التأمين بين النظرية والواقع.. بقلم: سامر يحيى

التأمين بين النظرية والواقع.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ١٩ نوفمبر ٢٠١٨

    أحد أصدقائي لا يأبه لأي حادثٍ يصيب سيارته، متكئاً على شركة التأمين، وآخر يقوم بإجراء عملٍ جراحي عادي في أعلى المشافي أجراً باعتبار التأمين هو المسؤول عن الدفع، أطباء ومشافٍ يعتبرون حامل بطاقة التأمين مواطن درجة ثانية، والبعض يعتبر الاستفادة من بطاقة التأمين يحتاج لعناءٍ ومعاناة بيروقراطية. 
التأمين "هو وسيلة لمواجهة المخاطر أو التخفيف من وطأتها وتحقيق التعاون والتضافر بين أبناء المجتمع، كلّ ضمن مجاله، عبر التعاون والتكافل بين الأشخاص ومؤسسة متخصصة بمجال معيّن، سواء حادث أو خسارةٍ أو كارثة طبيعية أو حالةٍ صحية لإنقاذ هذه الروح الإنسانية والتخفيف من ألمها ومشاطرتها في تحمّلها المسؤولية"، ولكن يا ترى هل نستفيد بشكلٍ جديّ من التأمين؟ وهل ما يتم التعامل معه من شركات التأمين شيئاً إيجابياً؟ وهل تقوم بالدور المنوط بها؟ لا سيما التأمين الصحي الذي كانت نتائجه على أرض الواقع إيجابية للقليل، والتساؤل المطروح يا ترى هل تخلّت المؤسسات الوطنية عن الدور المنوط بها لكي تسلّم مسؤولياتها لجهات أخرى، متخليّة عن واجبها الوطني في متابعة الوضع الصحي والاجتماعي والتعليمي إلى ما هنالك من مسؤولية مجتمعية قبل أن تكون فردية!!؟ وهل هذه أبوابٌ لأجل فرض ضرائب جديدة ولكن تحت مسمّى تأميني يستفيد منها شخصياتٌ بحدّ ذاتها وليس كل من يحتاجها بعيداً عن المصلحة الوطنية؟!! 
القطاع الخاص عنصرٌ مساعدٌ لدور القطّاع العام في النهوض بالبلد، ويجب دعمه ومساعدته، ليتحمّل المسؤولية الصناعية والتجارية والإنتاجية، بينما المسؤوليات الأمنية والخدمية والصحية والتعليمية فهي مسؤولية المؤسسات الوطنية، وتأمين حياةٌ كريمة للمواطن، بعيداً عن تسديد ضرائب لمؤسسات خاصة لتعويض جزء من المواطنين.. فتحقيق الأمن الصحي، والحق في الحصول على العلم والسكن والتعويض عن أضرار الظواهر الطبيعية وحتى الصناعية، المفترض أن تكون مسؤولية المؤسسات الحكومية، التي تقع عليها مسؤولية تنظيمها وترتيبها ووضع القواعد والنظم الخاصّة بها، بالتعاون والتضافر مع القطّاع الخاص كلٌ ضمن تخصّصه، أما تقديم الدعم للقطاع الصحي، سواءً عبر الطابع الصحي أو الصندوق الصحي أو ما شابه، فيجب أن يصب لتطوير المشافي في القطّاع العام، ويمكن من خلاله دعم معامل الدواء والقطاع الخاص لاستكمال عملية النهوض بهذا القطّاع، وكذلك النهوض بالقطّاع التعليمي والبحث العلمي ودعم المدرّسين، إضافة للقطّاع السكني ودعمه وتشييد البناء المتكامل الأركان، فكلّما كان المجتمع قادراً على تأمين وضعٍ صحيٍ سليم، وعملية تثقيفية تعليمية حقيقية، تشمل كل من يحمل بطاقة شخصية عليها الرقم الوطني أو دفتر عائلةٍ تثبت أنّه مواطنٌ عربي سوري، دون استثناء، أما المقيم فيحق له الدخول إلى كل تلك المراكز مقابل دفع الأجر المحدّد، أو مراجعة القطّاع الخاص، ونتيجة هذه الإجراءات نستطيع زيادة مرتّبات السادة العاملين في القطّاعين التربوي والصحي بشكلٍ إيجابي وبنّاءٍ ومرضٍ للجميع دون استثناء، وبالتالي ترى الأطباء والمدرّسون يلتزمون بالعمل بالقطّاع الحكومي، للقيام بواجبهم على أكمل وجه، لاستكمال مسيرة التطوير والتحديث في مرحلة إعادة البناء والإعمار.. 
إن العملية التأمينية الحقيقية تستند إلى أسلوبٍ جديٍ في التعامل، وتحويل شركات التأمين بكافّة أنواعها، لشركات مصرفية عقارية إنتاجية هدفها الأساس تمويل بناء المساكن والمشافي والمدارس بالطرق الحديثة بالتوافق والاتفاق والتعاون مع كافّة المؤسسات ورجال الأعمال والمغتربين السوريين القادرين على إعادة بناء وطنهم دون إغفال جهة، بدءاً من البنية التحتية وصولاً إلى البيئة السليمة والتنظيم الحديث الذي يستحقّه أبناء جيلنا.. 
إن غالبية المؤسسات الحكومية الصحية، تجد لديها أحدث الأجهزة، وبعضها لا زالت غير مستعملة، وبعض المشافي يتم تحويل الكثير من منتجاتها وخبراتها لصالح القطّاع الخاص وإهمال القطاع الحكومي، والمشافي الجامعية بالإضافة لدورها الوطني الخدمي، المفترض أن تكون خلية عملٍ ومراكز بحثٍ علمية جدية، ولا تكاد تخلو مؤسسة تربوية أو تعليمية بالقطاع العام، إلا وفيها مختبرٌ ومكتبةٌ، ولا أظنّ أن المؤسسات التربوية والتعليمية عاجزة عن إنشاء مكتبةٍ الكترونية لدى كل مؤسسة تعليمية تربوية بهدف تشجيع الاطلاع والبحث العلمي والعملي الحقيقي الجدي.. والمؤسسات الوطنية بالتعاون مع الجهات السورية المنتشرة في كل مكان، قادرة على تحقيق الكثير ضمن الإمكانيات المتاحة، بما فيها بناء المدن التي تساهم باستيعاب سكّان المخالفات، وبنفس الوقت استثمارها لصالح الوطن ككل، فتتحوّل المخالفات لمناطق سكينة بطرقٍ عصرية، وكذلك المدن الجديدة تكون كافيةً لاستيعاب العدد الأكبر من أبناء الوطن، وهذه لسنا بعاجزين عنها فقط نحتاج الإرادة الوطنية والإدارة الجدية وتحمّل المسؤولية. 
إن سوريتنا لا سيّما في هذه المرحلة التي هي مرحلة إعادة بناء الإنسان والحجر بآنٍ معاً، تحتاج تضافر الجهود، من أجل السير بخطىً سليمة ومنطقية وجديّة، بالتعاون والتكافل والتضامن، وعندها نستطيع تحقيق المصالح الشخصية والتي هي حقّ كل منا ضمن إطار مصلحة الوطن لا على حساب الوطن وأبنائه، ولنسعَ كل منا لا سيّما القادرين على الابتكار والتطوير والتحديث لما يساهم باستمرار سير سوريتنا في طور الدول المتقدّمة التي كنا نتباهى بها قبل عام 2011 وسنستمر بالفخر لأنّنا أبناءُ شعبٌ حيٌ وحيويٌ، لدينا قيادة سياسية، وجيش صامد ينبعان من صلب هذا الشعب...