الخاشقجي يعترف.. والملك السعودي يعترف .. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

الخاشقجي يعترف.. والملك السعودي يعترف .. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٨

بثت منذ وقتٍ قصير قناة التلفزيون العربي تسجيلا ً كاملا ً للقاءٍ تلفزيوني مسجل مع الكاتب المختفي , المنشور , المقطّع والمُذاب بالأسيد , الحاقد الوهابي الإرهابي "جمال خاشقجي"..! واللقاء يُبث للمرة الأولى كما تحدثت المحطة , ويلاحظ أن اللقاء حديث التسجيل بحسب المعلومات والأحداث التي نوقشت وذكرت فيه ...
ومما يلفت الإنتباه مع بداية الحلقة غياب الإنجازات والصفات أو شهادات الضيف الشخصية أو العلمية , بحيث لم يسطيع مقدم البرنامج أن يقول عن ضيفه سوى أنه "صاحب عدة مقالات هامة" !.. مع أن المشاهدين كانوا ينتظرون سماع سيلا ً من الإنجازات أو براءات الإختراع – الإعلامية, التي جعلت الصحافة بنوعيها الدولي والعربي التي تتحدث عنه منذ لحظة إختفائه الأولى وتصفه  بالكاتب "المرموق".
لقد حمل اللقاء عنوانا ً واحدا ً ألا وهو الحديث عن سورية , وتبين من خلاله أن الكاتب "المرموق" لا يشكل ظاهرة ولا يعتبر نسخة حديثة للسعوديين , ويؤكد لمن تابع اللقاء أنه مجرد شخص ونسخة سعودية تقليدية قديمة لا تزيد ولا تنقص عن أي سعودي اّخر حاقد وجاهل ولا يملك أي فكر أو أي قراءة سياسية , لا بل يبدو ممن يساعدون على تأكيد نظرية الببغاوات واسطوانات العبيد المكررة , ولا يعدو أكثر من عميل يؤمر ويُلقن الكلام والمواقف المراد له أن يقذفها في الإعلام .
فقد تحدث عن الإدارة الأمريكية وصعوبة التركيبة بداخلها , ورأى أن الرئيس ترامب مكبل بفضائحه وببعض المحسوبين عليه , وكان عليه أن يتقدم أكثر في الموضوع والعمق السوري ..  وتحدث الكاتب الضيف بكل سطحية مجيبا ًعن تساؤلات مضيفه , عن الناتو العربي وأهمية وجوده , وتمنى تشكيله رغم صعوبة الأمر .
وفي الكلام المباشر ,, قال الخاشقجي أن الرئيس الأسد يثق بإيران أكثر مما يثق بروسيا , وهي القوة التي اعتمد عليها في طرد وتهجير ثمانية ملايين سوري , وبإجراء التغيير الديموغرافي , وبمنع السوريين من العودة إلى وطنهم من خلال القانون رقم /10/ , ويقول أن الأسد:" ركّز على الأرض وعرف كيف يحتل الأرض" .
وعبّر عن أمنياته في التحالف التركي – السعودي , ورأى فيه بأنه السبيل الوحيد لإنتصار "الثورة" , وأكد أن إخراج إيران من سورية لن يتم إلاّ بالمواجهة المباشرة , وإعتبر أن إسرائيل ليست مستعدة لإرسال جنودها إلى داخل المدن السورية... وتحدث عن تنظيم أحرار الشام وتمنى على تركيا أن تقوم بتنحية وإنهاء دوره , وعبّر عن ثقته وإيمانه بأن الثوار سيفعلون هذا إن أمنّوا ظهرهم.
لقد جاء كلام "المرموق" بعقليته القديمة التي شب عليها في جبال وكهوف أفغانستان حيث أمضى سنوات "جهاده " المتطرف الأول , وأكد أنه يمكن عن طريق دعم الثورة والثوار أن يجعلوا حياة روسيا في سورية صعبة للغاية , وأن أمريكا عرفت كيف تختار منطقة وجودها على الأرض السورية بعناية شديدة وحيث تتوفر الثروة والنفط والمياه ... وامتدح تركيا ودورها الهام , وأكد أن "الثورة لم تنه بعد" , لكنها تعاني "ومن حسن حظها أن لها صديقا ً هو تركيا" .. وأكد أن المرحلة صعبة , وأنه "شعور مؤلم" للثوار أن ينتقلوا إلى المرحلة السياسية , والتعامل مع امتحان يقول أن "الأسد يخطط للبقاء لعشر سنوات قادمة , ويفكر بحكم سوريا كمحتل , لكنه لن يستطيع ذلك".
من الواضح من خلال هذا اللقاء وما هو معروف عن هذا الصحفي العميل , أنه غادر الخندق الوهابي منذ أن همس الأمريكيون في أذنيه وأكدوا له أن الدور والنفوذ السعودي يتراجع ويُهزم وأنه غير قادر على الإنتصار , وأن الخندق الإخواني أقوى وهو الذي سيصل إلى نهاية السباق , فنقل عمله الإستخباري ورقم حسابه المالي من بنك إلى بنك , ومن ضفة إلى ضفة ومن كتف إلى كتف , وعليه رفض الخاشقجي العودة ودعوة بن سلمان و رفض تقديم المساعدة للسعودية بسبب قناعته وشفغه بإنتصار المشروع الديني المتطرف في سورية , وعليه وظف وصبّ جهوده في الخندق الإخواني ,,, بات من المؤكد أنه دفع حياته ثمنا ً لتغيير قناعاته وولاءاته ومصدر رزقه بإيعازٍ أمريكي .
يحق للسوريين أن يفضحوا الدور السيء للكاتب والعميل الإخواني –الوهابي المزدوج , وأن يساهموا بتكثيف الحملة الإعلامية وتسليط الأضواء أكثر فأكثر على وقاحة النظام السعودي وفضح طبيعته الإجرامية , والتأكيد على حقيقة مواطنه كعميل وضيع , والذي تاّمر على دولتهم وتدخل في حياتهم وساهم بسفك دمائهم وخراب وطنهم.
ويبقى السؤال ,لماذا لم يبث التلفزيون العربي هذه الحلقة قبل الاّن والتي يبدو أن تاريخ تسجيلها يسبق موعد إختفائه بأيام وربما بساعات قليلة ؟, الأمر الذي يطرح السؤال وإشارة الإستفهام حول الهدف من تسجيل إتهام "الضحية" المسبق للدولة والرئيس السوري - بما إتهمهم به - , يبدو أن المخطط كان يسير بإتجاه إتهام الإستخبارات السورية بإختفائه وربما بإغتياله , بعدما خلقوا الدافع عبر ما تفوه به من خلال اللقاء , الأمر الذي ينسجم مع دور المحطة ضد الدولة السورية وجعلها منصة ً للخونة ومنبرا ً للتشهير والإساءة للدولة السورية ... 
ومع ساعات الصباح الأولى ليوم السبت 20 /10 /2018 بدأت وكالة الأنباء السعودية ببث الأخبار العاجلة لرواية الملك سلمان الرجل التسعيني الذي بالكاد يستطيع الكلام ليقول أن : "شجارا ً وعراكا ً داخل القنصلية أدى إلى وفاة الخاشقجي" , وتم تقديم الأضاحي والإطاحة بعدد من كبار الضباط والمسؤولين السعوديين وإنهاء مهامهم وعلى راسهم مستشار الديوان الملكي "سعود القحطاني" ونائب مدير المخابرات السعودية "أحمد العسيري" وتكليف ولي العهد بإعادة هيكلية جهاز الإستخبارات السعودي , دون أي حديث عن جثة الكاتب ومصيرها ... ومع رواية الملك الخيالية الناقصة غير المقنعة , نكون أمام ثلاث روايات , الأولى تركية والثانية أمريكية والثالثة سعودية .... ووسط تضارب وتناقض الروايات الثلاثة يبقى من الثابت أن جمال الخاشقجي قد مات مقتولا ً, وتم استثمار الموضوع في عدة إتجاهات ومستويات على طريق إبتزاز المملكة والتحكم بعرشها وحلابة مالها وتقليم ما تبقى من أدوارها في ملف الشمال السوري – كحدٍ أدنى -. 
وبإنتظار إنتهاء التحقيقات التركية وإعتماد رواية واحدة من جميع الأطراف , يبقى من الثابت إعتبار أن الإتصال الهاتفي الذي سبق الإعتراف السعودي بين الملك سلمان والرئيس أردوغان هو فاتحة الاتفاق التركي – السعودي بإتجاه إنهاء الجزء العلني الإعلامي للروايات كافة , والإنتقال إلى مرحلة العمل البعيد عن الشاشات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بموافقة ترامب - الراعي والأب الروحي - لأردوغان والملك .