العدوان على دمشق.. قراءة استراتيجية.. بقلم: خليل موسى

العدوان على دمشق.. قراءة استراتيجية.. بقلم: خليل موسى

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٨

تجدُّد العدوانِ على سورية، يفتح الباب مجدداً لإعادة حسابات تتعلق بمحاولات لإقحام المنطقة بمواجهة قد ترتقي إلى مستوى حرب، وهذه الحرب قد تعود بعاقبة لا تسر الاحتلال الصهيوني.
العدوان الصهيوني ليلة أمس على نقاط في محيط العاصمة، لم يحقق أياً من أهدافه، بالرغم من ارتفاع حدّته عن سابقاته من محاولات. فالدفاعات الجوية السورية وحسب المعلومات الواردة من مصادر رسمية أسقطت غالبية الصواريخ الاسرائيلية التي انطلقت من الأجواء اللبنانية بواسطة خمسة طائرات قامت بمهمتين أساسيتين، الأولى غارة وهمية فوق الجنوب، والبالونات الحرارية، والثانية استهداف الأراضي السورية بحوالي 20 صاروخ.
النتائج في دمشق على العكس تماماً مما اراده قادة الكيان، وهذا ظهر جلياً في وسائل الإعلام العبرية، فهي لم تكن مرضية أبداً لا للقيادة الصهيونية، ولا للرأي العام الصهيوني نتيجة الفشل الذي تلقياه.
وأُثبتت القدرة الردعية السورية وفقط بالأسلحة التقليدية، ما ظهر واضحاً في شوارع العاصمة السورية من خلال ما أبداه المواطن السوري من رضى بعد مراقبته صواريخ العدو وهي تُدمر في سماء مدينته نتيجة التصدي السوري الحازم.
الأمر واضح كما يشير الخبراء العسكريون حيث التقى موقع قناة المنار بالخبير العسكري العميد سعيد أحمد ليؤكد أن أهم الأهداف من العدوان هو جس النبض ومحاولة لكشف الأسلحة الحديثة التي يملكها الجيش السوري لاسيما منظومة الـ S300، هذا من ناحية، ومن ناحية ذات صلة تأتي نوايا العدو الصهيوني بتشتيت قدرات الجيش السوري من خلال استهداف نقاط موزعة في عدة أنحاء، ومحاولة التأثير على وسائط الدفاع الجوي السورية حتى التقليدية منها التي استخدمها في ردع العدوان، وهي ال S200 والباسر والبوك، وهي وسائط تقليدية سورية، واضعا احتمال ان يكون الكيان قد استخدم صواريخ أكثر فعالية من سابقتها.
ولكن كل هذه الاهداف فشلت بكاملها، وبالتالي أكد الخبير العسكري السوري أن القلق الوجودي الصهيوني يزيد من مؤشرات انكفاء العدو الصهيوني كقوة إقليمية في المنطقة، خاصة مع اتساع محور المقاومة من طهران إلى دمشق وبيروت وصولا إلى فلسطين المحتلة.
من ناحيته يرى رئيس الدائرة السياسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور ماهر الطاهر ان العدوان الصهيوني ياتي كرد على صمود سورية وتحقيقها لانتصار استراتيجي كبير بإحباط المخطط الذي تعرضت له وكان يهدف للسيطرة على المنطقة بشكل عام، وهذا الانتصار له نتائج ذات طابع استراتيجي في المرحلة القادمة، وهذا ما يجعل الصهيوني يشعر بقلق شديد يدفعه لمحاولة إظهار أن سورية ما زالت ضمن الازمة، وان له اليد الطولى في المنطقة، هذا العامل الأول، لافتا الى ان العامل الثاني هو ان نتنياهو يعيش مأزقا كبيرا نتيجة تهم الفساد وغيرها، هو وزوجته، إضافة لما يعانيه المجتمع الصهيوني من تناقضات، خاصة بعد استقالة ليبرمان، وهذا ما دفعهم لاتخاذ قرار بانتخابات مبكرة، هذان العاملان جعلا نتنياهو يذهب نحو دفع أزماته الداخلية نحو الخارج لتوجيه أنظار المجتمع الصهيوني عما يجول في الداخل، وتكرس ذلك باتخاذ خطوات نحو عملية ما يسمى درع الشمال، وما يتعلق بقضية أنفاق قال إنها لحزب الله، إضافة لعدوان أمس على سورية.
أما العامل الثالث حسب قراءة ومتابعة ضيف الموقع الدكتور ماهر الطاهر يتمثل بقرار الانسحاب الاميركي من شرق الفرات، الامر الذي دفع بنتنياهو الى توجيه رسالة عبر عدوانه مفادها “نحن هنا، ونستطيع أن تصرف في الساحة السورية كما نشاء”.
بالمحصلة وبعد كل ما تم تداوله تبقى سماء دمشق هي الشاهد الأبرز على ما يجري من واقع يؤكد قدرة سورية على الردع والتصدي بقوة وحزم ، ما يؤكد تقييداً لكل ما يقوم به الكيان من محاولات عدوانية إلى حد كبير.
المصدر: موقع المنار