واشنطن ودجاجة “داعش” التي تبيض ذهباً.. بقلم: محمد محمود مرتضى

واشنطن ودجاجة “داعش” التي تبيض ذهباً.. بقلم: محمد محمود مرتضى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١١ ديسمبر ٢٠١٨

ذكر تقرير أمريكي تحدثت عنه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن تنظيم “داعش” الإرهابي ورغم أنه لم يعد يسيطر على مناطق بالكامل في سوريا والعراق، فإنه لم يُهزم بعد. ووفق التقرير الأمريكي، لايزال هناك 14 ألف مقاتل من “داعش” في سوريا، وأكثر من 17 ألف في العراق.
ويذكر التقرير الذي حمل عنوان “بعد الخلافة.. ما هو القادم لداعش؟”، فإن هناك ما بين 3000 و4000 مسلح من “داعش” في ليبيا، وحوالي 4000 في أفغانستان، كما أن التنظيم يحتفظ بوجودٌ قوي له في جنوب شرق آسيا، وغرب أفريقيا، واليمن، والصومال.
ويرى التقرير أن العديد من مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا، قاموا بتغيير تكتيكات عملهم، حيث قاموا بتفجيرات واغتيالات وعمليات اختطاف أثناء محاولتهم إعادة بناء شبكاتهم، فيما يستمر الصراع في البلاد البعيدة اذ يقوم الأفراد باستيحاء أفكارهم من أيديولوجية التنظيم في شن هجمات في أوروبا وأماكن أخرى.
وتشير التقديرات إلى أن ما بين 1500 و2000 من المسلحين، يتحصنون داخل المنطقة المحيطة ببلدة هجين السورية، في وادي نهر الفرات الأوسط، فيما تحاول “قسد”، المدعومة أميركياً، تضييق الخناق على الجيب الأخير من الأراضي شرق سوريا الذي يسيطر عليه “داعش”.
ويزعم التقرير أن أسباب قوة التنظيم في سوريا والعراق، هو انضمام “داعش” إلى الحراك المسلح في سوريا، وفي الوقت نفسه، استفاد من انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وفي عام 2014، اجتاح التنظيم مساحات شاسعة من شمال وغرب العراق وأعلن إنشاء ما تسمى بـ”دولة الخلافة”.
وأمام هذا التقرير لا بد من تسجيل الملاحظات التالية:
1- إن طرد “داعش” من العراق تم بفضل جهود وتضحيات الجيش العراقي والحشد الشعبي فيما كان التحالف الاميركي يخوض حروبا وهمية ضده ويرمي المساعدات التي كانت تسقط “بالخطأ” في مناطق “داعش” لا سيما تلك المحاصرة. اضافة الى أن التاريخ سجل عدة أحداث كانت فيها الطائرات الأميركية تغير على مواقف للحشد الشعبي والجيش العراقي يعقبها هجوم لـ”داعش” على هذه المحاور.
2- إن طرد “داعش” من سوريا تم بمعظمه من قبل الجيش السوري وحلفائه، فيما سجلت غارات أميركية على الجيش السوري سقط فيها عشرات الشهداء أعقبها هجوم لـ”داعش”، ولعل أبرزها الغارة على جبل الثردة في دير الزور.
3- إن المناطق التي طُرد منها “داعش” في سوريا احتلتها قوى كردية مدعومة أميركيا وقد جاءت في اطار محاولة تقسيم سوريا وفرض نفوذ من جهة، وسباق مع الجيش السوري لعدم نقل عملياته الى شرق الفرات من جهة ثانية.
4- إن المناطق التي لا يزال يسيطر عليها “داعش” في سوريا هي بأغلبها خاضعة للهيمنة الأميركية لا سيما المناطق المحيطة بمخيم الركبان وقاعدة التنف الأميركية حيث يفرض الجيش الاميركي منطقة عازلة يمنع أحدا من الاقتراب اليها وباتت تمثل منطقة آمنة لـ”داعش”.
5- سعى التقرير للقول ان انتشار “داعش” في العراق سببه الانسحاب الاميركي، فيما يبدو أنه يبرر أسباب المطالبة ببقاء هذه القوات في العراق، فيما الصحيح ان انتشار داعش جاء بدعم اميركي للعودة الى المنطقة.
6- إن القول أن سبب انتشار “داعش” هو الانسحاب الاميركي عام 2001 يمثل تهديدا مبطناً بإعادة التنظيم في حال أصر العراقيون على انسحاب القوات الأميركية من أراضيهم.
7- إن نشاط “داعش” في العراق وسوريا يخضع لحماية أميركية ويمكن ملاحظة ذلك من خلال أماكن نشاطهم القريبة من التواجد الاميركي.
8- وما يؤكد النقطة السابقة أن قاعدة التنف الاميركية في سوريا كانت محاطة بمناطق تسيطر عليها “داعش”، ومع ذلك فإن “القاعدة” لم تتعرض لأي هجمات أو اطلاق نار من قبل التنظيم.
9- إن التهويل الأميركي بين الحين والآخر حول بقاء خطر “داعش” يراد منه تبرير بقاء القوات الأميركية في المنطقة التي ربطته في معظم التصريحات ببقاء خطر التنظيم.
ومهما يكن من أمر، فمن يلاحظ نشاط “داعش” منذ ظهوره سيجد أن الادارة الأميركية كانت، ولا زالت، أكثر المستفيدين من نشاطه، سواء في سوريا والعراق وليبيا والصين وروسيا وافغاستان ومؤخراً في ايران، مما يؤكد أن “داعش” يمثل لواشنطن الدجاجة التي تبيض ذهباً.