الجولان جزءًا من إسرائيل، وهو ما رفض من قبل الدول العربية كافة، وعد نسفًا لقرارات الامم المتحدة التي تؤكد على أن الجولان أرض عربية سورية احتلت في حرب 1967. إثر ذلك أعلن المتحدث الرسمي باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن الوضع القانوني للجولان “لم يتغير” بصفتها أرض واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب .
حقاً إن "الحق الذي يغتصب يحرر"