تزاحم عودة السفارات إلى دمشق.. بقلم: ميسون يوسف

تزاحم عودة السفارات إلى دمشق.. بقلم: ميسون يوسف

تحليل وآراء

الخميس، ٣ يناير ٢٠١٩

في ضوء التحولات المتسارعة يطرح البعض السؤال: هل تعود سورية إلى الجامعة العربية ومتى؟ ولكن سورية الحريصة على العمل العربي المشترك والتي تتصرف بقناعته منها أنها قلب العروبة النابض، والتي هي رغم حرصها على مؤسسات تؤطر العمل العربي المشترك فإن سورية هذه لا تتوقف كثيراً عند القرار الأحمق الذي اتخذ ودبر في ليل عربي حالك وقضى بتجميد عضويتها في الجامعة، فسورية كانت وما زالت حريصة على المصلحة العربية القومية وعلى قضايا العرب وفي طليعتها قضية فلسطين، التي فرطت بها وأرادت تصفيتها الأطراف أنفسهم الذين جمدوا إشغال سورية مقعدها في الجامعة.
أما السؤال الصحيح الذي يجب أن يطرح فهو متى يعود العرب إلى سورية وكيف ستتلقى سورية عودتهم؟ وخاصة أن كثيراً منهم تلطخت أيدهم بدماء السوريين بعد أن شاركوا وبكل وحشية في الجرائم التي ارتكبت بحق سورية؟
لقد استبق الرئيس بشار الأسد الجواب عن هذه الأسئلة، وأعلن أن سورية تأخذ من الماضي العبر وتتجاوزه وتنظر إلى المستقبل لتبني فيه، وفي ظل هذا الموقف المبدأ، سيجد العرب الذين يصحون من غيهم وعدوانيتهم سورية تفتح لهم أبواب العودة، لكن ليس لأحد منهم أن يشترط على سورية أو يحدد لها عناصر سياستها وعلاقاتها الخارجية، فعلى العائدين المتزاحمين على أبواب دمشق أن يعلموا أنهم يعودون إلى سورية المنتصرة، سورية التي صمدت ودافعت عن نفسها 8 سنوات ضد أشرس حرب كونية شاركوا هم فيها ضدها، وسورية لن تتخلى عن أخ أو صديق أو حليف وقف معها في أيام الشدة من أجل أن تستقبل من أجرم بحقها وأثخن في شعبها الجراح.
إن انتصار سورية هو الذي جعل العرب يعودون إلى دمشق، عودة يعرف أصحابها أن سورية في غيابهم احتفظت بموقعها الدولي وعززت دورها الإستراتيجي في الإقليم وهي إذ تفتح أبوابها لهم فإنهم يدخلون إلى عرين من انتصر ويكون من مصلحة العائدين ألا يضيعوا وقتاً إضافياً باستمرار إغلاق سفاراتهم في دمشق، أما الجامعة العربية فإن مصلحتها وعنوان أهميتها تكمن في وجود سورية المنتصرة تشغل مقعدها فيها بكل جدارة واقتدار.
أما دول الغرب التي قاطعت سورية فإنها لن تجد مناصاً من العودة إلي دمشق التي لم يهزها إغلاق سفارة ولم يرهبها تهديد، ومصالح الآخرين تكمن على حد قول دبلوماسييهم بإعادة فتح سفاراتهم فيها والتصرف على أساس أن الحرب باتت في أيامها الأخيرة، وسورية انتصرت وأن العمل مع المنتصر أفضل من مقاطعته فهل يشهد الفصل الأول من العام الجديد هذا عودة الحال إلى ما كان عليه على صعيد السفارات الأجنبية؟ هذا ما يتوقع، إنها عودة ستكون من غير شروط طبعاً لأن المنتصر هو من يفرض شروطه وليس العكس على حد قول سفير بريطانيا السابق في دمشق بيتر فورد.